جمهورية الفوضى.. التنمية المحلية في مواجهة "أباطرة العقارات" .. منح المخالفين مهلة لتقنين الأوضاع.. ووقف تراخيص البناء
الأيام القليلة الماضية شهدت "غضبًا رئاسيًا" من إرث فساد المحليات المستشرى في ربوع مصر، من أقصاها إلى أقصاها، والمتمثل في البناء المخالف الذي أفسد وجه القاهرة الكبرى، وأصاب شوارعها بالشلل المرورى، ونشر القبح في عموم المحافظات.
جمهورية الفوضى
جمهورية الفوضى التي دشنها موظفو المحليات منذ سنوات طويلة، تحت عناية "التجاهل الرسمى"، ورعاية "التغافل الحكومى"، كانت ولا تزال أشد بأسًا من الحكومات المتعاقبة.
للفساد في مصر أربابٌ تحميه، وآلهة تحرسه وتقوم على رعايته، ويظهر ذلك في حالات المخالفات التي تضرب كل ميدان وكل شارع وكل حارة في مصر.
غضبة الرئيس الأخيرة التي أظهرها خلال افتتاحه مجموعة من المشروعات القومية، تؤكد أن السيل قد بلغ الزبى، وأن الرتق اتسع على الراقع.
القرارات الحكومية "المسالمة" لم تتمكن من كبح جماح الزحف العشوائى الأفقى والرأسى الذي خنق العاصمة على سكانها، واستولى على أراضى الدولة، وأتلف الرقعة الزراعية، ودمر كل شئ، لذا جاءت التوجيهات الرئاسية قوية وعنيفة وحازمة، لمواجهة كل صور الفوضى التي تمت ونمت وترعرعت تحت سمع وبصر المحافظين ورؤساء الأحياء وشبكات المصالح التي تستطيع شراء الذمم والضمائر وتحتكرهما. أرقام المخالفات مليونية وكاشفة عن الصولجان والنفوذ الذي بلغته جمهورية الفوضى، في سابق الأيام والسنين.
وأمام هذه التوجيهات، والتصعيد في عقوبة المخالفين، ابتلع الجميع ألسنتهم، وبدأت الحكومة تنفيذ أكبر حركة إزالات في تاريخ مصر، ولكنها لن تشمل جميع المخالفات بكل تأكيد لأسباب كثيرة لا تخفى على أحد، ولكن أن تأتى متأخرًا خيرٌ من ألا تأتى أبدًا. الغضب الرئاسي على جمهورية الفوضى في حد ذاته مؤشر جيد للعودة إلى جمهورية الانضباط والالتزام، شريطة غلق جميع الأبواب والنوافذ الخلفية التي تكسر هيبة القانون ووقار الدولة، وألا يدفع الفاتورة دائمًا الغلابة والمخدوعون وصغار القوم!!
السوق العقاري
فوضى البناء تحوى بين طياتها كافة أشكال العشوائية في العمران، فتتضمن العقارات التي تم بناؤها بدون ترخيص، والعقارات التي بنيت على أراضى الدولة، والعقارات قيد التصالح وفقا لقانون التصالح مع مخالفات البناء، والعقارات المبنية على الطوب الأحمر والتي لم يتم طلاؤها مما يشوه المنظر العام.
وخلال الفترة الأخيرة اتخذت الحكومة العديد من القرارات من أجل وقف فوضى البناء، كصدور قرار منذ أكثر من عام ونصف بطلاء واجهة العقارات على أن تقوم كل محافظة بتحديد اللون المتناسب مع طبيعتها.
كما أصدرت قرارات بوقف تراخيص البناء في القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات لمدة 6 أشهر وذلك لمراجعة تراخيص البناء والتأكد من توافر الاشتراطات البنائية، كما تم صدور قانون التصالح مع مخالفات البناء وتم تحديد عدة معايير للتصالح.
طلاء المنازل
الدكتور خالد قاسم المتحدث الرسمى باسم وزارة التنمية المحلية ومستشار الوزير للعلوم والمعرفة، أكد أن الوزارة أرسلت للمحافظات كتابا دوريا منذ صدور قرار طلاء واجهة العقارات، وذلك بعد أن أصاب الشوارع القبح وفقدت الجمال، وبالفعل كان هناك استجابة من بعض أصحاب العقارات للقرار فور صدوره، على سبيل المثال العقارات المتواجدة على الطريق الدائرى والمحاور الرئيسية.
وأضاف قاسم، أنه وفقا لقرار رئيس الوزراء في الاجتماع الأخير فسوف يتم منح مهلة أخيرة لأصحاب العقارات 3 أشهر، لطلاء واجهة العقارات باللون الذي حددته المحافظة، على أن يتم قطع المرافق " مياه، كهرباء" عن العقارات التي لم تلتزم بتنفيذ القرار فضلا عن عدم توصيل المرافق للعقارات الجديدة إلا بعد طلاء الواجهات، مشيرا إلى أن هناك متابعة يومية مع المحافظات لمتابعة تنفيذ القرار، ومدى الاستجابة له، على أن يتم قطع المرافق بعد انقضاء المهلة وسيتم أيضا متابعة قطع المرافق بعد انتهاء المهلة، بتقارير يومية تتلقها غرفة العمليات من كافة المحافظات.
المخالفات
وأشار قاسم إلى أنه بخصوص العقارات المخالفة والمبنية على أملاك الدولة، فهناك حملات يومية يتم شنها بالمحافظات، ويتم إرسال تقرير يومى إلى مجلس الوزراء بنتائج هذه الحملات، لافتا إلى أنه لا تهاون في أملاك الدولة، مؤكدا أنه خلال الفترة الماضية تم إحالة أكثر من 16 ألف مخالفة إلى النيابة العسكرية.
موضحا أن هذه المخالفات التي تمت أثناء فترة الحظر وقال المتحدث الرسمى باسم الوزارة إنه بخصوص قرار وقف التراخيص، فهناك لجان تفتيشية بكل محافظة تقوم بجولات مفاجئة من أجل التأكد من التزام الجميع بالقرار، هذا بالإضافة إلى اللجان التفتيشية للوزارة والتي تقوم بجولات في كافة المحافظات للتأكد من تنفيذ القرار ومدى متابعة القيادات التنفيذية في كل محافظة بتنفيذ القرارات.
لجان تفتيش
وأكد قاسم أن متابعة تنفيذ القرارات من أهم عوامل نجاحها، لذلك يقوم اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية بمتابعة التنفيذ مع المحافظين بشكل يومى، بجانب التقرير اليومى الذي يرد إلى غرفة العمليات، ولجان الوزارة التي تتابع بنفسها والتي تقوم بإعداد تقرير شامل عن مدى تنفيذ القرار وحال وجود أي تقاعس يتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية وإحالة المتقاعس للتحقيق.
وتابع: إن الوزير أرسل خطابا إلى كافة المحافظين للتشديد على عدم تحصيل أي رسوم في طلبات التصالح على مخالفات البناء سوى الذي حددها القانون، لافتا إلى أن رئيس الوزراء قرر في الاجتماع الأخير بأن يقوم الراغب في التصالح بدفع مبلغ من إجمالى تكلفة المبلغ المقرر للتصالح للتأكد من جدية صاحب الطلب.
مشيرا إلى أن الذي لم يقوم بدفع جزء من المبلغ لن يلتف إلى طلبه، موضحا أن الحكومة منحت الكثير من المهل لتقنين الأوضاع ولتنفيذ القرارات وسيتم تطبيق القانون بكل حزم وحسم بعد انتهاء هذه المهلة.
نقلًا عن العدد الورقي...