"آيا صوفيا" .. قصة متحف يستغله أردوغان لتحقيق مكاسب سياسية
مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة تحويل متحف "آيا صوفيا" إلى مسجد على خلفية صدور قرار قضائي، توالت التصريحات الدولية المنددة بهذه الخطوة.
ويري المحللون والمراقبون أن هذه الخطوة
تأتي في إطار سعي أردوغان للضغط على
أوروبا وكسب تأييد وتعاطف
شعبي من جهة أخرى.
آيا صوفيا
هو مبني تاريخي شهير ، في بدايته كان كاتدرائية أرثوذكسية، إلا أنها
تحولت إلى مسجد على يد السلطان العثماني محمد الفاتح، ومن ثم إلى متحف ديني عام
1935، ثم وافقت المحكمة على قرار إعادة التحويل إلى مسجد مرة أخرى اليوم الجمعة
الموافق 10 يوليو 2020.
ما يعني أن المبنى كان علي مدار 916 عام كاتدرائية، ولمدة 481 عاما مسجدا، ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، ثم عاد مجددا ليكون مسجدا.
ويقع الصرح التاريخي في مدينة إسطنبول، ويعد من أبرز الأمثلة على العمارة البيزنطية والزخرفة العثمانية.
قصة "آيا صوفيا"
بدأ الإمبراطور جستينيان في بناء هذه
الكنيسة عام 532م، واستغرق بنائها حوالي خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام
537م، ولم يشأ جستينيان أن يبني كنيسة على الطراز المألوف في زمانه بل كان دائما
يميل إلى ابتكار الأشياء الجديدة، فكلف المهندسين المعماريين ببناء هذا الصرح الديني الضخم.
وكان المبني يستخدم كمركز للدين
المسيحي لفترة طويلة حتى دخول الدين الإسلامي عام 1453م للقسطنطينية، وكان آنذاك
لا يوجد للمسلمين في المدينة أي مساجد ليصلوا فيها الجمعة التي تلت الفتح، ولم يسعف
الوقت في تشييد مسجد جديد في هذه المدة الزمنية الضئيلة، ما دفع السلطان محمد الفاتح
لتحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، ثم بعد ذلك قام بشرائها بالمال، وأمر كذلك
بتغطية رسومات الموزائيك الموجودة بداخلها ولم يأمر بإزالتها حفاظًا على مشاعر
المسيحين، وما زالت الرسومات موجودة بداخلها إلى الآن.
وقام السلطان محمد الفاتح بأداء أول
صلاة فيها وهي ركعتين شكرا لله على هذا الفتح، ثم أضاف لها المآذن الأربعة حولها، والتي تعتبر مآذن إسطوانية الشكل ذات قمة مخروطية والتي أضافت إلى هذا
المكان وزادته رونقا وجمالا ولم تؤثر على عمارته البيزنطية.
وظلت أيا صوفيا مسجداً حتى بداية القرن
العشرين حيث قام "أتاتورك" بتحويل المبنى إلى متحف.
مكاسب سياسية
يري المحللون والمراقبون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول
استغلال الترحيب والتأييد الشعبي في تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية.
بالأضافة إلي محاولة الرئيس التركي استكمال سلسلة محاولاته للضغط علي
أوروبا، والتأكيد علي استقلالية القرار، والسيادة التركية.
تنديدات دولية
انتقدت الحكومة اليونانية قرار السلطات
التركية إعادة تحويل معلم "آيا صوفيا" التاريخي في إسطنبول إلى مسجد.
وقالت وزيرة الثقافة اليونانية لينا
ميندوني، إن هذا القرار ناجم عن الإرادة السياسية الشخصية للرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، واصفة هذا القرار بالـ "استفزاز السافر بحق العالم المتحضر بأسره
والذي يعترف بالقيمة الاستثنائية والطابع المسكوني لهذا المعلم الأثري".
فيما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية بأن
الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل جراء قرار أنقرة تحويل معلم آيا صوفيا إلى مسجد.
وأكدت: "نحن مدركون لحقيقة أن
الحكومة التركية ستلتزم بإتاحة آيا صوفيا لجميع الزائرين، ونتطلع لسماع خطط أنقرة
بشأن إشرافها المستمر على آيا صوفيا، بما يضمن إمكانية أن يزور الجميع المكان من
دون عائق".