مكرم محمد أحمد.. شكرا
التغيير سنة الحياة، يخطئ من يعتقد أنه عقوبة على أداء فاشل، هذا المفهوم الخاطئ تسبب في كوارث عديدة طوال عقود سابقة. يستميت المسئول على الاحتفاظ بالكرسي ليس فقط لأنه ينعم بمزاياه.
وإنما أيضا خوفا من أن يقال عنه إنه فشل في أداء مهمته، وما يتبع ذلك من موقف الآخرين منه، خاصة المنافقين الذين طالما تغنوا بعبقريته ليصبح موضوعا للنميمة وتشويه كل خطوة اتخذها والتطاول على شخصه.
وطالما عانينا من استمرار القيادات الصحفية
في مواقعها سنوات طويلة، لم يقصروا خلالها فى التنكيل بأصحاب الكفاءات وإستبعادهم
من المشهد حتى لا يحلوا أماكنهم والنتيجة حالة الفراغ التى حدثت في الوسط الصحفى
وأصبح من الصعب العثور على قيادات قادرة على تحمل المسئولية.
عن التغيير الذى حدث في المجالس الإعلامية وفى
مقدمتها المجلس الأعلى للإعلام الذى كان يترأسه الكاتب الصحفى الكبير مكرم محمد
أحمد أتحدث، وعمل معه مجموعة من أصحاب الخبرات الإعلامية في ظروف شديدة الصعوبة
ولا يمكن لأحد أن يتصور أن خروج مكرم يرجع إلى أنه فشل فى تأدية رسالته، بل على
العكس لقد وضع النظام الأساسي للمولود الجديد..
الذى سينير الطريق أمام الذين تولوا المسئولية من بعده وحقق إنجازات عديدة في حل المشاكل المتراكمة التى تواجه المؤسسات الصحفية، وتصدى لمعاقبة كل من يخرج عن أداء المهنة.
وبالرغم من إننى لا أزعم أننى كنت متابعا لما
يدور فى المجلس ولكن ثقتى في قيادة صحفية محترمة مثل مكرم كانت تغنينى عن المتابعة.
وما أكثر المشاكل الصغيرة التى كانت تواجه
مكرم من جهات عديدة منها نقابة الصحفيين التى كان من المفترض أن تدافع عن اعضائها،
وبدلا من ذلك كانت تطالب بتوقيع أقصى العقوبة عليهم.
ولكن كان الأمر يزداد تعقيدا عندما تطالب مؤسسة مصرية بالحجر على أصحاب الآراء المخالفة.. وفرض الرقابة على هوية الآخرين التى استمر مكرم يعتبرها قضيته الأساسية طوال حياته.
تعرض مكرم بسبب آرائه لمصاعب شديدة، وكلنا
نذكر خطاب مرسي الذى كان رئيسا للجمهورية، الذى هاجم مكرم في خطاب عام لمجرد
اعتراضه على أسلوب الإخوان في الحكم.
ومن أسف أن يتعرض مكرم للهجوم الشديد من أشخاص لم يعرف عنهم أنهم قدموا مثل ما قدم للوطن.. وكأنه كان بمقدور الرجل أن يصلح
الحال "المايل" للصحافة المصرية فى ست سنوات.
حاول الرجل الإصلاح، نجح أحيانا ولم ينجح في
أحيان أخرى، هل كان بمقدور مكرم أن يعيد صفحات الرأى التى تشمل المؤيد والمعارض، في
ظل تحكم رؤساء تحرير كل ما يشغلهم هو البقاء على كراسيهم.
ونجحوا بإمتياز في أن تصبح الصحف المصرية
محلية.. بينما الصحف العربية تفوقت عليها وتنافسها بشدة في السوق، فشلت صحافتنا حتى في مخاطبة القارئ
في الغرب باللغة التى يفهمها. الحقائق المجردة، وإحترام عقول القراء، فنجح الأعداء
فيما فشلنا فيه .
مكرم محمد أحمد.. شكرا