مصطفى أمين يكتب: الوساطة والمحسوبية
فى كتابه "مقالات ممنوعة" كتب الكاتب الصحفي مصطفى أمين مقالا قال فيه: لاتصدق من يقول لك إن أكبر كتاب مصر أو أكبر شعراء مصر أو أكبر فناني مصر وصلوا محمولين على الأكتاف .
الموتى فقط هم الذين نحملهم على الأكتاف ، أما الذي يريد أن ينجح في الحياة فيجب أن يسير على قدميه هو ويحفر طريقه في الصخر بأصابعه هو .
أتطلع حولي فلا أجد رجلا واحدا ناجحا في الحياة لم يتعب ولم يعرق ولم يشق ولم يواصل النهار بالليل فى العمل والكفاح ، ما رأيت رجلا ناجحا صعد درجات الحياة راكبا "أسانسير" كل الذين حاولوا أن يتسلقوا على المصعد حطم المصعد رقابهم .
من الممكن أن يحدث النجاح "المؤقت"للمحاسيب الذين يحققون هذا النجاح بفضل أصهارهم وأنسبائهم أومن يتزلفون إليهم ، ولكن هذا النجاح لا يدوم ، هذا النجاح الصناعى يزول بزوال السبب ، فكم من أسماء لمعت استنادا إلى قرابة أو مصاهرة لوزير ، أو كبير ثم سقطت بسقوط الوزير أو الكبير وانزوت فى زوايا النسيان .
من الممكن لقزم ان يجلس فوق كتف عملاق فيبدو أطول من المعتاد ، ولكن إذا اهتز هذا العملاق سقط القزم من مكانه وهوى على الأرض ، ومن الممكن لشاب تافه أن يقترب من رجل كبير فتصيبه بعض الأضواء المسلطة على الرجل الكبير .
لكن اذا انطفأت الانوار عاد الشاب تافها كما بدأ ، فهذا النوع من الناس أشبه بالبالونات تنفخه فيمتلئ بالهواء ثم تجئ شكة دبوس فتعيده الى حجمه الطبيعى .
بعضنا يتصور أن المحسوب على مسئول كبير هو رجل محظوظ وهذا ليس حقيقيا ، إن المنافقين يحنون رؤوسهم ويلعنونه ، وغير المنافقين يلعنونه دون ان يحنوا رؤوسهم ..إنه دائما رجل صغير يجد سعادته فى أن يحمل الحقيبة للكبير ولا يعرف مافيها ، ويفتح الباب لشخصية هامة لتقابل الكبير ولكنه لا يعرف ما يدور فى المقابلة ، ويحمل فى يده ملفا مكتوبا عليه سرى جدا للغاية ولا يجرؤ على ان يفتح الملف ، واذا فتحه فلن يفهم ما فيه .
فلا تغبط المحسوب على مكانته المزعومة بل يجب أن ترثي له ..الحذاء فى قدم الرجل الكبير قد يدوس به على الناس ولكنه يبقى دائما حذاء .