رئيس التحرير
عصام كامل

"السلفية".. الفرقة الناجية من النار !!


السلفية، بفتح السين واللام، : الأباء والأجداد، أما مصطلح السلف الصالح فهو تعبير يراد به المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعيهم، على أنهم القدوة الصالحة ، وتقوم دعوتهم على اتباع نهج السلف الصالح فى كل شئون الحياة الدينية، من مأكل وملبس ومعاملة وطريقة حياة ، وتدعو إلى محاربة الجديد فى الدين على أنه بدعة ، وهناك فرق فى البدعة ، كون البدعة كتعريف .. هى الأمر المستحدث والذى لم يكن من قبل، ولهذا فإن من البدع ما ليس له علاقة بالدين فهو مباح ، كصنع السيارة والطائرة وغيرها .

أما البدع التى كان يحذر منها السلف ، هى بدع تخص الشريعة الإسلامية وليست الدنيوية.. وعلى هذا التعريف فكل مسلم سلفى، فلا أعتقد أن هناك مسلما لا يرى أن الحق فى اتباع الرسول وصحابته وتابعيهم وتابعى التابعين، وفى كتابه "إسلام بلا مذاهب" يقول د. مصطفى الشكعة، رحمه الله: "وما لبث الفريق الجديد أن اشتد عضده حين قام الإمام أحمد بن تيمية فى القرن السابع الهجرى، يقود حركته ويغذى منهجه بالتأليف والرد على خصوم المذاهب ومحاجتهم وقرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان .


وإذا كانت السلفية عرفت هكذا فى القرن السابع الهجرى، فليس معنى ذلك أنها أتت بجدبد ، فواقع الأمر أن هؤلاء السلفيين هم امتداد لمدرسة الإمام أحمد بن حنبل وأن الحنابلة هم الذين وضعوا الأسس التى سار عليها السلفيون من بعد ، مثل الكلام فى التوحيد وصلة ذلك بالأضرحة ، كما تناولوا آيات التأويل والتشبيه .

ولكن لماذا تلك الفرقة ؟ وفى هذا التوقيت ؟ يقول د . محمد أبو زهرة، فى كتابه "تاريخ الجدل".. تحت عنوان "تمهيد فى افتراق الأمة وسببه": جاء فى البخارى: عن زينب بنت جحش أنها قالت:  استيقظ النبى ،صلى الله عليه وسلم، من النوم محمرا وجهه، يقول لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ... ويروى عن النبى، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة ...وفى بعض الروايات زيادة " كلهم فى النار إلا واحدة " ...

وأورد فى أسباب ذلك الانقسام العصبية العربية، وانقسام العرب إلى قحطانيين وعدنانيين ، وأيضا التنازع على الخلافة وطلب الملك ودخول طوائف كثيرة فى الإسلام من أصحاب الديانات القديمة والملل والنحل السابقة، فقد بقى أولئك على كثير مما ورثوه من عقائدهم ، وأيضا مجاورة المسلمين لكثير من أهل الديانات القديمة، وسريان كثير من أفكار أولئك إلى المسلمين.. وأخيرا ترجمة الفلسفة فى العصر الأموى والعصر العباسى والتعرض لبحث الكثير من المسائل ليس فى استطاعة العقل البشرى الوصول إليها منفردا عن الشرع.. كمسألة إثبات الصفة الإلهية، كالكلام ونفيها، ومسألة قدرة العبد بجوار قدرة الرب وغير ذلك، فإن البحث فى هذه المسائل يفتح بابا واسعا من أبواب الخلاف .

فالباحث المدقق فى تاريخ وأسباب نشوء الفكر السلفى، سوف يلاحظ أنه ظهر كحائط صد ضد ما اعتور العقائد من تأويلات لا طائل من ورائها سوى الشقاق وانحراف عن معنى التوحيد.. ففى الجزء الثالث من كتابه "ضحى الإسلام" يقول أحمد أمين : "كثر البحث فى العقائد فى ذلك العصر، العصر العباسى، واتخذ ألوانا جديدة لم تكن أيام النبى، صلى الله عليه وسلم، ولا الأولين من صحابته ، وأخذت هذه البحوث تتركز ليتكون منها علم جديد يساير سائر العلوم التى نشأت فى هذا العصر، هو" علم الكلام " ..

 
 وعلى هذا الأساس كما أورد  د . مصطفى الشكعة فى كتابه "إسلام بلا مذاهب " أنكر ابن تيمية على أهل العقل من فلاسفة الإسلام منهجهم ، وانتهى إلى أنه لا سبيل إلى معرفة العقيدة والأحكام وكل ما يتصل بها إجمالا وتفصيلا واعتقادا واستدلالا إلا من القرآن والسنة المبينة له ، والسير فى مسارهما وليس للعقل سلطان فى تأويل القرآن وتفسيره أو تخريجه إلا بالقدر الذى تؤدى إليه العبارة.. وإذا كان للعقل سلطان بعد ذلك فهو فى التصديق والإذعان وبيان تقريب المنقول من المعقول، فالعقل يكون شاهدا ولا يكون حاكما ، ويكون مقررا ومؤيدا ولا يكون ناقضا ولا رافضا .. وإن كانت توابع ما سبق تستوجب هذا التشدد غير أنه كان من الخطأ تنحية العقل بالكلية، وهذا مما يخالف القرآن وتعاليم السنة التى ادعوا أنهم يعودون إليهما فى كل أمورهم ، فإن أخطأ الطبيب وتسبب فى مقتل مريض فلا يعنى ذلك أن نمنع امتهان مهنة الطب بالكلية.. غير أن هذا ما كاااان ....    .
الجريدة الرسمية