خطيئة يوسف الشريف!.. "عبد الوهاب" دافع عن السينما النظيفة.. ونجمة هوليود تلجأ للدوبليرة في المشاهد الساخنة

أثارت تصريحات متلفزة مؤخرًا للممثل يوسف الشريف عن قيود يفرضها على نفسه في الأعمال الفنية التي يقدمها موجة من الغضب والانتقادات اللاذعة غير المبررة.

شروط يوسف الشريف

كان الممثل الأربعينى، الذي برع في تقديم مسلسلات متميزة خلال السنوات القليلة الماضية، كشف أثناء استضافته عبر شاشة قناة "دى إم سى" عن حزمة من الضوابط والقيود الحاكمة لمسيرته الفنية قائلًا: "منذ عشر سنوات، وأنا أضع تلك القيود في أعمالى، وأشترط عدم تقديم المشاهد الساخنة، وكان في البداية الاتفاق شفويًا، لكن ذلك كان يعرضنى لبعض الاعتراضات أثناء التصوير، ما دفعنى إلى أن أجعل هذا الاتفاق مكتوبًا في عقد العمل، وقد اتخذتُ هذا المبدأ بعد فيلم "هي فوضى".

وأتذكر أن أحد المخرجين الكبار عرض علىَّ فيلمًا، وبعد قراءته، اعترضتُ على المشاهد الساخنة في الفيلم، فجاء رد المخرج وأحد النقاد: "ماتشتغلش الشغلانة دى"، وبالفعل فكرتُ في الاعتزال، لكن تمكنتُ بفضل الله عز وجل من تقديم العديد من الأعمال بهذا المبدأ".

تصريحات "الشريف" أثارت غضب عدد من المخرجين والمنتجين الذين صبَّوا عليه جام غضبهم، وتعاقبوا على السخرية منها والغمز واللمز في موهبته، رغم أنه بلغة السوق يعتبر أبرز نجوم الدراما الرمضانية على الإطلاق، وتحقق مسلسلاته مشاهدات خرافية، وجاء مسلسل "النهاية" الذي عرُض في رمضان الماضى مُبهرًا على مستوى الفكرة والأداء والإنتاج، وكان عملًا فنيًا متكاملًا.

كالعادة في مثل هذه المناسبات.. أطلق المنتج "محمد العدل" قذائفه نحو زميله، واستهزأ بما أسماه "الشريف" القيود التي يفرضها على نفسه، وكتب على حسابه الشخصى موقع التغريدات القصيرة "تويتر": "أنهينا تطبيق السينما النظيفة، وبدأنا في تطبيق مرحلة عدم التلامس".

ومن بعده جاء المخرج "مجدى أحمد على" الذي اعتبر تصريحات "الشريف" غير ملائمة لما أسماه "الإبداع الفني" حيث كتب على حسابه الشخصى عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "إنت ممثل خاضع لشروط العمل الفني، ليس من حقك فرض شروط من خارجه إذا كان من حقك أصلا أن تتدخل في عمل من صلب مهنة المؤلف والمخرج مبدعى العمل الأصليين.. ما هذا الهراء.. انا مش مصدق أصلا أنى بناقشه".

السينما النظيفة

اللافت أن الحديث عن تقديم محتوى فنى خالٍ من المشاهد الساخنة والحوارات الخادشة ليس بدعة؛ ففى منتصف تسعينيات القرن الماضى، ظهرت موجة جديدة من "السينما النظيفة" التي تعمد أبطالها البعد عن تقديم كل ما يخدش حياء الأسرة المصرية، وحقق أبطالها نجاحًا كبيرًا فنيًا وتجاريًا، ولا يزال كثيرون منهم من نجوم الشباك حتى الآن.

كما أن التاريخ السينمائى يؤكد أن الممثل الكوميدى إسماعيل ياسين، أحد أبرز نجوم السينما المصرية على مدار تاريخها، كان يرفض ما يرفضه يوسف الشريف. ورغم أن جميلات السينما المصرية في هذا الوقت مثل: "كاميليا" و"هند رستم" وغيرهما قدمن أدوار الزوجة والحبيبة لـ "سُمعة" في جميع أفلامه، وكان كثير من المشاهد تتطلب "تلامسًا" أو "تقبيلًا" إلا أنه لم يفعلها مرة واحدة، فهل كان نجم الكوميديا مغاليًا أو متطرفًا، أو لا يجيد فهم قواعد اللعبة، أو دخيلًا على الفن؟

وبالتزامن مع هذه الفترة وتحديدًا في العام 1950، أنتج الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب فيلم "بلدى المحبوب" من بطولة سعد عبد الوهاب، وفور طرح الفيلم في دور العرض، قال موسيقار الأجيال في تصريحات صحفية لـ"أخبار اليوم": "أردتُ بإنتاج هذا الفيلم أن أسهم في بناء هذا الصرح الضخم الذي نسعى لتشييده بتقديم أفلام نظيفة تعالج شئوننا الاجتماعية وتعاون على خلق روح المرح التي يحتاج إليها الناس"..فهل تعرض "عبد الوهاب" حينئذ عندما تكلم عن "أفلام نظيفة" لهجوم وتطاول وسخرية عواطلية الفن والمخرجين والمنتجين المتقاعدين؟

وبعيدًا عن النماذج المحلية والتاريخية، فإنَّ كثيرًا من نجمات الأفلام الساخنة في هوليود، لا يقدمن بأنفسهن المشاهد الفاضحة من الأساس، وإنما يلجأن لدوبليرات أو ما يُسمى "الممثلة البديلة"!

قبل تصوير فيلمها الشهير Pretty Woman اتفقت النجمة العالمية "جوليا روبرتس" مع الشركة المنتجة ومخرج الفيلم على أنها لن تصور المشاهد التي تظهر خلالها شبه عارية، وطلبت الاستعانة بدوبليرة.

ولبَّى المنتج والمخرج طلبها بهدوء، ولم يقل أىٌّ منهما لها: "متشغتليش الشغلانة دى تانى"، كما قيل لـيوسف الشريف قبل عشر سنوات، كما أن الأمر ذاته تكرر عند تصوير الأفيش الذي تقوم فكرته على ظهور بطلة الفيلم عارية.

وعندما سألت مجلة "Us" الأمريكية "جوليا" عن السر وراء موقفها، ابتسمت نصف ابتسامة، قبل أن تُعقب: "لأن هذا ليس مناسبًا لي"، فهل قامت الدنيا ولم تقعد في هوليود، أو اتفق المنتجون والمخرجون على عدم الاستعانة بها في أعمال قادمة؟

وبعيدًا عن كل هؤلاء، فإننى أحيل كل الغاضبين من تقديم سينما نظيفة ودراما راقية على التقرير الأخير للمجلس القومى للمرأة تعقيبًا عن الأعمال الرمضانية.
التقرير الصادر عن جهة/ مؤسسة حكومية رسمية شدد على أن معظم المسلسلات حفل بتجاوزات تتناقض مع قيم المصريين الدينية والاجتماعية، أبرزها: استخدام الإيحاءات الجنسية والألفاظ البذيئة وغير اللائقة من السيدات، والتركيز على المرأة اللعوب التي تتلاعب بالرجل للحصول عليه، حتى لو كان متزوجًا أو خاطبًا، والفحش في إظهار الخيانة الزوجية.

والتركيزعلى تقديم صورة المرأة المتسلطة سليطة اللسان فاقدة الحياء.. فهل هذه هي رسالة الفن التي يجب تقديمها لمجتمع يتفكك أخلاقيًا، ويوقظنا كل صباح على جرائم تفوق خيال الشياطين؟