أحقية التكليف ومسار ما بعد الفخفاخ.. صراع جديد بين الرئاسة والبرلمان التونسي
أثار تقديم رئيس الوزراء التونسيإلياس الفخفاخ أمس استقالته تزامنا مع طرح كتل برلمانية لائحة لسحب الثقة منه ”صراعا“ سياسيا وقانونيا غير مسبوق بين الرئاسة و البرلمان حول مسار ما بعد الفخفاخ و خصوصا حول من يتولى تكليف رئيس الحكومة الجديد في تونس.
لائحة اللوم
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها، إن الفخفاخ قدم استقالته أمس الأربعاء خلال لقائه رئيس الجمهورية في تلميح إلى أن تقديم الاستقالة سابق على تقديم لائحة اللوم، لكن نوابا من الكتل التي طرحت لائحة اللوم طعنوا في قرار تقديم الفخفاخ استقالته، واعتبروا أن الأولوية اليوم للتعاطي مع لائحة اللوم التي طرحوها، ما يفتح الباب أمام صراع قانوني.
و اعتبر رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، أن إيداع لائحة سحب الثقة من رئيس الحكومة طبق المادة 97 من الدستور، يعلق آليا تفعيل أحكام المادة 98 المنظمة للاستقالة الطوعية، والمادة 99 المتعلقة بعرض الحكومة على الثقة بدعوة من رئيس الجمهورية.
وقال مخلوف، وهو محام ونائب من بين الموقعين على اللائحة، إن ”أي حديث آخر هو احتيال على الشعب“ وفق تعبيره، مشيرا إلى أنه ”ينزه رئيس الجمهورية عن الاحتيال على التونسيين أو الدستور“.
احتيال على الدستور
ومن جانبه، قال القيادي بحزب ”قلب تونس“ أسامة الخليفي، في تدوينة على صفحته بـ“فيسبوك“: ”إذا استقال رئيس الحكومة بعد إيداعنا لائحة اللوم فهذا يعتبر محاولة احتيال على الدستور ودليلا إضافيا على أحقية ما ذهبت إليه لجان التحقيق في شبهات تضارب المصالح، وهي حلقة جديدة من حلقات فضيحة الدولة التي تسبب فيها إلياس الفخفاخ“، وفق قوله.
وأشار الخليفي، إلى أن ”الاستقالة بعد تقديم لائحة اللوم، تعتبر أخلاقيا وسياسيا غير سليمة باعتبار وجود دعوات سابقة باستقالة الفخفاخ“، بحسب قوله.
في المقابل، أكد النائب بالبرلمان وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، أن استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ تمت قبل إيداع لائحة سحب الثقة منه في البرلمان، مشيرا إلى ”أن الفخفاخ كان قد أعرب لرئيس الجمهورية وللكتلة الديمقراطية عن استعداده لتقديم الاستقالة منذ فترة“ وفق تعبيره.
لائحة سحب الثقة
وأضاف المغزاوي، أن ”لائحة سحب الثقة من الفخفاخ أصبحت بلا معنى“، مؤكدا أنّ ”الأمور آلت مرة أخرى لرئيس الجمهورية قيس سعيد“، في إشارة إلى أنه هو من سيختار الشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة، وقال إن حركة الشعب ”دفعت نحو ذلك“.
وتابع المغزاوي بلهجة حادة مخاطبا حركة النهضة، أن ”مجلس الشورى يحكم حركة النهضة ولا يحكم تونس ويقرر ما يراه صالحا للحركة وليس لتونس“.
جدل قانوني
وخرج الجدل من سياقه السياسي بين فريق يدفع نحو سحب الثقة وآخر يدافع عن خيار تقديم رئيس الحكومة استقالته، ليشمل خبراء القانون الدستوري الذين قدموا قراءات متباينة للمسألة وإن رجح أغلبهم علوية قرار الاستقالة على مبادرة سحب الثقة.
وقال أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد؛ إن أي مبادرة في اتجاه سحب الثقة من إلياس الفخفاخ في البرلمان ستصبح باطلة دستوريا بعد تقديمه استقالته أمس إلى رئيس الجمهورية.
وأضاف بلعيد في تصريحات نقلتها إذاعة ”موزاييك“ المحلية، أن الفصل الذي يتم تطبيقه في هذه الحالة هو الفصل 89 الذي ينص على أنه ”يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتشكيل حكومة جديدة وفي الأثناء تبقى الحكومة المستقيلة حكومة تصريف أعمال فقط إلى حين مصادقة البرلمان على الحكومة الجديدة“.
من جانبه، أكد القاضي أحمد صواب، أن الأولوية لاستقالة الحكومة على حساب لائحة سحب الثقة والتعاطي مع تبعاتها.
لكن أستاذ القانون الدستوري شاكر الحوكي بنى مقاربته على فرضية أن رئيس الجمهورية هو الذي طلب من الفخفاخ تقديم استقالته، معتبرا ”أن ذلك لا يعد خرقا للدستور بل انحرافا عنه“، وقال إنه كان على رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أن يقدم استقالته طوعا، وفق تأكيده.
و اعتبر الحوكي، أن ”رئيس الجمهورية استعاد خيوط اللعبة السياسية وهو الذي سيحدد الشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة في المرحلة القادمة“، الأمر الذي يبدو أقرب إلى الحصول عمليا بعيدا عن التأويلات التي تم تقديمها.