مصر 2013-2020.. حقائق تهزم أباطيل الشر.. من العزلة إلى قلب السياسة العالمية.. واقتصاد من الانهيار للانبهار
قبل 7 سنوات وقبل ثورة 30 يونيو 2013، كانت مصر شبه دولة، تعاني الاضطراب الأمني والفتنة الداخلية والطائفية والسياسية، تقف على شفا الانهيار الاقتصادي ، معزولة عن محيطها العربي ومحاصرة في قارتها الأفريقية وأواصر علاقاتها مقطوعة مع دول العالم، حتى جاءت ثورة 30 يونيو لتنتشلها من المصير المجهول لتبدأ خطوات التقدم رغم الصعوبات.
وخلال السطور التالية نرصد التحول غير المسبوق في 7 سنوات لانتشال مصر من الانهيار كما كان مخططا لها، لتصبح دولة رائدة في جميع المجالات وتصبح أيضا محط أنظار العالم وانبهارهم لما حدث.
وكان سعي أعداء ثورة الشعب المصري العظيمة في 30 يونيو 2013 من داخل وخارج مصر حثيثًا لبث اليأس والإحباط في نفوس هذا الشعب الذي أثخنته جراح حقبة موروثة طويلة ثم 3 سنوات من الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي، اختتمت باستيلاء جماعة إرهابية على الحكم، لم توفر جهدًا بعد الإطاحة بها في محاولات هز ثقة الشعب في ذاته الحضارية، ودولته الضاربة في عمق الأرض والتاريخ، وقدرته المتوارثة على الإنجاز وعبور المستحيل.
وتوالت الدعايات والإشاعات والحملات طوال هذه السنوات السبع، محاولة أن ترسم وتروج صورة لمصر غير التي هي عليها بالفعل، مضفية عليها كل السواد الذي تتمناه لها ولشعبها الجماعة الإرهابية التي أطاح بها الشعب بثورته وحلفائها الخارجيين. إلا أن مصر الحقيقية تبقى هي تلك التي تبدو عليها اليوم بعد 7 سنوات في كل المجالات والمحاور، فإلى أين وصلت الآن وكيف تغيرت في كافة المجالات؟
من العزلة... إلى قلب السياسة العالمية
وخلال هذه السنوات تم تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي.. ونظامها الجديد يجاهد لنيل اعتراف دول العالم.. وفقدت حلفاءها الذين صدَّقوا الأكاذيب وأوقفوا توريد الأسلحة والمعدات والمساعدات.
هذه هي الصورة التي تحالف الجماعة الإرهابية وحلفاؤها في الخارج المال والجهد والسلاح والأرواح لترويجها عن مصر في العالم، الذي لم يكن يدرك الكثير من دوله أن مصر كانت في عام 2013 أمام اختيار وجودي: "أن تكون أو لا تكون"، أمام خيار "الدولة" أو "اللا دولة".
لم يمر الكثير من الوقت حتى تغيرت هذه الصورة، لأن الواقع قد تغير وبدأت الحقيقة تتبدى تدريجيا، فقد كشف الصدى العالمي الذي حظى به الخطاب التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014 استعادة مصر لمكانتها الدولية والإقليمية، ولاحترامها الطبيعي بين الأمم، ولدورها في قلب التفاعلات الاقليمية والدولية.
شهور أخرى.. أصبحت مصر عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، ثم انتخب رئيسها رئيسًا للاتحاد الأفريقي ثم شهور وسنوات، أصبحت مصر الرقم الأهم في السياسات الدولية والإقليمية، ولعل الأحداث والوقائع الأخيرة تؤكد ما حققته مصر في هذا المجال. فالرئيس عبد الفتاح السيسي هو الرئيس الوحيد في العالم الذي دعى وشارك في 28 قمة إقليمية وعالمية في عام واحد (يونيه 2019 – يونيه 2020) في 4 قارات منها 6 قمم عن بعد بسبب جائحة كورونا.
شيدت مصر علاقات إستراتيجية عميقة وشاملة مع مراكز القوى العالمية الأربعة: الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا، واستعادت مكانتها في أمتها وقارتها ومنطقتها، وأصبح رئيس مصر ضيفًا في كل قمم العالم الكبرى: مجموعة السبع ومجموعة العشرين وغيرهما.
هذا التحول كان نتاج دبلوماسية رئاسية نشطة وواعية لمكانة مصر ودورها التاريخي، فقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدد (115) زيارة خارجية على مدى 6 سنوات زار فيها (46) دولة منها السعودية (12 زيارة) وإثيوبيا (7) زيارات والسودان (6) زيارات والصين (6) وروسيا (5) والولايات المتحدة (8) منها 6 زيارات للأمم المتحدة و (5) لألمانيا.
وجغرافيًا زار الرئيس الدول العربية (38) زيارة وأفريقيا (29) وأوروبا (29) وآسيا (18) زيارة.
كما عقد الرئيس على أرض مصر (911) اجتماعًا مع قادة ومسئولين من مختلف دول العالم زاروا مصر.
نشاط مخطط، ورؤية شاملة لسياسة خارجية متوازنة وضعت مصر في مكانتها وأعادت لها تأثيرها الذي شهدناه خلال أسبوعين، عندما أعلنت مصر عن مبادرة سياسية شاملة لحل الأزمة الليبية، ثم تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي، معززة بقطاعات من جيش مصري حديث متطور مسلح ومدرب، بما أدى إلى تغيير كافة المعادلات الإقليمية والدولية تجاه العديد من القضايا، وتحرك العالم على وقع الحركة المصرية.
الاقتصاد من الانهيار إلى الانبهار
كان أصعب ملفات وتحديات السنوات السبع هو ملف الاقتصاد، وهو أخطر الملفات لتأثيره المباشر على حياة المواطنين، فلا فرص عمل ولا خدمات اجتماعية ولا مرافق، ولا جيش قويًا بدون اقتصاد قوي وناجح.
حاولوا في الداخل والخارج نشر اليأس والشكوك في قدرة مصر على النهوض من جديد، وقاموا بتأليب الدول والحكومات والمنظمات الاقتصادية للامتناع عن مساعدة اقتصاد مصر "الميئوس منه" حسب مزاعمهم ودعاياتهم السوداء.
كانت "القيامة" من ذلك الواقع تحتاج إلى معجزة بعد ما تراجعت كل جوانب الحياة الاقتصادية، لكن كان لإرادة الشعب رأي آخر، فقد بدأت عودة الثقة في النفس وفي قدرة الشعب والدولة على الإنجاز بمشروع قناة السويس الجديدة، الذي كان رمزًا للقدرة على عبور الصعاب، وابتداع الحلول والمنجزات.
وبعد سنوات قليلة، تبدلت الصورة: فبعد نسب نمو متدنية كانت في حقيقتها نموًا سالبًا (انكماشًا)، حققت مصر معدلات متزايدة من النمو وصل لما يقرب من 6% قبل تأثيرات جائحة كورونا الحالية، وتم إعادة تكوين الاحتياطي النقدي وانخفضت نسبة البطالة من 13.4% إلى 7.5% عام 2019، وهوت معدلات التضخم مما يزيد عن 30% إلى نحو 5% في عام 2020.
لقد قدمت مصر للعالم نموذجًا مبهرًا في الإصلاح الاقتصادي والقدرة على الإنجاز.
ففي مجال التنمية العمرانية، تمت إعادة إنشاء البنية الأساسية في مجالات الطرق ومياه الشرب والصرف الصحي وغيرها، وتحولت البلاد إلى ورشة بناء كبرى من العلمين غربًا إلى أسوان جنوبًا، وسيناء والجلالة شرقًا، في سلسلة من مدن الجيل الرابع التي تأتي على رأسها العاصمة الجديدة، مع تطوير مستمر للبنية التحتية في كافة مدن وقرى مصر، لعل أكثرها إثارة لتقدير العالم هو توفير خدمة الصرف الصحي لنحو 40% من قرى مصر مقابل 11% فقط في عام 2014.
وفي مجال الإسكان استطاع المشروع القومي للإسكان أن يوفر مئات الآلاف من الوحدات السكنية لكل المستويات الاجتماعية من الشعب، واقتحمت الدولة بجدية غير مسبوقة مشكلة العشوائيات وتغيرت حياة الملايين من أبناء الشعب في سنوات قليلة.
وفي مجال الكهرباء رصدت الدولة 614 مليار جنيه على مدى (6) سنوات حولت مصر من دولة تعاني مشكلة في الكهرباء إلى دولة مصدره للكهرباء والطاقة، بعدما تضاعفت قدراتها في هذا المجال بإضافة 28 ألف ميجاوات كهرباء.
وفي مجال الطرق، شرايين التنمية، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيه 2014 المشروع القومي للطرق بتنفيذ 39 طريقًا بإجمالي 4400 كم يتم تنفيذ مراحلها بمعدلات إنجاز قفزت بترتيب مصر في جودة الطرق عالميًا (90) مركزًا في 6 أعوام من المرتبة 113 لتصل إلى المرتبة 28 على مستوى العالم.
وأنقذت الطرق الحديثة حياة الآلاف من المصريين حيث تراجعت أعداد الوفيات في حوادث الطرق بنسبة 50%.
وفي مجال التنمية الإنتاجية، أبرز مجالات فرص العمل المستدامة، كانت الزراعة في المقدمة بمشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان، ثم مشروعات الزراعات المحمية لاستصلاح أمثل للمياه وكذلك مشروعات الاستزراع السمكي التي ساهمت في سد الفجوة الغذائية في هذا المجال. فضلًا عن مئات المشرعات لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي وتحلية مياه البحر.
وفي الصناعة تم إنشاء المناطق الصناعية المتخصصة، ومنها منطقة الروبيكي لصناعات الجلود، ومدينة الأثاث في دمياط، وتطوير مشروعات الغزل والنسيج ومشروعات صناعة السيارات وغيرها.
وفي مجال البترول والغاز، ودعت مصر سنوات الجمود والديون لشركات الطاقة العالمية إلى انطلاقة كبيرة في الاستكشاف والصناعات التي أثمرت عن اكتشافات تاريخية حولت مصر من دولة مستوردة للغاز الطبيعي إلى دولة مصدرة للغاز ومحور عالمي لتجارة الغاز.
في الوقت نفسه بدأت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بشائر استثماراتها وإنتاجها لتوفير فرص العمل لأبناء الشعب وإضافة المزيد من القوة للاقتصاد المصري.
أما التنمية الاجتماعية فهي الملف الأكثر انسانية في التطور الاقتصادي الناجح في مصر بهدف تطوير وتحسين حياة المواطنين والخدمات الأساسية المقدمة لهم، وكذلك مساعدة الفئات محدودة الدخل على تحمل تبعات الإصلاح الاقتصادي.
في هذا الإطار كانت مشروعات الإسكان الاجتماعي محدود التكاليف وتطوير العشوائيات وتطوير منظومة الخبز ورفع الحد الأدنى للأجور وابتكار منظومة جديدة للدعم النقدي شملت مشروعات تكافل وكرامة وحياة كريمة وغيرها.
أما أهم مجالين في التنمية الاجتماعية فأولهما ملف الصحة حيث أطلقت مبادرة "100 مليون صحة" بمراحلها وأهدافها المتواصلة وقامت بأكبر مسح طبي شامل في العالم لأفراد الشعب، ثم مبادرة القضاء على قوائم الانتظار للعمليات الجراحية وصولًا إلى مشروع التأمين الطبي الشامل الذي بدأ بالفعل أولى خطواته.
المجال الثاني هو ملف التعليم بكل مراحله ومستوياته، والذي يشهد أجرأ وأعمق تطوير وتغيير في أنظمته ومناهجه وأدواته وتأهيل المباني والمعلمين منذ بدء التعليم الحديث في مصر في القرن التاسع عشر، في ثورة حقيقية ستنقل مصر إلى قلب عصر العلوم والتكنولوجيا الحديثة.
من الإرهاب لواحة الأمن والسلام
الإرهاب كان أداة وسلاح الجماعة الإرهابية التي حاولت، بعد أن أسقطها الشعب بإرادته وسلميته، الاستيلاء على مصر بالسلاح الذي هو الأقرب لتفكير مثل هذه الجماعات التي تستخدم تشويه الفكر والدين لتجنيد العناصر الإرهابية. سلاح خسيس استخدموه وراهنوا عليه، وحاولوا وأعوانهم في الداخل والخارج وصم مصر بوصمة الإرهاب وتحويلها إلى مستنقع للإرهاب وعدم الاستقرار في نظر العالم. استخدموا لهذا الهدف كل الوسائل لنشر الإرهاب والرعب في كل ربوع مصر، في المدن والصحاري، ضد الجيش والشرطة، ضد الكنائس والمساجد والمتاحف، ضد المواطنين الأبرياء، ضد المرافق العامة ومنشآت وأعمدة الكهرباء.
أنفقوا المليارات وجندوا الآلاف، وطبقًا لدراسات مراكز للبحث مستقلة، فقد نفذوا (232) عملية إرهابية في مصر خلال الشهور الستة الأخيرة من عام 2013 قتلوا خلالها 195 من الجيش والشرطة و802 من المواطنين المدنيين، وفي عام 2014 نفذوا 182 عملية ارهابية خلفت 157 شهيدًا من الجيش والشرطة و41 مدنيًا.
وفي عام 2015 نفذوا 310 عمليات إرهابية أدت إلى استشهاد 178 من الجيش والشرطة و318 مدنيًا، ونفذوا 243 عملية إرهابية في 2016 خلفت 273 شهيدًا من الجيش والشرطة و79 مدنيًا، ونفذوا 169 عملية إرهابية عام 2017 خلفت 185 شهيدًا من الجيش والشرطة و144 مدنيًا.
ويأتي عام 2018 لتنخفض العمليات الإرهابية إلى 45 عملية إرهابية صاحبها انخفاض أعداد الضحايا بنسبة 90%.
وجاء عام 2019 ليشهد انحسار الإرهاب في بقاع جغرافية نائية محدودة في شرق شمال سيناء وبعض المتسللين من الحدود الغربية الذين سرعان ما يتم القضاء عليهم.
وبفضل إرادة الشعب ووحدته ورفضه للإرهاب فكرًا وجماعة وتنظيمًا وجرائم، تمكن الجيش والشرطة من توفير "الأمن الكامل" في كل ربوع مصر لشعبها وضيوفها وسياحها وكل من على أرضها، وأصبحت مصر وفق المؤشرات الدولية تحتل في عام 2019 المركز الثامن عالميًا في الأمن والأمان، وذلك مقارنة بالمركز الـ(16) عالميًا في عام 2018، من بين 192 دولة في العالم.
استقرار سياسي
بالتوازي مع مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الأمني، تم الشروع بعد ثورة 30 يونيو في بناء مؤسسات معبرة عن إرادة جموع الشعب، فتم وضع دستور مصري من جانب نخبة تمثل بصدق مكونات الشعب، وحظي الدستور بتأييد شعبي واسع، وأجريت انتخابات رئاسية حرة مرتين بحضور الإعلام الدولي، وتم انتخاب برلمان جديد سيكمل دورته البرلمانية ويستعد لانتخابات جديدة وتم استحداث مجلس الشيوخ وتثبيت حد أدنى لتمثيل المرأة في البرلمان بنسبة 25% في تعديلات دستورية. وترسخت في مصر دولة المؤسسات، التي أرادوها أن تكون خاضعة لمكتب إرشاد ومجالس شورى لعصابات تكفيرية وتنظيمات وجماعات لا تؤمن من الأساس بفكرة الوطن فما بالك بالمؤسسية الحديثة.
وحدة المصريين
وحدة شعب مصر الواحد بعنصريه من المسلمين والأقباط هي من أقدس ما يعتز به شعبها على مر العصور. وفي كل هذه العصور اعتقد الأعداء والأشرار دائمًا أن النيل من مصر يبدأ بإصابتها في القلب منها: في وحدة شعبها.
وهكذا فعلت جماعة الإخوان الإرهابية، نشرت الفتنة الطائفية وأحرقت وحلفاؤها في أيام عشرات الكنائس، ومارسوا العنف والإرهاب بحق المسيحيين والمسلمين أيضًا ممن يخالفونهم الرأي أو الفكر أو يتمسكون بانتمائهم الوطني. وبدت مصر في نهاية 2013 مثخنة بجراح تؤلم وحدتها وقلبها، ومثل هذه الجراح هي الأصعب في التداوي، وواصلت الجماعة الإرهابية وحلفاؤها رغم هذا استهداف الكنائس لسنوات ومحاولات يائسة لاستهداف العقول.
ورغم صعوبة المهمة، إلا أن دور الدولة والقيادة، قدم النموذج للشعب: فقد تم ترميم وإعادة بناء جميع الكنائس التي تم حرقها وهدمها. وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي وسط بهجة الملايين أكبر كنيسة في الشرق الأوسط وأكبر مسجد في العاصمة الإدارية الجديدة. وعادت المحبة بين الجميع وانهزم الإرهاب ومحاولات الفتنة.
وأصبح المصريون آمنين في مساجدهم وكنائسهم وفي بيوتهم ونفوسهم، أكثر رضا واطمئنانًا في هذا الشأن من أي وقت مضى في مصر منذ نحو نصف قرن.
واستمرت المعالجة الرشيدة لكل ما يتعلق بهذا الملف من خلال توفيق أوضاع آلاف المقرات الكنسية وإصدار قانون بناء وترميم الكنائس ليضفي الطمأنينة على رعاياها ولتصبح صفحات مصر في كل التقارير الدولية هي صفحات إشادة بما حققته في مجال المواطنة والمساواة.