تفاصيل اجتماع الساعات الثلاث بين «أردوغان» وتابعه «تميم».. زيادة تمويل الجماعات الإرهابية».. إنقاذ «الليرة المنهارة» الأبرز
«تأمين تمويل البلطجة والإرهاب».. العنوان الذي يمكن استخدامه لتلخيص اللقاء الأخير الذي جمع بين قطبى تحالف الشر بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتميم بن حمد أمير قطر، في الدوحة، لا سيما وأنه استهدف بالأساس تأمين موارد مالية لتنفيذ مشاريع تركيا في المنطقة، وتعويض الخسائر التي تكبدها أنقرة، في ظل شعور الأخيرة بالخطر من استبعاد محتمل من حلف الناتو بعد تهديد باريس لها بأنها أصبحت عضوا غير مرغوب فيه.
تركيا والاتحاد الأوروبي
هذا فضلًا عن فقدانها الأمل في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، ورغبتها في امتلاك أوراق فاعلة في المنطقة، كوسيلة ضغط على أوروبا قبولها كعضو، والتعويل عليها في حل قضايا المنطقة المقلقة للاتحاد.
وتوترت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي على مدار الفترة الماضية بشدة، خاصة بعد استبعاد الاتحاد الأوروبي لتركيا من لائحة الدول التي يسمح لمواطنيه بالسفر إليه، وهو الأمر الذي أصاب أنقرة بخيبة أمل.
وبحسب هذا القرار فإنه يسمح للمسافرين من 15 بلدا بما فيها الصين، بالسفر إلى منطقة «شنجن»، بما يشكل ضربة موجعة لتركيا التي حاولت خلال الفترة الماضية تلافي الأثر المدمر الذي لحق بها؛ بسبب تفشي وانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، وتجميل صورتها في محاولة يائسة لإنقاذ الموسم السياحي الصيفي.
وعلى لسان وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو، زعمت تركيا أن ذلك القرار خاطئا، داعية إلى ضرورة مراجعته في أقرب وقت ممكن، حيث أنها تعتبر السياحة أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لديها خاصة في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة عدم الاستقرار في وفرة الدولار، وتتضاعف عجز الميزان التجاري، بما يشير إلى حدوث استنزاف للنقد الأجنبي الموجود محليًا.
ملف المهاجرين
تصاعد التوتر أيضا بعد أن أعلنت تركيا أن حدودها البرية نحو أوروبا مفتوحة، وهو ما ينذر بموجة جديدة من المهاجرين، ودفع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال زيارة للحدود اليونانية التركية، إلى التأكيد على أن دول الاتحاد الأوروبي مصممة على حماية الحدود الخارجية.
وأن الاتحاد سيدعم سيادة اليونان بقوة، كما أعرب وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس عن قلقه من تصريح تركيا، موضحًا أن تركيا تعمل على تقويض أمن واستقرار وسلام منطقة شرق المتوسط، وتتسبب في المشكلات لجيرانها.
انهيار انقرة
وتزامنت الزيارة مع الأوضاع الخطيرة التي يعاني منها الاقتصاد التركي، والتي كشفت عنها إحصاءات رسمية شملت قفز الدين العام الخارجى للبلاد بنسبة 210.34% بمتوسط زيادة سنوية تبلغ نحو 12.37%، فارتفع الدين الخارجى من 144 مليار دولار خلال العام 2003 إلى نحو 446.9 مليار دولار خلال العام 2020، بزيادة بلغت نحو 302.9 مليار دولار بمتوسط زيادة سنوية تبلغ قيمتها 17.817 مليار دولار، بما تسبب في ارتفاع نصيب كل مواطن في تركيا من الدين الخارجى لبلاده بنسبة 156.6% من نحو 2123 دولار خلال العام 2003 إلى نحو 5449 دولار لكل مواطن خلال العام الحالى.
واتضح من خلال ما تم الإعلان عنه أن أحد الأهداف الرئيسية للزيارة إنقاذ الاقتصاد التركي وتعويض خسائره للتمكن من الوقوف على أرض صلبة خلال مواجهة موجات الرفض الأوروبي لها، وذلك عن طريق بعض الإجراءات، والتي شملت توقيع عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، شملت تعديلات على الاتفاقية المتعلقة بترتيبات اتفاق تبادل العملات الثنائية «الريـال القطري والليرة التركية» بين مصرف قطر المركزي وبنك تركيا المركزي.
بالإضافة إلى التوقيع مذكرة تفاهم بين هيئة مركز قطر للمال ومكتب التمويل التابع للرئاسة التركية، بالإضافة إلى التوقيع على اتفاقية بشأن التعاون الصناعي والتكنولوجي، وكذلك مذكرات تفاهم بين وكالة ترويج الاستثمار في قطر ومكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية.
وفي مجال التخطيط المدني بين البلدين، وفي مجال المعايير بين هيئة الأشغال العامة في قطر ومعهد المعايير التركي (تي إس إي) في تركيا.
الملف الليبي
وجرى التنسيق أيضًا خلال اللقاء الذي استمر لمدة 3 ساعات، وحضره وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان ووزير المالية براءت ألبيراق، على تنسيق العمل على دعم الجماعات المتطرفة في ليبيا، وبحث إمكانية شن هجوم محتمل على مدينة سرت، والذي برهن على ماسبق زيارة وزير الدفاع التركي لطرابلس، والتي تلت زيارته لقطر بيوم فقط، بما يشير إلى وجود بعض التوجيهات والرسائل التي جرى نقلها.
ووضع خطط عسكرية جديدة ليتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الاتفاق على حشد المزيد من الدعم العسكري والمادي للجماعات المتطرفة في سوريا من أجل بدء مرحلة جديدة من المواجهة مع قوات النظام السوري من جهة، وتعزيز الدعم القطري أيضا لاعتداءات تركيا المتواصلة على الأراضي العراقية، حتى تتمكن تركيا في نهاية الأمر من تحقيق أحلامها بأن يعول الاتحاد الأوروبي كطرف فاعل في المنطقة ويقبل بها عضوا في الاتحاد.
في هذا السياق أكد محمد حامد، الباحث في الشئون التركية، أنه هناك تنسيق كبير جدًا جرى بين قطر وتركيا خلال تلك الزيارة، وبالأخص الملف الليبي، والذي ينذر بتصعيد محتمل من قبل حكومة الوفاق في سرت، وعمل محاولة لاختبار التحذير المصري من تخطي خط سرت-الجفرة.
موضحًا أنه جرى بحث إمكانية أن يلعب أردوغان أدوارا سلبية أكثر وأكثر بإرسال المزيد من الإرهابيين إلى ليبيا.
تعاون اقتصادي
وأوضح الباحث في الشأن التركي، أنه «بالإضافة لما سبق شهدنا تعاونا اقتصاديا كبيرا ومعمقا بشكل أكبر قد تسفر نتائجه عن تبادل عملات وتبادل قروض، وتعزيز العلاقات، مشيرًا إلى أن قطر أصبحت تستخدم تركيا كمخلب قط في مواجهة دول المقاطعة.
ويرى أن قطر أن تأخذ من تركيا درعا واقيا لها من دول المقاطعة كنوع من الضغط وكارت إرهاب لهم، في مواجهة الضغوط التي تعرضت لها اعلى مدار الأربع سنوات الماضية»، مشيرًا إلى أن قطر تستخدم كل أوراق تركيا للتصعيد ضد الدول المقاطعة عن طريق التدخل في الملف الليبي، بالإضافة إلى الضغط على مصر في إطار حملتها التي تستهدف البلاد.
نقلًا عن العدد الورقي...