رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: ثروت أباظة باشا الأدباء

أنيس منصور
أنيس منصور

رجل شجاع فصيح بليغ هدفه الصدق والحقيقة، أسلوبه الأدب وأمله الشرف، هو الكاتب الأديب ثروت أباظة الذى ولد فى مثل هذا اليوم 15 يوليو عام 1927 ورحل عام 2002 وكتب الكاتب الصحفى أنيس منصور فى جريدة الشرق الأوسط مقالا عنه ويقول فيه.

 

رغم اشتغال ثروت أباظة بالصحافة إلا أنه عمل بشروطه هو فكان قوى العبارة متين البناء، وقدم إلى الأقلام عبارات القدماء التى لم يعد أحد يستخدمها بهذه القوة والجمال حرصا منه على إحياء القديم الأنيق فى لغتنا البديعة، وكثيرا ما كان يستدعى شعراء قدامى لمعنى جديد، فأسعفه الشعراء والبلغاء.

 

ولم يكن استعراضا لكنوزه الأدبية واللغوية والفقهية والقانونية.. وإنما هى قدرته على أن يوظف الماضى فى خدمة الحاضر، ولم يكف عن نقد فلول الناصرية والشيوعية، وعلى الرغم من أن الشيوعية قد تلاشت من الدنيا فلا زال ذيول وبؤر سامة فى مصر.


فلم يكن كاتبنا الكبير ثروت أباظة ضيق الأفق أو متعصبا ضد الشيوعيين أو الناصريين أو "الهجاصين ".. وإنما كان ضد القيود وضد التعصب وضد الكذب، وكلها صفاتهم.

 

أنيس منصور يكتب: لا محبة إلا بعد عداوة

 
وكما كان ثروت أباظة غيورا على الفن والصدق والجمال كان غيورا على الإسلام ودينه، ولم يغفل لحظة واحدة عن المتربصين بالإسلام باسم الإسلام أيضا.


وكان ثروت أباظة منضبطا برغم مرضه الثقيل عليه وعلينا فلم يتخلف عن جلسات مجلس الشورى إلا نادرا، وكنا نشفق عليه داخلا خارجا لكنه قرر أن يمشى على قدميه إلى قبره فلم ينتظر النهاية وإنما كان إذا أحس بدنوها اتجه إليها، فما أقرب الألم لصاحب القلم.


والذين لم يعرفوا ثروت أباظة إلا أخيرا، لم يدركوا فيه المرح والنكتة والحكايات التاريخية وميلاد أكثر الأدباء والفنانين فى بيت أبيه الأديب دسوقى باشا أباظة، ولاعرفوا ولائم العدس الأباظى، ولا كيف احتفل بأول مكافأة عن أول قصة نشرتها له فى مجلة الجيل عام 1961، أما الأجر فكان خمسة جنيهات وأصر على أن يتقاضاه، وأقام وليمة تكلفت مئات الجنيهات. فالفلوس لا تهم ولكن المكافأة عن العمل الجميل المنشور هى التى تهم كثيرا.


مات باشا الأدباء وفارس الصدق وعابد الجمال.

الجريدة الرسمية