رئيس التحرير
عصام كامل

البنك الدولي: القلاقل السياسية وارتفاع الأسعار أبرز تحديات دول المنطقة

البنك الدولي - صورة
البنك الدولي - صورة أرشيفية

أكد البنك الدولى فى أحدث تقرير له، صدر اليوم الخميس، أن ارتفاع الأسعار عالميا وتراجع أسعار النفط وما يحدث فى منطقة اليورو يعد أبرز التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورصد البنك الدولى فى تقريره الصادر مطلع الأسبوع الجارى، بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية" عددا من المخاطر والتحديات الرئيسية التى تواجه دول المنطقة خلال السنوات المقبلة ومنها عوامل سياسية وأمنية وأخرى مالية واقتصادية.
وفيما يتعلق بالتوترات السياسية والأمنية، ذكر البنك أن التأثير المحتمل لضعف النمو فى منطقة اليورو لا يقارن بتأثير زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو الأثر المحتمل لفشل معالجة الاختلالات المتزايدة فى الاقتصاد الكلى المتزايد، بما فى ذلك العجز المالى المتزايد إلى مستويات لا يمكن تحملها بسبب دعم الوقود والمواد الغذائية الذى يصل إلى أكثر من 20% من الإيرادات الحكومية فى العديد من الاقتصادات، بالإضافة لارتفاع مستويات الديون التى تهدد الاستدامة المالية على المدى الطويل.
وقال البنك فى التقرير أن التأثير المحتمل الأكثر وضوحا بالنسبة للدول المصدرة للنفط، يتمثل فى تراجع أسعار البترول.
وذكر البنك الدولى فى تقريره أن التوترات السياسية والمخاطر الأمنية لا تزال مرتفعة وهناك مؤشرات متزايدة على الاستقطاب السياسى الداخلى فى العديد من اقتصادات دول المنطقة، حيث من المقرر إجراء انتخابات فى عدد من البلدان هذا العام أو مطلع العام المقبل، مما يشكل تحديا لبيئة الإصلاح فى وقت الاضطرابات الداخلية واستمرار ارتفاع مستويات ارتفاع البطالة.
ويضيف أن التوترات قائمة بالفعل فى العراق ولبنان ويمكن أن تتفاقم أكثر بسبب الوضع فى سورية، مع احتمال حدوث آثار مدمرة لاقتصادات تلك الدول.
ويوضح أنه على المدى الطويل، فإن التحديات لإجراء إصلاحات هيكلية تواجه المنطقة، وهى حاليا مصدر للتوترات الاجتماعية والسياسية، لا تزال إلى حد كبير هى نفسها تحديات ما قبل بداية الربيع العربى.
ويضيف أنه نتيجة لذلك، ما لم يتم إحراز تقدم فى مسار بناء توافق فى الآراء السياسية والاجتماعية الضرورى لإجراء الإصلاحات الهيكلية الضرورية، فمن المرجح جدا أن تظل منطقة الشرق الأوسط النامية وشمال أفريقيا متأخرة عن المناطق النامية الأخرى بالعالم وأن معدلات النمو ستظل منخفضة نسبيا حتى عند استعادة الهدوء فى نهاية المطاف.
ويذكر البنك الدولى أن الكثير من دول المنطقة تواجه تحديات حقيقية على الصعيد المالى، ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة الإنفاق الاجتماعى لتهدئة التوترات التى نشأت فى سياق الربيع العربى، وكذا بسبب ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية التى زادت تكلفة برامج الدعم بحدة.
ويرى أنه لمواجهة هذا الأمر سيكون صعبا بما فيه الكفاية فى أفضل الأوقات، ولكن يمثل تحديا على وجه التحديد لتباطؤ معدلات النمو الحالية والفترة المضطربة اجتماعيا، حيث لا تزال تلك النفقات تمثل نحو 6% من الناتج المحلى الإجمالى فى العديد من البلدان.
وبشأن مصر، يرى التقرير أن تأخر أو توقف صرف المساعدات الخارجية فى المستقبل يمكن أن يؤدى إلى تفاقم صعوبات فى ميزان المدفوعات فى ضوء انخفاض مستوى الاحتياطى من النقد الأجنبى وتراجع الثقة فى القطاع المصرفى الذى لديه مستويات عالية من التعرض للديون السيادية.
كما يبرز التقرير مخاطر ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ويرى أن اقتصادات الدول المصدرة للنفط معرضة بشكل خاص إلى تحول فى أسعار النفط، وفى مثل هذه الحالة، فإن إيرادات الحكومات وأرصدة الحسابات الجارية قد تتعرض لضغوط.
ويذكر التقرير أن البنك الدولى ناقش أثار انخفاض أسعار النفط إلى 80 دولار للبرميل بحلول منتصف عام 2014.
ويشير إلى أن البلدان النامية المصدرة للنفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ( إضافة إلى الدول المصدرة فى جنوب الصحراء الكبرى فى أفريقيا ) ستكون الأكثر تضررا من هذا الانخفاض، مع تراجع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 1.4 %، وتراجع أرصدة الحكومة بنسبة 2.1% من الناتج المحلى الإجمالى وأرصدة الحساب الجارى بنسبة 3.5 % فى عام 2014.
ويرى التقرير أنه بالنسبة للبلدان، مثل الجزائر أو إيران، حيث الموازين المالية تتعرض للضغوط، ما قد يجبرها على إجراء تعديلات حادة فى معدلات الطلب، والسياسة وأسعار الصرف.
وعلى العكس فإن الدول المستوردة للنفط التى تعانى من ضغوط مالية وعلى ميزان المدفوعات ستستفيد من مثل هذا الانخفاض، مع ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 0.5 % عن خط الأساس فى المتوسط، وتحسن الحسابات الجارية والأرصدة المالية بنسبة 0.5 و0.2 % من الناتج المحلى الإجمالى على التوالى فى عام 2014.
ويرى أنه فى الظروف الحالية، لم تعد دول المنطقة المصدرة للنفط قادرة على الاعتماد على ارتفاع الأسعار، ولكنها بحاجة على نحو متزايد إلى الاعتماد على زيادة الإنتاج.
ويوضح أن هذا الأمر يستلزم إجراء إصلاحات من شأنها أن تسمح بالاستثمار بكثافة فى البنية التحتية، والاستكشاف لزيادة مستويات الإنتاج الحالية التى ركدت أو تتناقص باستمرار فى السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، قد يخفق رأس المال الخاص وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر بسبب المخاطر الأمنية، وضعف البيئة القانونية للاستثمار وحالة عدم اليقين السياسى بدرجات متفاوتة فى الجزائر، العراق، ليبيا واليمن والعقوبات الدولية فى حالة إيران.
ويرى التقرير الدولى أن التطورات الاقتصادية فى منطقة اليورو من ضمن المخاطر والتحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد الأولى الجزء الأكبر من صادرات الثانية فى مجالات الصناعات التحويلية، والخدمات والمواد الهيدروكربونية، وان أى تراجع فى تعافى فى الأولى يمكن أن يقوض الصادرات والسياحة فى الدول المصدرة للنفط وتراجع قيمة الصادرات والإيرادات المالية فى الجزائر والعراق.
ويضيف أن اشتعال المخاطر فى منطقة اليورو، يمكن أن يقلل أيضا من تدفقات رأس المال المنخفضة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتراجع الثقة ولا سيما فى البلدان التى تعانى من اختلالات كبيرة فى الاقتصاد الكلى، وارتفاع مستويات الديون واستنزاف شديد فى الإيرادات المالية والاحتياطيات.
وفى حالة تعافى منطقة اليورو، يمكن أن يوفر عاملا مساعدة لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويقلص من الضغوط على ميزان المدفوعات وسعر الصرف.
وتوقع البنك الدولى فى تقريره أن يرتفع إنتاج المنطقة ككل بنسبة 2.5 % فى عام 2013، وأن ينمو تدريجيا بثبات إلى 3.5% و4.2 % فى عامى 2014 و2015، مدعوما من ناحية بالطلب القوى من جانب منطقة اليورو والتوقع بهدوء التوترات السياسية الإقليمية، لكن ربما يتراجع من ناحية أخرى بسبب انخفاض أسعار النفط وتشديد سياسات الاقتصاد الكلى التى تبدأ فى تخفيف التوترات المتزايدة فيما يتعلق بالمالية والتضخم.
الجريدة الرسمية