في ذكرى اغتياله.. تعرف على قصة مقتل عباس الأول حاكم مصر
تحل اليوم 13 يوليو الجاري، ذكرى مقتل والي مصر عباس باشا حفيد محمد علي، حيث تم اغتياله في مثل هذا اليوم من عام 1854م، وكان قد تولى الحكم خلفا لإبراهيم باشا منذ عام 1848.
واتفقت الروايات على أن عباس مات مقتولا في قصره ببنها، وهذا أمر مقطوع بصحته ولكن الخلاف في رواية مقتله، فإن قتل عباس كان نتيجة مؤامرة من مؤامرات القصور، وهذه المؤامرات لا يسهل الاتفاق على روايتها لما يكتنفها من أسرار.
ووفقا لما ذكره المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه "عصر إسماعيل ج1"، فإنه لدينا في مقتل عباس روايتان إحداهما ذكرها إسماعيل باشا سرهنك في كتابه "حقائق الأخبار عن دول البحار.. الجزء الثاني"، والأخرى ذكرتها مدام أولمب إداور كما سمعتها في مصر في أوائل عهد إسماعيل ودونتها في كتابها "كشف الستار عن أسرار مصر".
ووفقا لرواية إسماعيل باشا سرهنك فإن عباس كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه ويصطفيهم، ويتخذ منهم خواص خدمه ويغدق عليهم الرتب العسكرية العالية على غير كفاءة يستحقونها، حتى حاز أكثرهم رتبة قائم مقام، وكان له كبير من خاصة غلمانه يسمى "خليل درويش بك" وعرف فيما بعد باسم "حسن بك الصغير"، وقد أساء هذا الرئيس معاملة أولئك المماليك، فاستطالوا عليه بالغمز واللمز فسخط عليهم وشكاهم إلى مولاه "عباس"، فأمر بجلدهم وجردوا من ثيابهم العسكرية، وأرسلهم إلى اصطبلات لخدمة الخيل.
ويتابع عبد الرحمن الرافعي في كتابه: "عز ذلك على مصطفى باشا أمين خزانة عباس، لأنهم كانوا من أتباعه المقربين فسعي بجهده لدي عباس ليعفو عنهم وبعد محاولات أصدر أمرا بالعفو عنهم وردهم إلى مناصبهم فجاؤا إلى بنها ليرفعوا واجب الشكر للأمير ولكنهم اضمروا الفتك به انتقاما لما وقع بهم، فائتمروا به مع غلامين آخرين من خدم السراي، يدعى أحدهما عمر وصفي، والآخر شاكر حسين، واتفق الجميع على قتله".
ويوضح: "كان من عادة عباس عند نومه أن يقوم على حراسته غلامان من مماليكه، وكان الغلامان المذكوران (وصفي وشاكر حسين) يتوليان حراسته، فجاء المؤتمرون في غسق الليل على اتفاقهم معهم، وفتحا لهم الباب فدخلوا غرفة الامير وهو نائم ولما أرادوا الفتك به استيقظ، وحاول النجاة فصده عمر وصفي وتكاثر عليه المتآمرون وقتلوه ثم اوعزوا للغلامين بالهرب فهربا".
وعن الرواية الأخري في مقتل عباس باشا، والخاصة بما ذكرته مدام أولمب إداور في كتابها "كشف الستار عن أسرار مصر"، فتقول بأن الأميرة نازلي هانم، عمة عباس باشا، هي التي ائتمرت به وهي في الاستانة وكلفت مملوكين من أتباعها لقتله واتفقت معهم على أن يعرضا أنفسهم في سوق الرقيق بالقاهرة، كي يشتريهما عباس ويدخلهما في خدمته، وبالفعل رآهما يوما وكيل الأمير فاشتراهما وأدخلهم سراي مولاه في بنها.
وأعجب بهما عباس باشا وعهد إليهما بحراسته ليلا، وتقول مدام أولمب إداور: "فلما كانت الليلة الأولى لم يجرؤ المملوكان على ارتكاب القتل لأنهما خشيا بأس عباس، فانقضت الليلة الأولى بسلام، ومرت أيام عدة حتى جاءت نوبة حراستهما الثانية لمولاهم عباس فلم يكد يستغرق في النوم حتى انقضا عليه وقتلاه، ولم يدعا له الوقت ليصيح أو يقاوم".
وتتابع: "ولما ارتكبا الجريمة نزلا إلى اصطبلات الخيل الملحقة بالسراي وطلبا من السائس أن يجهز لهما جوادين بحجة أن الباشا يطلب حاجة له من قصره بالعباسية، فلم يشك الخادم في الأمر وجهز لهما الحوادين فسارا بهما عدوا إلى القاهرة ومن هناك فرا إلى الآستانة".
ومن هنا نجد أن الروايتين ومع اختلافهما في بيان المحرضين على القتل وطريقة ارتكاب الجريمة إلا انهما متفقتان في ان عباس باشا، مات مقتولا إثر مؤامرة نفذت في قصره ببنها.