رئيس التحرير
عصام كامل

بـ«الشرعية الدستورية».. «بوتين» قيصرًا لروسيا حتى 2036.. الإصلاحات والطموحات تكشف نسبة الـتأييد لـ«بقاء فلاديمير»

بوتين ..صورة أرشيفية
بوتين ..صورة أرشيفية

منذ اللحظة الأولى داخل القصر الرئاسي، وضع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، في رأسه خطة متكاملة توفر له ما يمكن وصفه بـ«الإقامة الدائمة» داخل المكان، سواء بتطبيق فكرة «تبادل المقاعد» التي نفذها «بوتين» أكثر من مرة، عن طريق ترك المقعد الرئاسى مقابل كرسى «رئاسة الحكومة».

 

غير أن هذه الفكرة يبدو أنها لم تعد تلبى طموحات «قيصر موسكو»، ولهذا سرعان ما أعادها إلى «أدراج مكتبه» ليستبدلها بفكرة جديدة، فكرة تتمتع بـ«الشرعية الدستورية»، وفى الوقت ذاته لا تتركه أسيرًا لـ«وفاء البديل». 

 

رئيسًا حتى 2036

 

«بوتين رئيسًا لروسيا حتى العام 2036»، نتيجة حتمية أصبح على العالم التعامل معها كونها أمرا واقعا، وذلك بعد أن صادقت لجنة الانتخابات المركزية الروسية على نتائج التصويت العام على تعديلات الدستور الروسي، والتي أيدها 77.92% من المواطنين الروس بشكل نهائي، وبذلك أصبح بوتين رقمًا صعبًا في معادلة الحكم على مر تاريخ بلاده السياسي؛ بعدما أعاد النفوذ المفقود لبلاده في قضايا الشرق الأوسط، وعزز من شرعية حُكمه بتمرير تعديلات دستورية تم الاستفتاء عليها وتمريرها بأغلبية ساحقة، تُتيح له حق البقاء في السلطة حتى 2036، بترشيح نفسه للرئاسة فترتين جديدتين.

 

إحياء الاتحاد السوفيتي

 

المثير في الأمر هنا أن «التعديلات الروسية» وبقاء «بوتين» طوال تلك الفترة في الحكم وإعادة إحياء مشروع الاتحاد السوفيتي من جديد، ستترتب عليها تداعيات عدة، قال عنها أشرف كمال، مدير المركز المصري الروسي للدراسات: الإعلان عن موافقة الشعب الروسي على التعديلات الدستورية بنسبة 77.9% هو بمثابة حسم قيادة روسيا خلال المرحلة المقبلة.

 

ويمكن اعتبارها خطوة في سبيل إصلاح سياسي تدريجي في البلاد رغم الانتقادات التي تواجه بوتين، حيث أن التعديلات الدستورية تسمح له بالترشح مرة أخرى أو ربما البقاء في الحكم حتى عام 2036، وكل هذه الانتقادات التي توجه له منها ما قد يكون منطقي ومنها غير ذلك.

 

ولكن يبقي الاهم أن الاغلبية من الشعب الروسي قد وافقت على تلك التعديلات خاصة لما تحمله من اصلاحات اجتماعية وعلاقة السلطة التنفيذية بالتشريعية وتنظيم حركة الإصلاح السياسي في البلاد.

 

وفيما يتعلق بإحياء مشروع الاتحاد السوفيتي، أوضح «كمال» أن «هذه حقبة من الزمن قد انتهت، وانما الموجود حاليا هو سياسة خارجية روسية تعمل للحفاظ على مصالحها وسيادة أمنها القومي من بعض القوى مثل حلف شمال الأطلسي الذي يتوسع بالقرب من الحدود الروسية، إلى جانب السياسة الأمريكية التي تسعي إلى تحكيم أو لجم الطموحات الروسية خارج الحدود».


وحول مدي تأثير حكم بوتين على محور الشرق لتحالفه الوثيق مع الصين، قال مدير المركز المصري الروسي للدراسات: السياسة الخارجية تجاه الصيت تعتمد في المقام الأول على تنسيق المواقف السياسية والاقتصادية في إطار يحقق المصالح المشتركة بين البلدين.

 

التوافق الروسي الصيني

 

وفي إطار التحديات المشتركة ما بين قوي غربية متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الاجراءات الأوروبية التي تحول إلى ظهور قوي أخرى، إذ إن التوافق الروسي الصيني له مجالات اقتصادية وظهر ذلك بشكل كبير في ظهور تكتلات اقتصادية تقودها الصين وروسيا مثل "مجموعه بريكس" الاقتصادية.

 

كذلك يوجد منظمة "شنغهاي" للتعاون التي تقودها الصين بالتعاون مع روسيا والتي لها دور وتأثير واضح في مجريات الاحداث على الساحة الدولية وكذلك في منطقة آسيا، فالصين تعول بشكل كبير أيضًا على مشاركة روسيا في طريق الحرير الجديد.

 

أما سياسيًا وعسكريا فهناك تعاون وتنسيق واضح بين البلدين فيما بتعلق بالقضايا متعددة الأطراف والنزاعات الدولية، لذلك لا يوجد ما يمكن أن يؤثر سلبًا على انتخاب بوتين للحكم أو التعديلات الروسية الجديدة نظرًا لدعم موسكو لبكين في مختلف القضايا.

 

وأضاف: موسكو لها دور في المنطقة العربية نظرا لتاريخ التواجد الروسي في المنطقة، فالموروث الإيجابي مع القضايا العربية يمكن أن يمثل نقطة انطلاق جديدة للتعزيز التعاون المشترك في المجالات المختلفة بين البلدين، كما أن التحديات التي تواجه المنطقة العربية هي نفسها التي تواجهها روسيا والتي تتمثل في الاستقرار وتنمية الاقتصاد والإرهاب والتطرف الذي يستهدف نسيج المجتمع الروسي في محاولات التقسيم على أساس عرقي وطائفي.

 

والتي بدورها دفعت الطرفين للتعاون الوثيق فيما بينهم وخاصة فيما يتعلق بخطط التنمية ولاستقرار والقضاء على الإرهاب والتطرف وتوفير آليات الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، والسياسة الخارجية الروسية تقوم على عدة اعتبارات لتبني لمصالح المشتركة وعدم التدخل في شئون الدول الصديقة والحليفة والذي يختلف تماما عما تقوم به القوى الغربية الأخرى الغربية والولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالمنطقة العربية، وهذا يؤكد أن روسيا حليف يمكن الوثوق به.

 

الشرق الأوسط 


من جهته تحدث السفير عزت سعد مدير المجلس المصري للشئون الخارجية حول عداء بوتين لجماعات الإسلام السياسي واحتمالية حرمانهم الدائم من حلم العودة للحكم وخاصة الإخوان حال توليه الحكم حتى عام 2036، حيث أوضح أن الإخوان لا يمكنهم دخول البلاد والوقوف أمام بوتين نظرًا لأن أغلبية البلاد يحملوا الديانة المسيحية الأرثوذكسية.

 

كما أشار مدير المجلس المصري للشئون الخارجية، إلى أن مشكلة بوتين الفعلية هي مع الإرهاب وقادة جماعات الإسلام السياسي ومكافحتهم نظرًا لأن التطرف الديني كان وما زال وسيظل أحد أهم محاور السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط.

 

لافتًا إلى أن بوتين عندما دخل سوريا دخل لمحاربة الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي وكذلك دوره في ليبيا أيضا مرتبط بتلك النقاط، نظرا لأن عدد المسلمين في روسيا يتخطى الـ20 مليون مسلم وفي حال التغافل للحظة واحدة عن تلك الجماعات الإرهابية ستقوم على الفور بنشر التطرف والتلاعب بعقول تلك المواطنين وبث الشائعات التي يمكنها أن تحولهم لمتطرفين.

 

لذلك يعمل الرئيس الروسي بشكل مستمر على أن يكون لدى هذا العدد الكبير من المسلمين نموذج معتدل للإسلام يمكنه من الحفاظ على الأوضاع الداخلية للبلاد نظرا لأن روسيا طوال العقدين الماضيين وتحديدا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي شهدت عمليات إرهابية كبيرة لذلك فهو يرغب في عدم تكرار الوضع مرة أخرى، إضافة إلى رغبة الرئيس الروسي في الظهور أمام شعبه بأن لديه علاقات طيبة مع الدول الإسلامية الأخرى التي تمتلك نسخ معتدلة من التعاليم الإسلامية السمحة.

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية