رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى وقوعها.. لماذا كتبت معركة العُقاب نهاية حكم المسلمين في الأندلس

معركة العُقاب
معركة العُقاب

تحل اليوم الخميس الموافق 16 يوليو الجاري، ذكرى وقوع معركة "العُقاب"، حيث حدثت في مثل هذا اليوم من عام 1212م، الموافق 609ھ.


طرفا المعركة
وقعت معركة العقاب بين كل من دولة الموحدين بقيادة السلطان محمد الناصر والتي كانت تحكم أملاك ومدن المسلمين في الأندلس، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من شمال أفريقيا والمغرب العربي، وقوات كل من الملك ألفونسو الثامن ملك قشتالة، وسانشو السابع ملك نافارا، وألفونسو الثاني ملك البرتغال، وبيدرو الثاني ملك أراجون، حيث تجمعت تلك الممالك في شمال الأندلس للاستيلاء على أراضي العرب المسلمين في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية.  

 

أسبابها 
كان لهزيمة الملك القشتالي ألفونسو الثامن في معركة الأرك التي وقعت عام 1195م بينه وبين دولة الموحدين، الأثر الكبير في توطيد حكم المسلمين في الأندلس وتوسعة أراضيهم فيها، فقد تم استرجاع كل من مدن تروخلو، وبلاسينسيا وكوينكا وقلعة رباح وبينافينتي، والعديد من المدن والقلاع الأخرى. 


وأخذ ألفونسو الثامن يستعد للانتقام على الرغم من أنه اضطر إلى عقد هدنة مع الموحدين بعد معركة الأرك، حيث استغل ألفونسو الهدنة في تحصين مملكته وكذلك في تأليب بقية مسيحيي أوروبا ضد المسلمين فقد استطاع أن يجلب ود منافسيه السياسيين في أيبيريا من ملوك البرتغال ونافارة وأراجون. 


نقض ألفونسو الهدنة عام 1209 م بقيامه باقتحام حصن رباح في وسط الأندلس وأغار على جيان وبياسة، وأجزاء من مرسية، الأمر الذي جعل السلطان محمد الناصر يعلن الجهاد ويأمر بتجهيز الجيوش لإيقاف المد الصليبي ويذكر بعض المؤرخين المسلمين أن تعداد جيش المسلمين وصل 300 ألف مقاتل، فيما قال آخرون أن عدد الجيش وصل 500 ألف مقاتل (نصف مليون) نتيجة كثرة عدد المتطوعين. 

 

أرض المعركة 
وقعت معركة العقاب في واد يسميه الإسبان نافاس قرب بلدة تولوسا وهذا سبب تسميتها بمعركة "لاس نافاس دي تولوسا"، ووقعت كذلك قرب حصن أموي قديم يسمى العُقاب، ولذلك تسمى في التاريخ العربي باسم معركة العقاب أو معركة حصن العقاب.

 

أحداثها 
التحم الجيشان وفي بادئ الأمر قاومت مقدمة الجيش الإسلامي المؤلفة من المتطوعين المغاربة وصدر الجيش المكون من الجيش النظامي الموحدي، فرسان التحالف المسيحي مقاومة شرسة حتى بدأت قوات المسيحيين بالتراجع وظهرت عليهم أمارات الخوف.


في ذلك الوقت استشار ألفونسو قادة جيشه وكبار دولته فأشاروا عليه بمحاولة حصار الجيش الإسلامي، فانطلق جناحا الجيش الأوروبي المكون من قوات نافارة وأراجون وطوقوا جيش محمد الناصر، الأمر الذي أدى إلى اضطراب الجيش وانسحاب جناحاه من أرض المعركة.


بعد ذلك اقتحم الأوروبيون الجيش الإسلامي وقتلوا أغلب من فيه وانسحب من استطاع أن ينسحب إلى بلاد المغرب وكان منهم السلطان محمد الناصر ومن بقي من الجند. 

 

نهاية المسلمين في الأندلس
قضى في المعركة على أغلب جيش الموحدين، كما فر الباقي باتجاه شمال أفريقيا، وأثرت المعركة في دولة الموحدين تأثيرا كبيرا جعلهم يفقدون السيطرة على من ما تبقى من جيشهم وأصبحوا على مرمى نيران الثورات المحلية في شمال أفريقيا. 


وفرغت مدن وحصون المسلمين في الأندلس من القوات المنظمة، مما سنح بتقدم القوات الاوروبية بقيادة ألفونسو الثامن، عقب معركة العقاب مباشرة، تجاه حصن مدينة أوبيدا واستردوا الحصن والمدينة وقتلوا 60 ألفا من أهلها.


وانطلق من بعده، الملك فريديناند الثالث ملك قشتالة الجديد، باتجاه قرطبة واحتلها عام 1236، وسقطت جيان عام 1246، وإشبيلية عام 1248، ثم سقطت كل من آركوس وقادس وصيدا الأندلسية، وكان فريديناند الثالث بعد هذه الانتصارات يطمح إلى عبور مضيق جبل طارق، وضرب دولة الموحدين في عقر دارها في المغرب العربي، إذ كانت تعاني من الانقسامات والثورات، ولم يمنع فريديناند من التقدم سوى موته في إشبيلية عام 1252.


وعلى جبهة أخرى وتزامنا مع ما حققه ملك قشتالة، قام ملك أراجون وكونت برشلونة جيمس الأول بالتوسع في مملكته فقام باحتلال جزر الباليار بين عامي 1228 و1232، ومدينة بلنسية عام 1238.


وبعد كل هذه الانكسارات للمسلمين في الأندلس، لم يتبق لهم سوى مملكة غرناطة التي صمدت خلف حصونها المنيعة وبقي بنو الأحمر يحكموها حتى عام 1492.


و بعد سقوط دولة الموحدين في الأندلس على يد الممالك، وسقوط معظم أجزائها في أفريقيا على يد القوى المحلية، قامت دولة المرينيون على أراضي دولة الموحدين وقاموا بعدة معارك في بلاد الأندلس ولكنهم لم يحققوا نصرا يذكر. 

الجريدة الرسمية