يوسف زيدان.. مفكر بدرجة مشاغب حتى إشعار آخر
تتفق أو تختلف مع ما يطرحه الأديب والمفكر يوسف زيدان مع ما يطلقه من سهام فكرية من آن لآخر ، هذا لا ينكر أن يوسف زيدان هو واحد من كبار المفكرين ، وهو ما يبينه حجم إنتاجه الفكرى الضخم والمتنوع طوال مشواره الأدبى والعلمى .
فـ « الجرأة والصدام ».. صفتان لازمتا يوسف
زيدان ، منذ بزوغ روايته الأشهر « عزازيل » الحاصلة على جائزة البوكر في 2009..
يقتحم زيدان أخطر القضايا بـ « دم بارد » غير عابئ بمن ينهش في سيرته ومسيرته ، صادم في دحر الجهل والتخلف ، مؤمن بأن العلم
والمعرفة هما السبيلان الوحيدان لإنقاذ الأمة من حالة الانحطاط التي ترزح فيها منذ
سنوات.
وعد قطعه على
نفسه أستاذ الفلسفة الإسلامية مع بداية التسعينات، بعد حصوله على الدكتوراه عن
رسالته «الطريقة القادرية فكرا ومنهجا وسلوكا، دراسة وتحقيق لديوان عبد القادر
الجيلاني عام 1989، بتغيير وجه الثقافة العربية، فاختار لنفسه طريقا وعرا متخذا
لحلمه شعار « ليس هناك مهمة أصعب من تحريك العقول التى غاصت في غياهب الأوهام
لعشرات السنين » .
يوسف زيدان
المعروف إعلاميا بإثارة الجدل ، لا يخلو عاما دون أن يلحق به أيا من التهم والتى كان
آخرها " إدمان التريند " بعدما كان قد اتهم بخدمة أهداف الصهيونية
العالمية وتزييف التاريخ وإزدراء الأديان من قبل ، بسبب أطروحاته في إعادة فهم
التراث والدين والتاريخ، وعلى الرغم من كل ذلك فيوسف زيدان يعد حالة فنية فريدة في
المشهد الثقافى المصرى والعربى أيضا، فإنتاجه المتنوع ما بين الأدب وتاريخ العلوم
والتصوف الإسلامى والفلسفة الإسلامية، تجاوز أكثر من 68 مؤلفا، وترجمت أعماله إلى
30 لغة، وحصدت كتاباته الجوائز العالمية، ودُرست كتبه في جامعة السوربون .
المفكر السكندرى
المغضوب عليه من أساتذة التاريخ ورجال السياسة والدين والمثقفين أيضا، بسبب آرائه
وأطروحاته وتصريحاته – المثيرة للجدل دائما - بداية من انتقاده للشخصيات التاريخية
كصلاح الدين وقطز وبيبرس، وأحمد عرابي، مرورا بأحكام وقراءات وتفاسير القرآن
المغفولة، وصولا إلى أن المسجد الموجود في مدينة القدس بفلسطين، ليس هو المسجد
الأقصى المذكور في القرآن الكريم، لا نستطع إنكار دوره التفاعلى في تحريك العقول
من سبات الجهل والتلقين السائدين في الثقافة الجمعية العربية .
البحث عن الشهرة
والركض وراء جائزة نوبل ، تهم تلاحق يوسف زيدان منذ مطلع عام 2000، فتارة اتُهِم
المفكر بالإساءة للمسيحية وسرقة الأفكار بعد نشر روايته « عزازيل » وتارة وجد نفسه
مواجها بتهمة ازدراء الأديان ، بعدما نشر
كتابه « اللاهوت العربى وأصول العنف الديني » بالإضافة إلى تزييف التاريخ وتشويه الرموز
الوطنية ، ومؤخرا اتهامه بـ " إدمان التريند "
على مواقع التواصل الإجتماعى .
والمشهود عن
يوسف زيدان طوال تاريخه العلمى والأدبى، أنه لا يتبع مدرسة فكرية بعينها، ولا
يُحسب على تيار ثقافى معين، فلا هو إسلامى أصولى متشدد، ولا هو علمانى متحرر،
وإنما هو كما يقدم نفسه « مفكر وفيلسوف متحرر يميل للصوفية الإسلامية بما يعتريها
من قيم روحانية كونية » .
زيدان السكندرى
لمن لا يعرفه، من مواليد برج السرطان ، مثقف مشاغب ، يميل للفكر النابش عن المسكوت
عنه في التاريخ والموروث الإسلامى.. حديثه ذو شجون دائما، ويمتلك حضورًا طاغيًا
ولغة متقنة ومعرفة لا حدود لها، باحث عنيد لن يتراجع عن تحقيق حلم صباه حتى آخر
نفس، وسوف يبقى مواظبا على شغبه وإثارته للجدل حتى إشعار آخر .