عودة وطن
تعتبر ثورة 30 يونيو لحظة فارقة فى تاريخ مصر بصورة عامة وفى تاريخ مصر المعاصر بصورة خاصة؛ فقد كان حكم الإرهابية لمصر كما يعلم الجميع لمدة عام واحد ( 2012 -2013 م) كارثة على جميع الأصعدة: سواء على المستوى الاقتصادي، أو المستوى الأمني، أو المستوى السياسي، وأيضًا الوطني..
فقد تراجعت كل المؤشرات الاقتصادية ونقص المواد البترولية، بل تدهورت منظومة الكهرباء، وفى ظل التدهور الاقتصادي والخدمي كان الحكم الديني المتطرف ذات الفصيل الواحد امتداد للخلافة العثمانية خطرًا كبيرًا على الهوية المصرية والتى تشكل عمق الشخصية المصرية التى حافظت على مدار التاريخ على أرض هذا الوطن الحبيب.
بل فى ظل هذا الحكم تراجع دور مصر الإقليمي والدولي ، وزيادة الأطماع المحيطة بها، بل زادت العمليات الإرهابية فى سيناء من قبل التنظيمات التابعة لهم، وما بين الحوادث الإرهابية وتخريب سيناء ومليشيات الإخوان غاب الأمن وانتشر الإرهاب، إلا أن الشعب المصري انتفض بكل فئاته ومؤسساته من جيش وشرطة وقضاء ونساء ورجال وشباب ليخلصوا مصر من هذه البؤرة اللعينة التى كانت بمثابة استعمار جديد..
ومن ثم تحطمت أحلام الدولة العثمانية فى 30 يونيه 2013 على يد جيش مصر العظيم ووراءه كل الشعب المصري وسطرت مصر ملحمة وطنية وضعت أيقونة لامعة أمام العالم أيقونة وطنية وقفت ضد خططهم وأحلامهم لمحو الهوية المصرية..
احلامهم المزيفة التى امتدت إلى فتح الحدود مع ليبيا للتنظيمات التابعة لهم، والتخلي عن حلايب وشلاتين بالإضافة إلى تقسيم مصر ومنح إسرائيل جزء من سيناء، أحلام ومخططات لم تستطيع أن تقوى أمام الشعب المصري وأمام الجيش بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمام الهوية المصرية التى انتفضت ولملمت أشلاءها عبر العصور لتقف صامدة أمام هؤلاء لتظل مصر بهية أمام العالم.
وبدأت مصر بعد أن تخلصت من هذا الحكم الفاشي
ثورة أخرى هي ثورة البناء فى جميع المجالات وواجهت كل التحديات سواء الاقتصادية أو
الأمنية أو السياسية ومازالت تواجه وتبنى بقيادة حكيمة محبة لتراب مصر ، فالإنجازات
الداخلية وراء نجاح مواجهة التحديات الخارجية والإرهاب، فمصر قادرة على أن تتحدى كل
المخاطر وتعبر بسلام والتاريخ شاهد ويشهد على ذلك..
فقد انتقلت مصر إلى مرحلة جديدة بدخولها لمجلس الأمن وتعتبر شريكا أساسيًّا فى تحمل مسئولية السلام الاجتماعي على المستوى الدولي، ولم يأتي ذلك من فراغ بل أتى من مواجهة مصر بشعبها ورئيسها وجيشها وشرطتها التحديات الداخلية من مواجهة الإرهاب، ومن طرح مشاريع اقتصادية واستثمارية ضخمة، بل واستكمال خارطة الطريق بمراحلها السياسية المختلفة، بل تجاوزت مصر التحدي الأكبر فى إقامة علاقات على المستوى الدولي والإقليمي بخطوات ثابتة على منهجية وطنية لبناء علاقات استراتيجية مع دول مثل روسيا والصين ودول أوربية، وأفريقية.
بل وضعت قضية مكافحة الإرهاب على أجندة
المجتمع الدولي، وأثبتت مصر رؤيتها بوضع أولويات لمكافحة الإرهاب، فالإرهاب لا دين
له ولا وطن ولذا وضعت مصر الأولوية لهذه القضية التى تهدد سلام الشعوب الداخلي والخارجي.
بل أكدت مصر على ضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب
وضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية بل وعلى أهمية التعليم والثقافة والانفتاح
فى مواجهة التطرف الفكرى، بل أكدت على استراتيجية العلاقة بين مصر وإثيوبيا والسودان
، وأرسلت رسالة هامة انه لا تفريط فى امن مصر المائي.
هكذا يتحرك الوطن وهكذا يعيش الوطن، وعلينا
كمواطنين وإعلاميين وسياسيين أن نتكاتف حول الوطن وقياداته المخلصة وان يترك بعض الناس
السفسطة التى لا نفع لها ولا صلاح، ونلتف حول مصر الوطن ونتكاتف حول مفهوم الهوية المصرية
بما تحمله من معانى ودلالات ورموز وتاريخ بل وحاضر ومستقبل..
علينا أن نقف وراء التطور الإيجابي والخطوات الفعالة ولننظر إلى نصف الكوب الممتلئ ونحاول أن نملئ النصف الآخر، ولنسترد روح 30 يونيو فى ثورة ثالثة ألا وهى ثورة الدعم وبناء الوعي لوطن يبنى على الصخر ، ونحو خارطة طريق منفتحة على أعين مستنيرة نحو التفكير الإيجابي والإبداعي من أجل تراب مصرنا الحبيبة التى لن تغيب ضحكتها أبدا عن أعين ومسامع وقلوب أولادها.