رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء يرصدون رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لحكم الإخوان في مصر.. "شاهين": واشنطن تدعم شرعية الجماعة لحين ظهور البديل.. "البشير": ستتخلى عنهم في حال تأكدها من أي تهديد لمصالحها

الرئيس محمد مرسي
الرئيس محمد مرسي

"لا تتطلع الولايات المتحدة إلى خسارة جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس المصري محمد مرسي، وستظل تدعم شرعيتهم خاصة بعد تأكيد الجماعة على الحفاظ على مصالح واشنطن، وتحقيق الاستقرار، ولن تغير موقفها حتى يتغير الوضع على الأرض، ويظهر بديل آخر".


هذه الرؤية اجتمع عليها خبيران مصريان في العلوم السياسية من خلال قراءتهم لتصريحات أدلت بها شخصيات دولية بشأن عدم تفاؤلهم من نتائج مظاهرات 30 يونيو/ الحالي المتوقع أن تشهدها مصر.

وتدعو قوى مصرية معارضة إلى التظاهر يوم 30 يونيو/ الجاري، للمطالبة بسحب الثقة من الرئيس والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، فيما قالت قوى إسلامية إنها ستتظاهر غدا الجمعة 21 يونيو/؛ دعما لمرسي، الذي فاز قبل نحو عام في أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي ظل بالحكم قرابة 30 عاما.

وأعربت آن باترسون السفيرة الأمريكية بالقاهرة في ندوة نظمها مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية قبل يومين عن شكوك تساورها مع الإدارة الأمريكية في أن نتائج عمل الشارع قد يؤتي بنتائج أفضل من الانتخابات.

وقالت السفيرة، في الندوة التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي واقتصر الحضور فيها على أصحاب دعوات خاصة، إن "البعض يقول إن عمل الشارع سوف يأتي بنتائج أفضل من الانتخابات.. لأكون صادقة معكم، حكومتي وأنا لدينا شك عميق إزاء هذا الأمر".

وأضافت باترسون أن "مصر تحتاج استقرارا حتى تقوم بتنظيم اقتصادها، والعنف في الشوارع سيضيف أسماء جديدة على قوائم الشهداء. وبدلًا من ذلك اقترح أن يقوم المصريين بتنظيم أنفسهم. انتموا إلى حزب أو ابدأوا حزب يعبر عن قيمكم وتطلعاتكم".

وعن ما يحتاجه المصريون برأيها، قالت سفيرة واشنطن، التي خدمت من قبل في باكستان، إن "المصريين يحتاجون لأن يجدوا طريقا أفضل للأمام، وهذا سوف يأخذ وقتا".

وأضافت: "يجب عليكم أن تشمروا عن سواعدكم وتعملوا على الأرض بجدية، وسوف تكون نتيجة التقدم بطيئة وسوف تشعرون كثيرا بالإحباط.. لكن لا يوجد طريق آخر".

واتفقت كاثرين آشتون الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوربي مع رأي السفيرة باترسون، إذ جاء حديثها خلال زيارتها للقاهرة أمس الأربعاء لتشدد على نفس المبدأ الذي تتخذه الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي من مصر في هذه الفترة.

والتقت آشتون أمس بقيادات من جبهة الإنقاذ الوطني (التي تضم أحزابا وحركات معارضة) بمصر لتنقل لهم رسالة مفادها أن العنف في مظاهرات 30 يونيو/ الجاري سيؤدي إلى الفوضى والتي من شأنها زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، بحسب مصادر مطلعة تحدثت معها الأناضول.

عماد شاهين، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قال لمراسلة الأناضول إن "الولايات المتحدة ما زالت تؤيد النظام الحالي، وجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن يظهر بديل آخر للشرعية؛ فالإدارة الأمريكية تسعى في التعامل مع الحكومات إلى من يضمن تحقيق الاستقرار والمصالح الأمريكية، وكذلك يتحكم في عدم حدوث الفوضى".

وأضاف أن "الإدارة الأمريكية ليس لها بديل غير التعامل الآن مع الإخوان، خاصة أنهم استطاعوا التأكيد على عدم استعدادهم للتصادم مع النظام الدولي خلال عام من حكم الرئيس المنتمي إليهم، محمد مرسي".

وأوضح أنه من ناحية الموقف القانوني لم تبد جماعة الإخوان المسلمين أي نوايا للمساس بمعاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل، أو حتى تهديد أمن إسرائيل وهو ما يعني الحفاظ على المصالح الأمريكية.

وقال: "من ناحية التعامل الاقتصادي، أبدى الإخوان المسلمين استعدادهم للاندماج في منظومة السوق العالمي".

شاهين استدل على ذلك بتخلي الولايات المتحدة عن حليف استراتيجي بحجم نظام مبارك واستعدادهم للتعامل مع المجلس العسكري، الذي أدار شئون البلاد عقب تنحي مبارك في فبراير/شباط 2011 حتى تسلم الرئيس المنتخب محمد مرسي مقاليد الحكم في شهر يونيو/ الماضي، ثم التحول إلى التعامل مع الإخوان المسلمين.

واعتبر شاهين أن سبب التحول الأمريكي هو "عدم قدرة الولايات المتحدة على الوقوف أمام هذا الحجم من المظاهرات وهو ما يهدد مصالح واشنطن بالمنطقة وكذلك تحقيق الاستقرار".

واتفق معه، أحمد الأمين البشير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة واشنطن، الذي قال لمراسلة الأناضول عبر الهاتف إن "سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر معقدة للغاية؛ لأنها ليست مبنية على الحكومات أو دعم نظام بعينه، بقدر ما هي مهتمة بقدرة هذا النظام على المحافظة على مصالح الولايات المتحدة واستقرار المنطقة".

وأوضح البشير أن الولايات المتحدة من الصعب أن تؤيد خط حكومة أو نظام في أي بلد طوال الخط، وقال: "إنها فكرة بدائل، تدفع بالموقف إلى أن يتغير وفق تطورات الأوضاع على الأرض".

وأضاف أن "الإدارة الأمريكية قد تتخلى عن النظام الحالي في حال تأكدها من أن هناك تهديدا لمصالحها أو خيار الفوضى عاد مجددا على الساحة السياسية".

وخلال الشهرين الماضين وجهت الخارجية الأمريكية رسائل انتقاد لسياسات نظام الرئيس المصري مرسي، لكنها في الوقت لم تزد عن كونها "عتاب"، بحسب مراقبين.

وبدأت تلك الانتقادات في إبريل/ نيسان الماضي بسبب أوامر ضبط وإحضار قضائية صدرت بحق إعلاميين مصريين، ووصفتها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند بأنها "دليل على اتجاه نحو تقييد أكبر لحرية التعبير"، وهي التصريحات التي اعتبرها حزب "الحرية والعدالة" الحاكم "تدخلا سافرا من الولايات المتحدة في الشأن الداخلي المصري".

وخضع إعلاميون معارضون للرئيس مرسي خلال الشهرين الماضيين لتحقيقات في بلاغات قدمها مؤيدون للرئيس مرسي يتهمونهم فيها بإثارة الرأي العام والسب والقذف وإذاعة أخبار كاذبة.

وفي مطلع شهر يونيو/ الحالي وجهت الخارجية الأمريكية انتقادات لمشروع الجمعيات الأهلية الذي عرضه مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري التي تتولى مهمة التشريع كاملة حاليا لخين انتخاب مجلس نواب يشاركها مهمة التشريع) مؤخرا للحوار المجتمعي بقولها "مشروع القانون يتضمن ضوابط وقيود حكومية كبيرة على أنشطة وتمويل الجماعات المدنية، وهو ما يتعارض مع الحق في حرية تكوين الجمعيات المنصوص عليها في العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية الذي شاركت فيه مصر".

ورفضت الخارجية المصرية انتقادات واشنطن لها واعتبرتها تدخلا في الشئون الداخلية للبلاد.

ثم تلا ذلك موقف الإدارة الأمريكية من أحكام قضائية بشأن 43 متهمًا من ممثلي منظمات المجتمع المدني صدرت بمصر مطلع الشهر الجاري.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة مطلع شهر يونيو/ الجاري أحكاما بالسجن تراوحت بين عام و5 أعوام بحق 43 متهما، بينهم 19 أمريكيا في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر.

وصرح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في تصريح صحفي نشره موقع الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي، بأن "هذا الحكم يتعارض مع المبدأ العالمي لحرية تكوين الجمعيات وغير متوافق مع الانتقال إلى الديمقراطية".
الجريدة الرسمية