رئيس التحرير
عصام كامل

البنك الدولي: ارتفاع حرارة الأرض يهدد ببقاء ملايين البشر في براثن الفقر.. الأعاصير والفيضانات رد الطبيعة القاسي على الإنسان..الجفاف ونقص الغذاء أهم تداعيات تغير المناخ بدول الجنوب في أفريقيا وآسيا

رئيس البنك الدولي
رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم

حذر رئيس مجموعة البنك الدولي، جيم يونغ كيم من استمرار ارتفاع حرارة الأرض والذي من المتوقع أن يؤدى إلى نشوء ظواهر مناخية حادة في تطرفها، كالأعاصير الشديدة، والفيضانات المدمرة، ما يهدد ببقاء ملايين البشر في دائرة الفقر.


وتعليقًا على إصدار البنك الدولى لتقرير تحت عنوان "أخفضوا الحرارة: تقلبات المناخ الحادة وآثارها الإقليمية ومبررات المرونة" أكد على وجود عدة تأثيرات سلبية محتملة لارتفاع حرارة الأرض بين درجتين و4 درجات مئوية على الإنتاج الزراعي والموارد المائية والنظم البيئية الساحلية والمدن في أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا.

وأضاف في بيان له، أن التقرير الجديد يبنى على تقرير صدر عن البنك الدولي في أواخر العام الماضي وخلص إلى أن حرارة الأرض ستزيد 4 درجات مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية هذا القرن إذا لم نتخذ الآن تدابير منسقة للحفاظ على حياة البشرية.

واستعرض"كيم" التأثيرات التي ستنجم عن ارتفاع حرارة الأرض درجتين مئويتين، مؤكدًا أنه في العقود القليلة المقبلة سيكون النقص المتكرر في السلع الغذائية في أفريقيا جنوب الصحراء، وتغير أنماط المطر في جنوب آسيا ما يسبب فيضانات تغرق بعض الأجزاء وتترك أجزاء أخرى بلا مياه كافية لتوليد الطاقة أو الري أو الشرب.

ولفت إلى تدهور الشعب المرجانية وموتها في جنوب شرق آسيا وما ينشأ عنه من انخفاض الأرصدة السمكية، وزيادة عرضة المجتمعات والمدن الساحلية لعواصف عاتية على نحو متزايد.

وفى سياق متصل أكد رئيس مجموعة البنك الدولي، جيم يونغ كيم، أن التقرير يرسم سيناريو يثير القلق فيما يتعلق بما ينتظرنا في قادم الأيام والسنين إذا ارتفعت حرارة العالم درجتين مئويتين، وهو ارتفاع قد نصل إليه في غضون 20 إلى 30 عاما، وسيسفر عن ذلك حدوث نقص غذائي واسع النطاق، وموجات حر لم يسبق لها مثيل، وأعاصير أكثر شدة.

وأضاف كيم أن هذه التغيرات المتوقعة في المناطق الاستوائية تظهر مدى الصعوبات التي ستصيب كافة المناطق في نهاية المطاف إذا فشلنا في السيطرة على ارتفاع حرارة الأرض.

وأكد على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري، ولمساعدة البلدان على الاستعداد لعالم يشهد ظواهر مناخية وجوية متطرفة.

وكشف التقرير أن ارتفاع درجات حرارة العالم سيعرض صحة فئات السكان الأكثر ضعفا للخطر، وكذلك ستقل موارد الرزق خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء، وبحلول ثلاثينات هذا القرن، ستؤدي نوبات الجفاف والحر الشديد إلى أن 40 في المائة من الأراضي التي تُزرَع الآن بالذرة ستصبح غير صالحة لنمو ذلك المحصول.

ولفت إلى الضرر المتوقع لمزارع السافانا العشبية في أفريقيا والتي تقوم عليها نشاط الرعى على مدى واسع، وبحلول خمسينات هذا القرن، من المتوقع أن تزيد نسبة السكان الذين يعانون نقص التغذية من 25 إلى 90 في المائة عن مستواها في الوقت الحالي.

ولفت إلى أن الوضع لايختلف كثير في جنوب آسيا، وقد يؤدي التغيُّر المحتمل في انتظام وآثار الأمطار الموسمية البالغة الأهمية إلى أزمة خطيرة في المنطقة، وقد تشيع أحداث مثل فيضانات باكستان المُدمِّرة في عام 2010 التي أثَّرت على أكثر من 20 مليون شخص، وقد يؤدي ازدياد حدة نوبات الجفاف في أجزاء كبيرة من الهند إلى نقص الغذاء.

بينما في أنحاء جنوب شرق آسيا، تتعرض موارد الرزق في المناطق الريفية لضغوط متزايدة من جراء ارتفاع منسوب مياه البحر وازدياد شدة الأعاصير الاستوائية وضياع ما تقوم به النُظُم البيئية البحرية من خدمات مهمة مع اقتراب الارتفاع في حرارة العالم من 4 درجات مئوية، وبالتالى زيادة حالات النزوح إلى أماكن أقل تضررًا.


وأكد "كيم" أن التقرير أثبت أن الآثار في المناطق التي شملتها الدراسة قد تكون مُدمِّرة وإذا استمر ارتفاع حرارة الأرض من درجتين إلى 4 درجات مئوية، فإن المخاطر العديدة المتمثلة في تزايد حدة موجات الحر، وارتفاع منسوب مياه البحر، وهبوب المزيد من العواصف العاتية، وموجات الجفاف والفيضانات سيكون لها تداعيات سلبية قاسية على من هم أشد فقرًا وضعفا.

ولاحظ التقرير أن كثيرًا من أسوأ العواقب قد يمكن مع ذلك تفاديها إذا استطعنا تقييد الارتفاع في درجات الحرارة دون درجتين مئويتين.

ورغم ذلك، فقد أعرب كيم عن تفاؤله قائلاً " لست ممن يؤمنون بأن رؤية العلماء المستقبلية الواردة في هذا التقرير قدر محتوم على الفقراء، بل إنني في حقيقة الأمر على اقتناع تام بأن في استطاعتنا أن نخفض أعداد الفقراء حتى في مثل هذا العالم الذي يواجه تحديات قاسية من جراء تغير المناخ.

وأضاف: نستطيع أن نساعد المدن في أن تنمو نموًا قادرًا على المرونة في وجه تغير المناخ، وأن نبتكر أساليب زراعية ذكية ملائمة للمناخ، وأن نجد سبلاُ مبتكرة لتحسين كلٍ من كفاءة استخدام الطاقة وأداء أنواع الطاقة المتجددة.

الجريدة الرسمية