في انتظار الفرج .. مربعات عم سميح تؤنسه في غياب نجله الأسير الفلسطيني
في مساء ليلة السابع والعشرين من رمضان قبل 16 عاما ، كانت عائلة الحاج سميح قعدان صاحب الـ 77 عاما، تستعد للتجمع على حفل إفطار عائلي وسط سعادة الأب والأم وزوجات الأبناء، فى ساحة منزل العائلة كان الرجل السبعيني يجلس على أريكته يقرأ ما تيسر من آيات القرآن قبيل آذان المغرب، بينما كانت زوجته وزوجات أبنائه مشغولات بتحضير الطعام حتى جائهم الخبر: "تم اعتقال الابن الأصغر عبدالروؤف وهو في طريقه إلى البيت من قبل سلطات الاحتلال".
قضت سلطات
الاحتلال الإسرائيلي بالسجن 16 عاما ، على الشاب الصغير صاحب الـ25 عاما أنذاك، في
البداية لم يجرؤ احد على إخبار الام بما حدث، اخفوا الامر عنها خوفا من إصابته بوعكة صحية تودي
بحياتها، يقول الحاج سميح والد الأسير عبدالرؤوف قعدان: "والدته الله يرحمها كانت مريضة ، حاولنا نخفي
عنها الامر ولكنها شعرت بذلك و قالت لنا ايش عبد الرؤوف اعتقل وسقطت مغشية عليها، نقلناها
الي المستسفى في غيبوبة و الحمد لله ربنا لطف بنا وشفاها ولكن بقى الحزن في قلبها حتى
ولادة ابنه سمير و كم تمنت ان تحضن ابنها قبل وفاتها و لكن توفت بعد ١٢ سنة من اعتقال
عبد الرؤوف".
كان عبدالرؤوف
زوجا جديد، وزوجته حامل في نجله الأول الذي لم يحظى برؤيته واحتضانه ولم يستطع أن
يكون بجوار والدته أثناء ولادته، فكان اللقاء الأول قاتلا تقف الأم محتضنة نجلها
وأبيه خلف الأسوار غير قادر على أن يضم ابنه إلى صدره ويطمئنه.
يقول الحاج
سميح عن تلك اللحظة: "كان دائم اللسؤال عن زوجته ونجله الذي لم
يأتي إلى الحياة بعد، الاسرى لهم زيارة
كل شهرين مرة، اخبرناه اثناء احدى الزيارات بقدوم طفله الأول، و قد بكى كثيرا فرحة و حزنا، فرحة لان الله رزقه
بمولود ،وحزنا لأنه لم يكن موجود ليراه، الزيارة التي بعد الولادة رأى ابنه وهو صغير
بين راحتي والدته، لم يستطيع ان يحضنه فكان يوم حزين لكل الاسرى و الاهالي لرؤيتهم
لعبد الرؤوف و هو يبكي بشدة لانه خلف القضبان، ابنه امامه ولا يستطيع ان يحمله.. تلك لحظة قاسية أصعب من ظلام السجون وظلم
السجان".
لم تكن تلك
اللحظة الحزينة الوحيدة التي مر بها "عبدالرؤوف" وهو في الأسر فكان خبر
وفاة والدته أكثر شدة وإيلاما: "لم استطع اخباره وحدي، اصطحبت معي أشقاءه وهم
من اخبروه فكان شديد الحزن وبي بصوت عال كأنه طفل، وأنا لم استطع تحمل المشهد، لم
ارى نجلي يضعف أما الجلادين وسلطات الاحتلال ورأيته ييضعف وينكمش على ذاته وينوح
مثل الأطفال لوداع والدته دون أن يقبل رأسها وان يسير في تشييع جثمانها".
طفله الأن بلغ الخامسة عشر، يزور والده بشكل
دوري في سجون الاحتلال، سمح له بضمه والده خمس مرات فقط، لم يستطبع ان يسمع منه نصائح
الطفولة والشباب، كبر الطفل وفي داخله تساؤل لماذ سجن والدي؟
مثلما يشتاق نجل عبدالرؤوف لابيه، يشتاق الجد
سميح لضم نجله بعد غياب 15 عاما، وإذ به بعد أن صلى الفجر وجالسا يفكر في نجله
الذي بقي على خروجه سنة كاملة كيف يحسب الأيام واحدا تلو الآخر فكانت الفكرة في
إنشاء مربعات لعدد ايام السنة يتم ضطب اليوم الذي ينقضي: "المربعات كنوع من التفاؤل كل يوم ينقضي منها اشعر بقرب الافراج عن مهجة قلبي
باذن الله، قضي عبدالرؤوف من حكمه ١٥ سنة و ٨ شهور حتى يومنا، اقوم بشطب كل يوم من الرزمان، اليوم تبقى له
في المعتقل ١١٩ يوم و ان شاء الله الفرج قريب".
فات الكثير
ولم يتبقى سوى ايام على عودة الابن إلى حضن ابيه وزوجته ونجله الذي غاب عن طفولته
ومراهقته لسنوات طوال.
اظهار ألبوم ليست اظهار ألبوم ليست اظهار ألبوم ليست