ذكرى رحيل صاحب أضخم موسوعة فى اليهودية والصهيونية
مفكر عربى إسلامى له دراساته العديدة فى اليهودية والصهيونية، باحث مهموم بشئون التعليم والمعرفة، الحوار والمنطق أقوى أسلحته، شهدت رحلته تحولات كثيرة.. هو الدكتور عبد الوهاب المسيرى ـــ رحل فى مثل هذا اليوم 3 يوليو 2008 ـــ أستاذ العلوم الإنسانية بالجامعات المصرية والعربية والأجنبية، فهو خريج جامعة الإسكندرية والحاصل على الماجستير والدكتوراه فى الأدب الإنجليزى من الجامعات الأمريكية.
شهدت رحلة الدكتور عبد الوهاب المسيرى الفكرية تحولات كثيرة من التقليدى المحافظ إلى القومى مرورا بالإخوان المسلمين ثم الماركسية.. فيقول عن هذه التقلبات فى كتابه "رحلتى الفكرية": لقد التحقت فى بداية حياتى لفترة قصيرة بالإخوان المسلمين فى مرحلة الصبا، ثم اتجهت إلى الماركسية وعشت مرحلة الشك ولكن مع الالتزام بالقيم المطلقة مثل الحق والخير والجمال والإيمان بأن الإنسان كائن غير مادى، وضرورة إقامة العدل فى الأرض.
ويكمل: وعلى مدى ثلاثين عاما عدت مرة أخرى إلى الإسلام لا كعقيدة دينية وشعائر فحسب وإنما كرؤية للكون والحياة، ولم يولد الإيمان داخلى إلا من خلال رحلة عقلية طويلة وعميقة لأنه إيمان عقلى لم تدخله عناصر روحية.
قدم الدكتور المسيرى عدة مؤلفات كان أشهرها موسوعته (اليهود واليهودية والصهيونية) التى قضى فى إعدادها ربع قرن من حياته فخرجت فى ثمانية أجزاء كمحاولة لإيصال فكرة حقيقية عن اليهود كعدو لم يكن يعرف عنه إلا من خلال كتاب بروتوكولات حكماء صهيون)، استعرض فى موسوعته كل جوانب تاريخ اليهود فى العالم القديم والحديث وكافة أحوالهم الاجتماعية وعلاقاتهم بالديانات الأخرى.
مرصد الأزهر: أكثر من 2000 يهودي اقتحموا ساحات «الأقصى» خلال شهر يونيو
كثيرا ما أكد الدكتور المسيرى تأثره بكتابات الدكتور جمال حمدان فى دراساته الجغرافية عموما ودراساته عن اليهود خاصة، فكان يقول عنه: كنت أحس بالإعجاب الشديد فى أسلوب كتابته وفى أسلوب حياته، هذا الزهد العلمى الشديد والإعراض عن الدنيا الذى مكنه من إنجاز جوانب مهمة من مشروعه المعرفى الكبير، وهذا ما شجعنى على الاستقالة من الجامعة لإنجاز مشروعى المعرفى، تعلمت منه الواحدية المادية العلمية والتعصب للمناهج الرياضية وإعادة الاعتبار للخيال والحدس فى عملية التفكير العلمى، وأهم ما استفدت منه الخروج بالظواهر اليهودية والصهيونية من دائرة التوراة والتلمود ووضعها فى سياقات تاريخية لتصبح ظواهر مختلفة عن كل ما هو سائد عنها.
تبنى المسيرى سلوكا معارضا طوال حياته حتى أنه قبل وفاته أقام دعوى قضائية ضد الرئيس الراحل حسنى مبارك عام 2007 يطالب بتطبيق مادة دستورية تنص على أن العربية هى اللغة الرسمية للدولة بعد انتشار الأسماء الأجنبية فى مصر.