كارثة أسفل الأقصى
للأسف، أن المؤشرات
تؤكد أن الواقع العربى سوف يزداد سوء، وأن الكارثة لن تتوقف عند ما آلت إليه من تحكم
القوى الأجنبية فى القرار "السورى والليبى والعراقى واليمنى واللبنانى"، بل سيزداد مرارة بما ستقوم به "إسرائيل"
من تغيرات كارثية على الأراضى الفلسطينية المحتلة خلال الأيام القليلة القادمة.
فبعيدا عن كل المؤشرات،
التى تؤكد عزم حكومة "نتنياهو" البدء قريبا فى تطبيق الخطة الأمريكية المعروفة
بـ"صفقة القرن" والتى قد تقوم طبقا لبنودها بضم "غور الأردن، واجزاء
من الضفة الغربية المحتلة" بدأت حكومة الاحتلال فى سرية تامة فى تنفيذ "خطة
صهيونية" تبنتها منذ سنوات، لإجراء حفريات جديدة أسفل "المسجد الأقصى"
للبحث عن "الهيكل السليماني" المزعوم، و"أثار يهودية" في البلدة
القديمة بالقدس المحتلة.
"الحرم الإبراهيمي" فى قبضة الصهاينة
وعلى الرغم من رصد
حكومة الاحتلال ما يزيد على 70 مليون دولار لصالح سلطة الآثار الإسرائيلية، لتمويل خطة
الحفريات الجديدة، إلا أنها ما زالت تواصل كعادتها أساليب الكذب والخداع أمام العالم،
زاعمة أن التمويل يأتى ضمن خطة لـ "حماية آثار القدس" على العكس تماما مما
تؤكده المعلومات، من قيامهم خلال السنوات الماضية، بإزالة نحو 50% من الحوائط السفلية
لـ"الأقصى الشريف" في المنطقتين الجنوبية والغربية المليئتين بالمقدسات الإسلامية،
لدرجة أن عدد الأنفاق أسفل المسجد تعدت الآن الـ 40 نفقا، بعمق 45 مترا للنفق الواحد،
مما يهدد بكارثة حقيقية قد ينهار معها "ثالث الحرمين".
ولأن الحفريات الكارثية تتم دون أدنى تحرك عربى أو إسلامي، فإن المعلومات
تؤكد أن الإسرائيليين قد نجحوا أيضا فى تغيير ملامح - الأثر الإسلامي الأهم لدى المسلمين
بعد الحرمين الشريفين فى مكة والمدينة المنورة - تمهيدا لفرض واقع جديد بمجرد انهياره،
حيث شرعوا منذ سنوات في تشييد 3 معبد يهودية ضخمة داخل الأنفاق أسفل "الأقصى".
بل إن المعلومات
تؤكد أنهم قد انتهوا بالفعل من تشييد إحد تلك المعابد، بشكل فخم للغاية، في واجهة ما
يسمى بـ "الحجر الكبير" حيث يحتوى على ألواح معدنية مدون عليها "أسفار
توراتية" وعشرات المقاعد، والمنصات الخشبية تم تصميمها بشكل دائري.
شهادة من داخل معاقل الإرهاب في سوريا
ولعل ما يدعو للدهشة،
أن أمر الحفريات أسفل "أولى القبلتين" لم يستفز "العرب والمسلمين"
بل استفز عددا من "العلماء اليهود" منذ سنوات، لدرجة أنهم خرجوا بشهادات وصفوا
فيها ما تقوم به إسرائيل بـ "الكشوف الهمجية" مؤكدين أنه لا وجود لـ
"الهيكل السليماني" أو لأى أثر يمت
لليهود بصلة أسفل "الأقصى" أو بمدينة القدس العربية.
وقد دعم تلك الشهادات،
البروفسور الإسرائيلي "زائيف هسلوج" أستاذ علم الآثار الدولي "الإسرائيلي"
الذي عمل في تلك الحفريات مع فريق كبير من العلماء اليهود، ونشر نتيجة أبحاثه في جريدة
"هآرتس" الإسرائيلية قائلا: "حاولنا أن نتتبع موارد التاريخ حول مطاردة
الفرعون المصري لليهود، ونزول التوراة على موسى، ومملكة الهيكل السليماني، إلا أننا
لم نجد لأى منها أثرا يدلّ على صدقها".
كما كذب العالم الإسرائيلي
"رافاييل جرينبرج" الأستاذ بجامعة تل أبيب، المزاعم الإسرائيلية بوجود الهيكل
السليمانى أسفل الأقصى قائلا: "كان من المفترض أن تجد إسرائيل شيئا بعد كل هذه
المدة من الحفر، إلا أنهم لم يعثروا ولن يعثروا على شيء".
ولعل ما يدعو للألم
هنا، أن كل الدول العربية والإسلامية لم تفشل فقط فى "وقف أو فضح" ما تقوم
به إسرائيل أمام العالم، بل فشلوا أيضا فى استثمار النجاحات العالمية التى انتصرت ل
"إسلامية" وحرمة المساس بآثار القدس داخل "اليونسكو" خلال السنوات
الأخيرة، وخاصة الإعتراف بـ "الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة" بالخليل
كمواقع تراثية "فلسطينية خالصة" وإدراجها على قائمة التراث المهدد بالخطر.
بل إن حجم الفشل،
وصل لدرجة العجز حتى عن استخدام ما نمتلكه من وثائق تاريخية، تؤكد كذب المزاعم الإسرائيلية
في "الأقصى" ومدينة القدس المحتلة، وآخرها الوثيقة التى تعود إلى عام
1933 والتي كشف عنها العالم المصري الدكتور "محمد الكحلاوى" منذ عدة سنوات،
وتم فحصها بمعرفة لجان أوروبية وأمريكية متخصصة، وأكدت أنه "لا حقوق" لليهود
في "حائط البراق" الذي يسمونه بـ "حائط المبكى".
هكذا تبدو للأسف الصورة "أسفل" أولى القبلتين وثالث
الحرمين، والتى لا تختلف كثيرا عما يتم فى "أعلاه" حيث يشهد عشرات الاقتحامات اليومية المتكررة من "المتطرفين
اليهود" تحت سمع وبصر وحراسة قوات الاحتلال.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.