رئيس التحرير
عصام كامل

رد فعل


التمرد ضد الحاكم هو رد فعل طبيعي لردع الكبت النفسي الذي تعاني منه الشعوب من ظلم الحكام، التمرد يعني نفاد صبر الناس على الحكومة بعد فشلها في توفير مستلزمات الحياة الأساسية، التمرد يعني أن الرئيس مرسي لم يكن أمينا على الثورة ولم يصن عرض مصر، التمرد يعني أن الدنيا أصبحت سوداء أمام الفقراء والعمال الذين فقدوا مصادر أرزاقهم، التمرد هو خيار أخير وإشهار للكارت الأحمر في وجه الحاكم إعلانا بانتهاء كل الفرص أمامه.


فالرئيس مرسي الذي تولى السلطة قبل عام ظهر في مشهد أثناء إلقاء خطبته الأولى بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، فاتحا صدره أمام الناس، باعدا بيده حراسه، لا يقدر الآن على أن يمشي بدون عشرات الحراس حتى أثناء الصلاة.

لم يكن ذلك من فراغ ولم تكن فكرة التمرد وليدة صدفة، فالإخوان المسلمين كانوا يعلمون جيدا أنهم مقبلون على تركة خربة وبلدة تفشى الفساد في أركانها طيلة ثلاثين عاما كاملة، فراحوا يعشمون الناس بتحسين أوضاعهم المالية والاقتصادية خلال مائة يوم وأنهم سيحلون أزمة الوقود والمرور ورغيف الخبز.. إلا أن النهضة التي تحدث عنها الإخوان صارت "فنكوش" ولم يشعر الناس بأي تغيير.. ليس هذا فحسب بل إن الأمور ازدادت سوءا حتى فقد "عمال اليومية " مصدر رزقهم الوحيد.

كل ما سيحدث من عنف في تظاهرات 30 يونيو القادم هو رد فعل طبيعي يتساوى مع ما ارتكبه نظام الإخوان المسلمين من محاولات تهميش دور كافة الأحزاب والائتلافات من القوى السياسية.. إضافة إلى محاولتهم السيطرة على كل شىء عن طريق تقديم مناصب قيادية في الحكومة لأعضاء الجماعة وتهميش دور الفنيين والمتخصصين.

ردود الأفعال دائما ما تكون غير محمودة العواقب لا سيما إذا كانت ناتجة عن غضب شعبي جارف، فالرئيس الذي تدخل في شئون القضاء وأطاح بالنائب العام السابق عبد المجيد محمود في إجراء غير قانوني، أكسبه عداوة نادي القضاة وهو رد فعل، وعندما اتخذ قرارا بأن تغلق المحال التجارية في تمام العاشرة مساء جاء رد الفعل غاضبا ولم يتمكن من تفعيل القرار، وعندما خرج على القانون وأصدر إعلانا دستوريا يمنح نفسه سلطة تحصين مجلس الشورى من الحل لحماية أعضاء جماعته وما تبعه من تظاهرات غاضبة كان رد فعل، والاستقبال السيئ الذي تعرض له مرسي خلال زيارته للبلدان العربية والأوربية التي كانت تتمنى أن تحط طائرة الرئاسة المصرية على أراضيها كان رد فعل أيضا. 

ردود الأفعال لن تتوقف طالما استمر الرئيس في تقديم هذه المسرحية الهزلية، إلا أن الرد النهائي قد اقترب والتمرد سينهي أحلام الإخوان في سرقة مقدرات المصريين واللعب على وتر الدين، الحكم أشهر الكارت الأحمر ولم يعد لمرسي أي خيار في الاستمرار.
الجريدة الرسمية