إحسان عبد القدوس يكتب: ديكتاتورية الشعب
تعرضت مصر على مدى تاريخها وخاصة بعد قيام ثورة يوليو وجلاء المستعمر عنها لمحاولات ضرب لوأد الثورة والعودة بمصر إلى التبعية والاحتلال.
وحول إحدى هذه الضربات كتب الأديب الصحفي إحسان عبد القدوس فى مجلة روز اليوسف عام 1956 مقالا قال فيه: إن الحرية لا تموت أبدا.. إنها الحياة نفسها، وقد يعتدى عليها لكنها لا تموت، وقد حدث اعتداء على الحرية فى حرب 56، وكان هذا الاعتداء كافيا لان تبرز القومية العربية بكل ضخامتها.
وكان كافيا لأن تتحرك الوطنية العربية فى سرعة.. فلم تكن الانتفاضة العربية من أجل مصر أو مجاملة لبلد شقيق.. بل كانت انتفاضة واعية تفهم الأسباب الحقيقية للثورة والحرب.. إننا نثور ونحارب لا من أجل مصر ولا من أجل قناة السويس ولكن من أجل الحرية.. والشعب العربى عندما يثور اليوم لحق مصر بعد تأميم القناة إنما يثور لحق نفسه.. ودول الغرب عندما تعتدى على حق مصر فى تأميم القناة إنما تعتدى على حق سوريا والعراق والسعودية والأردن ولبنان واليمن والسودان وليبيا وتونس والجزائر وباقى الدول العربية.. وايدن وبينو عندما يطالبان بالتخلص من جمال عبد الناصر لا يعنيان عبد الناصر وحده، بل يعنيان كل زعيم عربى يواجههما بحق شعبه ويعنيان كل من يحاول أن يقف وقفة جمال عبد الناصر سواء فى الحاضر او فى المستقبل.
لكن ليس عبد الناصر هو الزعيم الوحيد فى العالم الذى يقاوم أطماع الغرب الدولية وخاصة فى المنطقة العربية، فهناك ماوتسى تونج وتيتو وخريتشوف، ولم يطالب ايدن وبينو بعزله... ذلك لأنهما يعتقدان أن مصر دولة صغيرة ضعيفة ضمن العالم العربى الصغير الذى لا يستحق الحرية ولا السيادة على أرضهم.
قالوا عن عبد الناصر إنه ديكتاتور على مصر يحركها فتثور، ويأمرها فتهدأ، فهل كان عبد الناصر ديكتاتورا على العراق عندما أيدته، وهل كان ديكتاتورا على سوريا ولبنان والسودان عندما ثارت معنا، وهل كان ديكتاتورا على الهند عندما صرخ رئيسها (ارفعوا ايديكم عن مصر)؟! إن عندنا ديكتاتورية.
إحسان عبد القدوس: "فى بيتنا رجل" تجربة شخصية
وهذا صحيح لكنها ليست ديكتاتورية جمال عبدالناصر او ديكتاتورية مصر.. إنها ديكتاتورية الشعب.. الشعب العربى كله فى البلاد العربية كلها.. الشعب هو الذى يملى إرادته على الحكام، وكل ما فعله ناصر هو أنه أيقظ ديكتاتورية الشعب وأفسح لها الطريق وتزعمها، وديكتاتورية الشعب العربى هى التى تواجه الغرب الآن بكل عداوته وقوته.
الشعب المصرى بقيادة زعيمه القائد جمال عبدالناصر هو رمز الصمود والتحدى.