كيف انتهكت إثيوبيا القانون الدولي في ٩ سنوات من التفاوض حول سد النهضة
انتهكت إثيوبيا خلال السنوات التسع الأخيرة مبادئ مستقرة في القانون والعرف الدولي الحاكم لاستغلال موارد الأنهار الدولية المشتركة من خلال تعنتها في مسائل الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة وقبلها انتهاكها للاتفاقيات والمعاهدات الثنائية بينها وبين مصر بشأن عدم الإضرار بمصالح مصر في مياه النيل.
وكشف الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي للأنهار الدولية، أن هناك عدد من المبادئ القانونية الدولية التي تنظم استغلال الأنهار الدولية في غير الأغراض الملاحية وتقننتها اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية عام 1997 ودخلت حيز النفاذ عام 2014. وأوضح عبد العاطي أن من أهم تلك المبادئ الاستخدام المنصف والمعقول للنهر المشترك وهو مبدأ يخضع لعدد من المعايير القانونية والفنية التي اوضحتها اتفاقية ١٩٩٧ مثل الوضع في الاعتبار عدد السكان في كل دولة، توافر أكثر من مصدر مياه في الدولة، تأثير التغيرات المناخية، الاستخدامات السابقة والحالية للسكان، والوضع الجيولوجي والجغرافي للدول المتشاطئة فكل تلك المباديء تنظم استخدام المياه، واذا نظرنا الى ذلك المبدأ فسنجد أن مصر لا تمتلك مصدرا رئيسيا للمياه سوى نهر النيل الذي يساهم ب ٩٥% من استخدامات المياه في مصر التي تعاني الفقر المائي والتصحر.
أما المبدأ الثاني فيقول عنه الدكتور مساعد فهو عدم إحداث الضرر الشديد بالغير عبر إقامة مشروعات هندسية على الأنهار و أن يكون الضرر مؤثر وليس ضرر هين يمكن قبوله والتعامل معه وبالتأكيد نحن نعلم تأثيرات سد النهضة السلبية على احتياجات مصر من المياه وتضررها من عدم الاتفاق على قواعد تشغيل السد بما يخفف عنها الأضرار بالشكل المعقول، وأن أهم الأدلة على تأثير السد الخطير على مصر هو تغيير سعته المحددة ب ١٤ مليار متر مكعب خلال بضعة أشهر لتصبح ٧٤ مليار مكعب.
ويضيف أن ثالث تلك المبادئ فهو ضرورة الإخطار المسبق من الدول التي تريد إنشاء مشروع مائي على النهر الدولي للدول المتوقع تضررها من هذا المشروع فترسل كل الدراسات الخاصة بالمشروع إلى الدول المحتمل تضررها ولا تبدأ في التشييد إلا بعد التوافق مع تلك الدول والقانون الدولي حدد مدة التفاوض من 6 أشهر إلى عام، كما حدد القانون الدولى أن لا تتوقف الدول المحتمل تضررها أمام الأضرار البسيطة التي يمكن تجاوزها والتعامل معها لكن في حالة وجود ضرر شديد فيجب أن يتم التوافق عليه بالتفاوض وهو ما لم تتوافر لدي إثيوبيا حتى الان الارادة والنية لتحقيقه.
ولفت عبد العاطي الى أن مبدأ الحقوق المكتسبة أو ما يعني استمرار وتواتر حصول إحدى الدول على كميات من المياه ثابتة لفترة طويلة هو أحد المبادئ الأساسية التي تنطبق على الحالة المصرية ويحميها القانون الدولي الذي اشترط ان يكون هذا الحق مكتسب نتيجة الاستمرار دون وجود أى اعتراض من الدول الاخرى على هذا الوضع وهو مبدأ قانوني موجود في النظم القانونية.
وأشار إلى أن مبدأ ضمان سلامة المنشآت الهندسية المقامة على الأنهار الدولية، لم تراعيه إثيوبيا بأي حال بدليل عدم تقديمها دراسات نهائية حول أمان سد النهضة حتى الآن، وأن القانون الدولي أرسى ذلك المبدأ في ظل التقدم الهندسي والعلمي الذي ساعد على إنشاء مشروعات ضخمة على الأنهار الدولية وفي حالة انهيار إحداها فسيسبب كارثة وجودية لبعض الدول ، وأن لجنة الخبراء الدوليين في تقريرها حول سد النهضة عام ٢٠١٤ أكدت وجوب إجراء دراسات هندسية مكملة حول أمان جسد السد وأشارت إلى أن الدراسات التي أجرتها إثيوبيا غير كافية.
وتابع " قانون الأنهار الدولية المشتركة أقر مبدأ فض المنازعات بالطرق السلمية وحتمية القيام بدراسة الأثر البيئي للمشروعات المائية على الدول المتوقع تضررها وبالتالي يجب على الدولة الراغبة في إنشاء مشروع على النهر أن تجري تلك الدراسات البيئية التي أصبحت أساسية في النظم الدولية منذ عام 1971 وأيضا وفق حكم محكمة العدل عام 1997 بين المجر وسلوفاكيا وبالنظر لموقف إثيوبيا فإنها لم تجرِ حتى الآن أي دراسات بيئية حول السد بل واستبعدت المكتب الاستشاري الفرنسي الذي وقع عليه الاختيار لإجراء الدراسات.