رئيس التحرير
عصام كامل

القضاء الإداري: يجوز للموكل إلغاء توكيله بالشهر العقارى بالإرادة المنفردة

مجلس الدولة
مجلس الدولة
قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلزام الشهر العقارى بإلغاء التوكيل الرسمى العام الصادر لصالح المدعى الأول، من غير وجود الطرف الثانى، وأكدت المحكمة على جواز إلغاء التوكيل العام الرسمى الشامل بالإرادة المنفردة.


صدر الحكم برئاسة المستشار فتحى توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشار إبراهيم عبد الغنى وحامد محمود المورالى نائبا رئيس مجلس الدولة.

وذكرت المحكمة فى أسباب حكمها، أن الوكالة عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل أن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل، وهى فى الأصل من عقود التراضى التى تتم بمجرد أن يتبادل طرفًا التعبير عن إرادتين متطابقتين ما لم يكن التصرف القانونى محل الوكالة شكليًا، والوكالة قد تكون عامة، وهى لا تصلح إلا لمزاولة الوكيل أعمال الإدارة فقط نيابة عن الموكل، وقد تكون خاصة وهذه لا بد من توافرها لقيام الوكيل بأعمال التصرف شريطة أن تتضمن تحديد أنواع التصرفات التى يجوز للوكيل مباشرتها ومحل هذه التصرفات إذا كان التصرف من قبيل التبرع.

وتابعت المحكمة، أن الأصل فى الوكالة تنتهى بإتمام العمل محل الوكالة أو انقضاء أجلها أو وفاة أحد طرفيها غير أن هذا الأصل ليس من النظام العام فيجوز لطرفيها الاتفاق على ما يخالفه كاستمرارها حتى مع وفاة الموكل ففى هذه الحالة لا تنتهى الوكالة بموت الموكل بل يلتزم بها ورثته فى حدود التركة، وكذلك الأمر إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير أو إذا كان من طبيعتها ألا تبدأ إلا عند وفاة الموكل كالتوكيل فى سداد دين من التركة أو نشر مذكرات، وبالنظر إلى أن الأصل فى الوكالة أنها تصدر لصالح الموكل فقد قيل بعدم جواز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة لصالحة أو لصالح الغير إلا برضاء من كانت الوكالة فى صالحه، وفى هذه الحالة فإن عزل الوكيل لا يكون صحيحًا ولا يجوز عزله بل تبقى وكالته قائمة بالرغم من عزله وينصرف أثر تصرفه إلى الموكل.

وأوضحت المحكمة، أنه فى مجال تفسير عقود الوكالة التى تتضمن حقوقا للوكيل أو الغير، فإنه إما تكون الوكالة صريحة بأن تورد عبارات بعدم جواز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين أو فى حضور الوكيل أو عدم إلغائها نهائيا أو باستمرارها حتى بعد وفاة الموكل لتعلقها بحقوق التركة، ولا تثور مشكلة فى هذا الخصوص لوضوح عبارات التوكيل، أما التوكيل الذى لا يتضمن هذه العبارات ويكتفى بحق الموكل فى البيع لنفسه وللغير فإنه من ثم يتعين الوقوف على الإرادة الحقيقية لأطراف العقد.

ففى العقود الخاصة التى تتضمن تصرفات محددة كبيع أو التصرف فى عقار أو منقول معين بالذات بأى من التصرفات الناقلة للملكية لا تثور ثمة مشكلة كذلك وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض فى الطعن رقم ١٢٧٧ لسنة ٧١ قضائية بجلسة 16/5/2012 من أن "ثبوت توكيل المطعون ضده الأول المطعون ضده الثانى فى بيع حصته الشائعة فى العقار محل النزاع. وكالة غير قبالة للإلغاء إلا بحضور الطرفين وتوقيع الأخير على عقد البيع بصفته وكيلًا عن الأول وتوقيع الطاعن على العقد. مؤداه. عدم اجتماع صفة البائع والمشترى فى شخص المطعون ضده الثانى وكيل المطعون ضده الأول. استقلال المطعون ضده الأول بإلغاء الوكالة بإرادته المنفردة لا أثر له"

وأشارت المحكمة، أنه بخصوص التوكيل العام الرسمى العام الشامل لكافة أنواع التصرفات فإنه يتعين أن تكون عباراته صريحة فى عدم جواز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين، أما لو تضمن التوكيل جواز بيع الوكيل لنفسه والغير فإنه لا يجوز اعتبار ذلك النص يرتب حقا لصالح الوكيل إذ لم ينصب على عقار أو منقول محدد بالنوع أو بالذات، والقول بغير ذلك يخالف نص المادة 108 من القانون المدنى سالفة البيان، فيما نصت عليه من أنه "لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أو لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل" والترخيص فى تفسير هذا النص يجب أن يكون محددا وواضحا وصريحا على النحو السالف بيانه.

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ حرر المدعى توكيلا رسميا شاملا (عام + بنوك) لزوجته قبل إقامتها دعوى خلع ـ المدعى عليها الأولى ـ وفى غضون عام تقدم بطلب لإلغاء التوكيل المشار إليه فرفضت الجهة الإدارية إلغاءه لأنه يتضمن مصلحة للوكيل استنادا إلى ما ورد بسند الوكالة المشار إليه أنه تضمن فى البند ثالثا منه تحت عنوان "أعمال التصرف " بأنه " أي الموكل " وكله " أي الوكيل " فى البيع لنفسه وللغير، وإذ لم يحدد التوكيل عقارا أو منقولا على النحو السالف بيانه يقع عليه التصرف، فإنه من ثم لا يمكن اعتبار المشار إليها مقررة لصالح الوكيل أو الغير، وبالتالى يجوز طلب إلغاؤها بالإرادة المنفردة للموكل، الأمر الذى يكون معه امتناع مصلحة الشهر العقارى والتوثيق الاستجابة لطلب المدعى بإلغاء التوكيل المشار إليه بإرادته المنفردة غير قائم على سبب صحيح من القانون، ويغدو تصرفها قرارا سلبيا واجب الإلغاء.

الجريدة الرسمية