رئيس التحرير
عصام كامل

«المسيحية الصهيونية» تهدد مستقبل «ترامب» في البيت الأبيض.. فشل خطة الضم مقابل الدعم.. ومرور الأول من يوليو في صمت

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

«الصهيونية المسيحية».. كلمة السر التي يمكن لها أن تفتح الأبواب كافة التي توجد خلفها أسرار وطموحات الكيان الصهيوني، لا سيما وأن هذه الجماعة تعتبر بمثابة المحرك الأساسي والداعم الرئيسى للكيان الصهيوني، وكذلك الراعى الرسمى لجميع مخططاته التأمرية الاستعمارية.

 

 

ترامب

 

وما يبرز قوة هذه الجماعة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصبح أداة طيعة في يد قادتها الذين يقدمون دعمهم الكامل لإسرائيل وفقًا لمعتقدات دينية بحتة، ورغم أن التيارات المسيحية المحافظة في البيت الأبيض اكتسبت نفوذًا واسعًا عقب جلوس «ترامب» على مقعد الرئيس في المكتب البيضاوى داخل البيت الأبيض، إلا أنها التيارات ذاتها التي تهدد وصوله للحكم مجددًا في الانتخابات الأمريكية القادمة.

 

وخاصة في ظل مرور الأول من يوليو، وهو التاريخ الذي عولت عليه إسرائيل لإتمام عملية ضم أراضى الضفة الغربية دون أي خطوة ملموسة على الأرض، ما دفع تلك التيارات لتوجه تهديد وتحذير لـ «ترامب» بالعواقب الوخيمة لذلك.


وفي هذا الصدد يوضح عدد من الخبراء لـ «فيتو» الدور الذي تلعبه «الصهيونية المسيحية» في دعم إسرائيل.

 

اليمين المتطرف

 

ومن جانبه قال السفير رخا حسن: الطائفة الإنجيلية أو المسيحية الصهيونية هي مجموعة يمينية متطرفة جدًا في أمريكا تؤيد إسرائيل بشدة وتجمع الأموال لدعم المستوطنات، وسبق وأن أيدت هذه الطائفة ترامب في انتخابات 2016 ولعبت دورًا في نجاحه وهو ما يفسر خطوته برفع الإنجيل ومغازلتهم خلال المظاهرات التي جرت حول البيت الأبيض تنديدًا بمقتل جورج فلويد. ومع ذلك نظموا أكبر مظاهرات ضده.

 

وأضاف أن «الإنجيليين حاليًا غير متعاطفين مع ترامب لأنهم يشعرون أن خطته للسلام في الشرق الأوسط سوف تحرم المستوطنين من ضم جميع المستوطنات لإسرائيل وتسمح بوجود دولة فلسطينية، كما أن مدى تشددهم وطمعهم بلغ درجة أنهم ينظرون إلى خطة ترامب على أنها سوف تظلم المستوطنات وبذلك يندرج عليهم وصف الحرامي الطماع».

 

 

الحملات الانتخابية

 

وتابع: هذه الطائفة تمارس حاليًا ضغوطًا على ترامب، وألمحوا أنهم لن يؤيدوه في حملته الانتخابية على أساس أنه لم يمنح لإسرائيل كل ما تريد، كما أن أغلبية المستوطنين الذين اجتمع معهم نتنياهو الشهر الماضي احتجوا بسبب قبوله خطة ترامب لأنها تسمح بقيام دولة فلسطينية وهم يرفضون أن يعيشوا وسط الدولة الفلسطينية المستقبلية ويرون أن ذلك سيفرض عليهم القيود ويجعلهم يشعرون أنهم ليسوا أصحاب المكان.

 

وأشار «رخا» إلى أن هذه الطائفة لديها دوافع دينية، واعتقاد أن المسيح لن يعود إلا إذا سيطر اليهود على كل فلسطين الكبرى وهى معتقدات من أيام بوش الابن، وبالنسبة لـ «ترامب» هو نصف عائلته يهود لكنه يخشى رد الفعل العربي والدولي الرافض لخطوات إسرائيل، لذا يرى أن خطوة الضم سوف تفسد كل عملية السلام من الأساس وخاصة في ظل التحرك الفلسطيني والأردني والعربي حتى رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون كتب مقالة ونشرها في الصحف الإسرائيلية أكد فيها أنه ضد فكرة الضم لأنها ستدمر عملية السلام.

 

المصالح الأمريكية

 

وأردف «رخا»: الصهيونية المسيحية بلا شك لها تأثير كبير على قرارات البيت الأبيض ولكن يوجد مصالح أمريكية توازن ذلك بمعنى أنه لا يكون هناك تمادي في المطالب من منطلق الحكمة القديمة التي تقول إنه «إذا زاد الشيء عن الحد انقلب إلى الضد» فبالتالي لا يكون هناك مبالغة في المطالب حتى لا تنقلب الأمور إلى نتائج عكسية.

 

خاصة أن كل الدول العربية والأوروبية والعالم حاليًا ضد عملية الضم لأنها تقضي على مشروع الدولة الفلسطينية وحل الدولتين فضلًا عن أن قرار الأمم المتحدة الصادر في 1947 والذي يقسم فلسطين إلى دولتين لا يزال ساريًا.

 

كما شدد على أن نتنياهو لا يستطيع التحرك باتجاه خطوة الضم دون الحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدًا أن مرحليًا إسرائيل لن تستطيع الإقدام على خطوة الضم ولكن ممكن تجزئتها بحيث يتم الضم على مراحل. 


من جهته أوضح دياب اللوح، السفير الفسطيني بالقاهرة، أن تيار الإنجيلية هو تيار متصهين يسعى لخدمة الحركة الصهيونية وأهدافها الاستعمارية داخل فلسطين، ويوفر الدعم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة.

 

خطة الضم

 

ولوحت هذه الحركة بالتهديد والتحذير لـ «ترامب» أنه إذا تراجع عن خطة الضم فإن ذلك سوف يؤثر على انتخابه لولاية ثانية في أمريكا وهذا يمثل نوع من الابتزاز السياسي إذا صح التعبير وهذا التهديد لا يصنف ترامب بأنه من الداعمين للقضية الفلسطينية على العكس تمامًا ترامب والتيار المتصهين منساق مع هذه الرؤية.

 

وأضاف أن «ترامب منذ أن أعلن اعترافه بأن القدس عاصمة لإسرائيل وفرض السيادة الإسرائيلية عليها ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وهو منساق في هذا الإطار واتجاه هذه الحركة التي تدعم الحركة الصهيونية لذلك هذا التحذير يستهدف إخراج الإدارة الأمريكية من تحت الضغط الفلسطيني والعربي والدولي والأوروبي بعد أن بذل الأشقاء العرب جهودا لخلق حالة ضغط دولي فاعلة ومؤثرة للتراجع عن دعم هذا المخطط في ضم الضفة».

 

وتابع السفير الفلسطيني: المجلس الأعلى للمستوطنات الذي يمثل المستوطنين في الأراضي الفلسطينية يرفض تنفيذ هذا المخطط باعتباره جزءا من صفقة القرن، وتاريخ الأول من يوليو كان تاريخا افتراضيا أعلنه نتنياهو كموعد للضم، لكن نتنياهو لم يتمكن من تنفيذه وحينما سأله شريكه في الحكومة بيني جانتس أنه لماذا لم تنفذ الخطوة في هذا اليوم رد عليه نتنياهو قائلًا: «الأمور تسير بشكل طبيعي الشمس تشرق من المشرق وتغرب من المغرب»، وبالتالي هذا دلالة على أنه ليس هناك اتفاق داخل الحكومة الإسرائيلية حتى هذه اللحظة".

 

وخلص السفير الفلسطيني إلى أنه لا يستطيع التكهن بشأن إمكانية تنفيذ خطوة الضم ولكن الخطة تواجه إشكاليات وعراقيل سواء داخل إسرائيل أو خارجها.

بدوره، أكد توحيد مجدي، الخبير في الشأن الإسرائيلي أن التشدد الديني واستغلاله سياسيًا ليس جديدًا وهو من أيام الحملات الصليبية، لكن سر ظهوره في العصر الذي نعيش فيه هو اضمحلال الدور العربي وانهياره بشكل كامل، بالإضافة إلى نظرة الجانب الأوروبي والغربي للدول العربية بالمنظور الذي كان أيام الحملات الصليبية.

 

لذا فإنه في حال إجراء دراسة أكاديمية سنجد أن المطامع والتدخلات الأجنبية والتوغل الأوروبي والغربي بشكل عام بدأ يزيد وسوف يزداد طالما ظل الدور العربي في تراجع، أصبحنا في مجتمع مختلف عن مجتمع الخمسينيات والستينيات يعني لا يوجد دولة مهما كانت كبيرة تستطيع أن تقود كل الدول والآن نحن في مرحلة إما التوحد أو التلاشي.

 

وأكمل: ترامب لن ينجح في الانتخابات القادمة والموضوع ليس مرتبط بإسرائيل وإنما داخلي لأنه عمل أقصى ما يمكن فعله بالنسبة لإسرائيل وعبر مرحلة فيما بعد السقف لدرجة أن الرئيس الأمريكي القادم لن يكون لديه أي كروت يقدمها لإسرائيل والملف الإسرائيلي لأن ترامب حصد كل الكروت التي كان يمكن أن يلعب بها أي حزب أو أي رئيس أمريكي قادم.

 

بمعنى أنه منح إسرائيل أقصى ما يمكن أن تحصل عليه ولا يوجد شيء لم يقدمه ترامب لإسرائيل، لافتًا إلى أن أمريكا حاليًا بلا حلفاء حقيقيين لأن ترامب دمر الحلفاء سواء الناتو أو الحلف الفرنسي الألماني البريطاني، علمًا بأن نظرية الدومينو ستطبق من نوفمبر القادم، وأعتقد أن كل الفوضى في العالم سوف تنضبط لكن الآن نحن في ذروة انهيار القانون الدولي والعلاقات الدولية والفوضى الشاملة في الأقاليم الدولية.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية