رئيس التحرير
عصام كامل

الاضطرابات السياسية ترفع معدل البطالة في مصر.. خبراء:الحكومة تتجمل وتخفي الأرقام الحقيقية للعاطلين..الموارد البشرية: نسبة المتوقفين عن العمل وصلت 30%.. وجودة: توقف 3600 مصنع وتراجع السياحة وراء الأزمة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أشارت إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إلى أن نحو 483 ألف مصري فقدوا وظائفهم في 2011، حيث بلغ عدد المشتغلين في ذلك العام نحو 23 مليونا و346 ألفا مقابل 23 مليونا و829 ألفا في العام السابق له 2010.


وأظهرت الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء المصري مؤخرا، ارتفاع معدل البطالة إلى 13% من إجمالي قوة العمل بنهاية عام 2012، بما يعادل 3.5 ملايين شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون عاطل عن نهاية 2010 أي قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والذي كان يصل عدد العاطلين عن العمل خلاله إلى 2.3 مليون شخص بنسبة 8.9%.

وقال وزير الاستثمار يحيي حامد، إن معدل البطالة نهاية العام المالي 2012-2013 بلغ 13.1%.

لكن خبراء في مجال الاستثمار والتوظيف، قالوا إن "الحكومة تتجمل" حينما أعلنت أن نسبة البطالة بلغت 13%، بينما تصل هذه النسبة حسب تقديراتهم إلى نحو 20% بسبب تراجع معدلات السياحة بشكل كبير وتوقف آلاف المصانع عن العمل بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية.

وقال شريف سامي خبير التوظيف:" معدل البطالة المعلن عنه من قبل الحكومة غير منطقي في ظل تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية وانخفاض معدلات النمو".

وأضاف سامي:" هناك أعداد أضافية انضمت للعاطلين عن العمل لظروف خارجية، تتعلق بأحداث الربيع العربي في ليبيا، وعلاقة مصر ببعض دول الخليج العربي، حيث أن العمالة التي عادت من ليبيا فقط نتيجة الثورة، بلغت نحو 500 ألف عامل".

وقال يحيى حامد وزير الاستثمار المصري في مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، إن معدل النمو بلغ في العام المالي 2012-2013 نحو 2.2 %، ووصفه بأنه معدل ضئيل ومنكمش وان الحكومة المصرية تخطط لرفعه بين 3.5 و4 % العام المالي القادم2013-2014.

أضاف حامد أن الحكومة لديها خطة لمواجهة البطالة، بتحفيز الاستثمار بإعداد سياسات تحفيزية جديدة قطاعية وجغرافية، بعضها سيكون حوافز ضريبية للأنشطة كثيفة العمالة والبنية التحتية والبحث والتطوير مشيرا إلى إعداد تعديلات تشريعية بأربعة قوانين.

وقال إنه سيتم التوسع في إنشاء المناطق الحرة بمدينة بدر والمينا والإسماعيلية ونويبع لتوفير 80 ألف فرصة عمل على الاقل ولدينا امكانيات مالية توصيل المرافق هذه اراضي هذه المناطق خلال عامين.

وأضاف الوزير أن صندوق بداية بوزارة الاستثمار لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فيه 130 مليون جنيه، نخاطب البنوك لزيادتها 500 مليون جنيه، وأن هناك تعديلات تشريعية لإتاحة التمويل لهذه المشروعات بشروط ميسرة.

وأشارت إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نحو 483 ألف مصريا فقدوا وظائفهم في 2011، حيث بلغ عدد المشتغلين في ذلك العام نحو 23 مليونا و346 ألفا مقابل 23 مليونا و829 ألفا في العام السابق له 2010.

وقالت الدكتور هبة حمزة، خبيرة الموارد البشرية، والرئيس التنفيذي لشركة " سكل كرو" إن نسبة البطالة التي تعلنها الحكومة المصرية غير واقعية لأنها تتجاوز في تقديري 30% من القادرين على العمل بمصر".

وأضافت حمزة، أن مشكلة البطالة جزء كبير منها يعود لعدم وجود وعي كافي لدي الشباب بالكفاءة والالتزام بالعمل وتنمية مهاراتهم وحب العمل.وأوضحت أن على الدولة ومنظمات المجتمع المدني القيام بدور التوعية لدي القادرين على العمل للاهتمام بهذه المبادئ.

وقالت إن الدولة عليها الاهتمام بالتعليم الفني وربطه بسوق العمل عن طريق احصاءات دقيقة وواضحة عن احتياجاته، مثلما يحدث في الدول المتقدمة.

وقال الدكتور صلاح جودة، خبير الاقتصاد، إن نسب البطالة تتجاوز ما أعلنته الحكومة فهناك قرابة 3600 مصنع توقف في فترة ما بعد الثورة، فضلا عن تراجع حركة السياحة بشكل كبير.

وأضاف جودة أن:" استمرار الاحتجاجات ومحاولات فرض العصيان المدني والانفلات الأمني أسباب حقيقية وراء ارتفاع معدلات البطالة، لأنها تدفع المستثمرين للهروب من مصر والعزوف عن جذب أي استثمارات جديدة للبلاد".

وأوضح أن قطاع السياحة يعد من القطاعات الأكثر تأثرا بالأحداث، ما تسبب في إضافة أعداد كبيرة كانت تعمل به إلى العاطلين، حيث يعمل به ما يقرب من 1،25 مليون شخص بشكل مباشر و750 ألف شخص بشكل غير مباشر.

وقال إن هناك مشروعات يمكن أن تستوعب نحو 1.5 مليون شخص من العاطلين مثل تدوير المخلفات سواء الصلبة أو الزراعية والاستفادة مما ينتجه ذلك النشاط.

وأشار إلى أنه في حالة تدوير هذه المخلفات والاستفادة منها في استخراج الأسمدة والاعلاف والاخشاب والنباتات وغير ذلك فإن قيمة الإنتاج تقدر بنحو 18 مليار جنيه سنويا تعادل 2.6 مليار دولار، بدلا من إنفاق نحو 400 مليون جنيه حاليا لمجرد التخلص منها.

وأضاف جودة:" لمواجهة زيادة البطالة في مصر، لابد أن نستعيد الأمن أولا لعودة الاستثمارات واتخاذ حلول سريعة لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة من جديد بالتعاون مع البنوك لامتصاص أعداد كبيرة من العاطلين والذين لن يكون شغلهم الرئيسي سوى الانضمام إلى المحتجين والساعين إلى تعطيل مصالح الآخرين بشتى الطرق حنقا منهم على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية".

وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسبة العاطلين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما تصل إلى 73.9٪ من إجمالي المتعطلين.

وبلغت نسبة العاطلين للفئة العمرية من 15 إلى 19 عاما نحو 9.8٪، بينما بلغت 43.9٪ للفئة العمرية بين 20 و24 عاما، و20.2٪ للفئة العمرية من 25 إلى 29 عاما.ووصلت نسبة المتعطلين من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها نحو 87.8٪ من إجمالي المتعطلين.

وحذر مسئول بارز بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية من أن ارتفاع معدلات البطالة، يهدد بزيادة معدلات الجريمة في مصر والانضمام إلى صفوف محتجين سياسيين يستغلون هؤلاء المتعطلين في ممارسة أعمال عنف ومحاولة تعطيل الأعمال من خلال ما ظهر مؤخرا من محاولات فرض عصيان مدني في بعض المناطق في مصر.

وكان قياديون في حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، قالوا مؤخرا، إن قوى معارضة تستغل نحو 300 ألف شخص ممن أسمتهم بالبلطجية لإشعال أعمال العنف في البلاد.

وبينما تتهم قوى المعارضة حكومة الدكتور هشام قنديل بالفشل في إدارة الملف الاقتصادي للبلاد وارتفاع أعداد العاطلين، إلا أن حزب الحرية والعدالة بادر بدوره باتهام المعارضة بتأجيج الشارع وعدم إعطاء الحكومة الحالية الفرصة لتنفيذ أي برامج من شأنها إنعاش الاقتصاد وإعادة الإنتاج إلى طبيعته.

وقال صابر أبو الفتوح عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة وعضو لجنة القوى العاملة بالحزب، إن الاحتجاجات التي يشهدها الشارع هدفها هروب المستثمر الأجنبي والعربي.

وأضاف أبو الفتوح:" القوى السياسية لا تعطينا الفرصة لتطبيق برنامجنا وكثير من هذه القوى غير جادة في تحقيق الاستقرار". وقال إن ظروف العمل في مصر غير جيدة، فهناك ساعات عمل طويلة وأجر غير كاف وقوانين لا تراعي حقوق العمالة، وعدد كبير من المصريين لا يجد فرصة العمل المناسبة والأمن الاجتماعي وفرصة عمل تناسب المؤهل التعليمي، وإصلاح هذه الأمر يحتاج إلى استقرار ووقت وجهد متواصل.

وأضاف:"لدينا برنامج في التدريب التحويلي، بتأهيل الشباب وتدريبهم للحصول على فرص عمل، بدأت بالفعل في تطبيقه قبل أشهر وزارة القوى العاملة بالتعاون مع وزارة الشباب.

وقال إنه هناك شق قانوني أيضا لحل المشكلة يتمثل في تعديل قانون الاستثمار لجذب رءوس الأموال وتوفير استثمارات كثيفة العمالة وإعادة هيكلة قطاع الغزل والنسيج الذي يضم أعداد كبيرة من العاملين.

وأضاف أن هناك برنامجا يتعلق بتطوير منظومة التعليم لتواكب متطلبات سوق العمل، وكذلك تعاون وزارتي القوى العاملة والخارجية في فتح أفاق جديدة للعمل بالدول الخليجية والأجنبية.

ودافع عبد الغفار شكر مؤسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن موقف المعارضة قائلا، إن البطالة ارتفعت في مصر لعدة أسباب بعد الثورة، بسبب تدهور السياحة، واغلاق العديد من المصانع".

وأضاف، أن الحكومة التي قام بتعيينها الرئيس مرسي ليس لديها سياسة جديدة في الاقتصاد المصري، وتسير مثل النظام السابق على سياسات صندوق النقد التي تلتزم بانسحاب الدولة من مجال الإنتاج والاستثمار.

وقال شكر إن الحكومة يجب عليها تنفيذ عدد من مشروعات كثيفة العمالة لامتصاص البطالة، مثل مشروعات البنية الأساسية.

وأوضح إن دور المعارضة محدود التأثير والنفوذ، في حشد المواطنين والدعوة للتظاهر والإضراب عن العمل مشيرا إلى أن فئات كثيرة مثل الأطباء والمدرسين والعمال قاموا بإضرابات عن العمل للمطالبة بحقوقهم، وتحقيق العدالة الاجتماعية كهدف من أهداف الثورة. وطالب شكر بفرض ضرائب تصاعدية، وضرائب على الارباح الرأسمالية وانتهاج سياسات اقتصادية مختلفة للدولة لمواجهة البطالة المتزايدة في مصر.
الجريدة الرسمية