رئيس التحرير
عصام كامل

«ملء سد النهضة».. «كذبة يوليو».. أديس أبابا تخطط للسيطرة على النيل الأزرق.. والقاهرة تحبط مخططات رئيس الحكومة الإثيوبية

فيتو

«خطوات مصرية جادة ومراوغات إثيوبية لا هدف منها إلا كسب الوقت الذي قارب على الانتهاء».. ملخص ما يجرى حاليًا فيما يتعلق بمفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، ففى الوقت الذي التزمت فيه القاهرة بالطرق الدبلوماسية والسياسية في معركتها، لم تترك حكومة أديس أبابا وسيلة غير شرعية إلا واستخدمتها.

 

التلاعب الأثيوبي

 

وبمرور الأيام اتضح أن «التلاعب بالكلمات والمناورة بالخطاب الموجه للداخل»، هي إستراتيجية الحكومة الإثيوبية برئاسة أبي أحمد على خلال الفترة الراهنة، وتحديدًا بعدما ضاقت الخيارات لدى كل الأطراف، وخاصة مصر في أزمة سد النهضة، فلم تجد إثيوبيا طريقا نحو الثبات على الموقف العنتري المتكرر خلال السنوات الأخيرة بالتصريح الدائم «الملء باتفاق أو بدون» إلا التدليس والتلاعب بالألفاظ لإثبات الموقف الإثيوبي العدائي ضد مصر الراغب في تقويض مستقبلها وخنقها إستراتيجيا عبر التحكم في مياه النيل.

 

لكن مع إضفاء صبغة التفاوض وحسن النية على المفاوضات المقبلة التي تتم برعاية الاتحاد الأفريقي الذي يتدخل في الأزمة لأول مرة منذ اشتعالها في أبريل 2011.

 

كذبة الملء

 

في هذا السياق كشف عدد من خبراء المياه طبيعة المناورات الإثيوبية التي تنتهجها خلال الفترة الراهنة بهدف كسب مزيد من الوقت لتحقيق أكبر مكاسب خلال المفاوضات على حساب مصر.

 

فبحسب الدكتور مساعد عبد العاطي، أستاذ القانون الدولي للأنهار المشتركة، فإن النهج الإثيوبي في التفاوض يعتمد على المراوغة وإضاعة الوقت والمراوغة، بهدف تحقيق غايتها الكبرى في التحكم بمياه نهر النيل الأزرق.

 

وكشف «عبد العاطي» أن المراوغة الإثيوبية تستهدف التملص من فكرة إلزامية الاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة ولائحة تسوية المنازعات الخاصة ببنود الاتفاق بينها وبين مصر والسودان، ولهذا بات لزامًا على المفاوض المصري أن يكون محددا في طلباته والتأكيد الأمور الخلافية الأساسية التي ذكرناها ومعها التمسك بمبدأ التعويض عن الأضرار الناجمة عن تشغيل السد وتوفير معدلات أمان عالية للسد كون انهياره يشكل خطرا وجوديا على السودان وضررا كبيرا على مصر أيضا.

 

قانون الأنهار المشتركة

 

والمفاوض الإثيوبي انطلاقا من مبدأ المراوغة الذي يتبعه منذ تسع سنوات فإنه سيحاول إدخال الأمور الفنية مرة أخرى في مرحلة التفاوض الحالية بهدف تشتيت المفاوض المصري عن الأهداف الأكبر والأكثر خلافية بين الدول الثلاث.

 

وطالب أستاذ القانون الدولي للأنهار المشتركة، بأن يكون هناك اعتناء بمخرجات وصياغة الاتفاق المتوقع ليصاغ بمهارة ومهنية في إطار السابقات الدولية في مجال استخدام الأنهار الدولية المشتركة في غير الأغراض الملاحية، والحذر من استخدام مصطلحات قانونية أو فنية تقبل التأويل، ربطا بالممارسات الإثيوبية السابقة بشأن اتفاقيات حوض النيل.

 

وتابع: موقف مصر القانوني أقوى من إثيوبيا التي انتهكت مباديء القانون الدولي الخاص بالأنهار الدولية المشتركة واتفاقية استخدام الأنهار الدولية المشتركة في غير الأغراض الملاحية من خلال انتهاكها لمبدأ الإخطار المسبق للدول الأكثر تضررا من المشروعات المائية المقامة على الأنهار الدولية، إلى جانب مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول لمصادر المياه بما لا يضر الغير.

 

 

كما أن مصر تمتلك حصة تاريخية من مياه النيل هي في مصاف الحقوق المكتسبة وفقا للقانون الدولي طالما مرت العقود دون الاعتراض من الدول المتشاطئة في النهر، وغيرها من المبادئ التي انتهكتها إثيوبيا منذ اليوم الأول لبناء سد النهضة.

 

قواعد غير ملزمة


من جهته كشف الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أن «إثيوبيا ترغب بعد كل تلك السنوات من المفاوضات الخروج بقواعد إرشادية عامة غير ملزمة بشان عمليات الملء والتشغيل دون الالتزام باتفاق إطاري ملزم يضمن حقوق مصر في مياه النيل».

 

وأضاف «علام» أن «إثيوبيا ترفض الالتزام القانوني لسعيها إلى بناء 3 سدود أخرى إلى جانب سد النهضة على النيل الأزرق بهدف السيطرة على المياه، وهذا يفتح الباب أمامها لزيادة وزنها الإقليمي في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، ومصر طرحت قواعد لملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق التنمية لإثيوبيا ويخفف الأضرار عن مصر.

 

لكن الأخيرة استمرت في الرفض والمراوغة وأن التمسك الإثيوبي بالملء في عدد سنوات قليلة يستنزف مخزون السد العالي من المياه الذي تعتمد عليه مصر لإنقاذها من حالات الجفاف المحتملة في المستقبل».


على الجانب الآخر شدد الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، على أن المراوغة الإثيوبية ستنتهي إلى اتفاق، خاصة أن الإثيوبيين يعلمون جيدا أن بدء عملية الملء دون اتفاق يعني نسف المفاوضات بأكملها وتضييق الخيارات أمام مصر والسودان، موضحًا في الوقت ذاته أن «حكومة أبي أحمد اعتادت خلال الأربعة الأشهر الماضية مخاطبة الشعب الإثيوبى بأن سد النهضة سوف يبدأ الملء في أول يوليو باتفاق أو بدونه.

 

بينما أعلن وزير الخارجية الإثيوبي قبل القمة الأفريقية المصغرة مباشرة أن الملء خلال الأشهر القادمة وليس في بداية يوليو كما اعتادوا التصريح، وهو ما يؤكد حرص إثيوبيا على عدم الملء في الفترة الحالية حفاظا على البقية الباقية من مفاوضات سد النهضة.

 

معدل الأمطار

 

وتابع «شراقي»: معدل الأمطار في شهر يونيو كان يسمح بعملية الملء الأول التي لن تتجاوز 5 مليارات متر مكعب، لكن إثيوبيا لما تتخذ هذه الخطوة خاصة أنها لديها الفرصة لاحتجاز نفس الكمية حتى شهر أكتوبر المقبل، أي أن هناك متسع من الوقت للانخراط في مفاوضات حاسمة للوصول إلى اتفاق إطاري ملزم يراعي مصالح الدول الثلاثة، بيان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الأخير عقب القمة الإفريقية المصغرة، مجرد تلاعب بالكلمات وفحواه موجهة إلى الداخل الإثيوبي الذي حصل على وعود مستمرة بتحدي مصر والملء تحت أي ظرف تحت شعار «النهر إثيوبي والسد إثيوبي».

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية