رئيس التحرير
عصام كامل

عباس محمود العقاد يكتب : السبق هو سر حياتى

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

 
فى كتابه "حياة قلم"يحكى الكاتب الكبير عباس محمود العقاد ــ ولد فى مثل هذا اليوم ـــ 28يونيو 1889ـــ عن بداياته فى الكتابة الصحفية فقال :أول صحيفة كتبت فيها كانت صحيفة الدستور لصاحبها محمد فريد وجدى عام 1907 وكنت أوقع مقالاتى بالحروف الاولى من اسمى ع.م، ومثل هذا التوقيع لا ينجو من السنة الزملاء الهازلين فى بلد القفش والقافية .

 


وبعد شهر من العمل فى الصحافة المصرية أمكننى أن ألخص حياتى منذ أوائل القرن العشرين فى كلمة واحدة هى "السبق " .
وكانت الصحف المصرية تنقسم الى يومية وغير يومية ولم تكن هناك صحف اسبوعية بالمعنى الذى تصدر به مرة كل اسبوع ، كانت تصدر متقطعة كل اسبوع او كل اسبوعين وهكذا،واحيانا تنتظم خمسة اسابيع ثم تتوقف المهم لا ننتظرها فى يوم معلوم من ايام الاسبوع حيث يتوقف صدورها على توافر المادة اللازمة للصدور .وتقوم احداث المادة على فضيحة لسهرة حضرها شخصية تخاف من التشهيراوالتهديد ، او مديراتهم بفساد وحب المناسبات زى المصايف مثلا أو ضجة سيساسية او اجتماعية الى جانب الدعايات والدعابات وغيرها .


والغريب ان أحدا من الصحفيين الافاضل وغير الافاضل لم يعلن انه سيصدر صحيفة لمصلحة خاصة او للرد على شخصية او للتشهير لكنك اذا راجعت الاسماء فتراهم يختفون وراء اسماء ليعمل فى الخفاء مثل الكرباج ، البعبع ،الجاسوس ، العفريت ، الصاعقة ، المرصد ، الصبوة وما شبهها من اسماء يختارها اصحاب الصحف وهم فى سعة من الاختيار .
وجدت فى القاهرة مكاتب لتحرير المقالات وكان مقرها حانات ومقاهى فى باب الخلق والعتبة والفجالة ، ومن هذه المكاتب قهوة فى العتبة الخضراء يجلس اليها محرر مشهور يكاد يرتجل المقالة فى دقائق وقد يكتب المقالة على وجهين متناقضين احدهما للمدح والاخر للقدح والتهديد ويجلس بهذه المقالات وهو على ثقة من الطلب عليها ،
والواقع ان هذه الصحافة كانت فى مجموعها على نفس الاسلوب بين صحافة صالحة تسرع الى الاحتجاب وصحافة فاسدة تعيش متقطعة متسكعة وينقطع لها الحثالة من نفايات البلد وقبل ان تعتمد على بضاعة غير بضاعة الجهل والاحتيال .
كانت المصروفات التى تمنح للكتاب فى ذلك الوقت سببا فى بقاء الصحيفة فى سنواتها الاولى ، كانت تقوم الصحيفة على خمس من المحررين والمترجمين والمخبرين يتراوح مرتباتهم بين خمسة جنيهات فى الشهر وقد تصل نادرا الى عشرة .

 

55 عاما على رحيل الأديب عباس محمود العقاد
أما بالنسبة لصحيفة الدستور فيتكون قلم التحرير من محرر واحد وهذا المحرر هو كاتب السطور يشترك فى التحرير و الترجمة وتلخيص الموضوعات ويتناول فى الشهر مرتبا لايزيد عن ستة جنيهات ولا يزيد على وظيفة الحكومة سوى جنيه واحد باختلاف ان الوظيفة الحكومية تصرف معاشا .


لكن كان الخمسة مليمات فى هذه الوقت تعطيك مائدة جيدة فى الصباح وعند الضرورة يكفيك طعام الغداء والعشاء ، تتكون الوجبة من مليم لنصف رغيف ،2 مليم طبق الفول بالزيت ، مليم طبق سلطة ، مليم ثمن برتقالة او اصبع موز او بلحتين ، 
ويمكنك استبدال هذه الوجبة بوجبة اخرى مكونة من حلاوة طحنية وجبن وبيض ولا توجد فاكهة ..واخيرا هذه هى بدايتى فى الدستور .


الجريدة الرسمية