في غزة لكل سلعة عملة.. الشيكل في المقدمة.. والأنفاق تزيد الإقبال على الجنيه المصري..الصفقات التجارية يتم التعامل بها بالدولار الأمريكي.. ومطالب بتحرير الاقتصاد الفلسطيني وإنهاء ارتباطه بالإسرائيلي
"ما هو سعر صرف الدولار؟ سؤال يعلن استفهامه عن بدء العمل اليومي في محلات الصرافة والعملات في غزة التي تنتشر في مدن القطاع.
وفي كل صباح تبدأ الإذاعات المحلية بسرد أسعار صرف العملات المتداولة وهو الأمر الذي وصفه "أحمد حرز الله" أحد أصحاب محلات الصرافة في مدينة غزة بـ"الأمر الإيجابي والمهم جدا."
وقال "حرز الله": إن سؤال الغزيين عن سعر العملات، واهتمام وسائل الإعلام المحلية باختلاف ألوانها بهذه الأسعار سببه الاحتياج اليومي للمواطنين الذين يستخدمون أكثر من عملة في معاملاتهم واحتياجاتهم اليومية.
وأضاف:" لا يهمهم الشأن الاقتصادي بقدر ما يهمهم كيف سيتعاملون اليوم وفي الغد في ظل أسعار العملات الموجودة، وأمام غياب العملة الوطنية."
ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في العام 1948م، لم يعد من خيار أمام الفلسطينيين سوى تداول العملات الموجودة آنذاك، بعد أن حرموا من عملتهم التاريخية "الجنيه الفلسطيني" التي صدرت عن “مجلس فلسطين للنقد” الذي كان تابعًا لوزارة المستعمرات البريطانية.
وخلال الأعوام ما بين 1927 و1948، كان الجنيه الفلسطيني هو العملة الرسمية في مناطق الانتداب البريطاني على فلسطين، وكان مساويا في قيمته للجنيه الإسترليني.
ومنذ مطلع الخمسينيات أصبح الشيكل الإسرائيلي العملة الأساسية بعد أن أقامت إسرائيل بنك مركزيا وفرضت عملتها "الليرة والشيكل لاحقا" بدلا من الجنيه الفلسطيني.
ومع توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل في العام 1993 تم وضع ترتيبات جديدة في المجال النقدي والمالي.
ونظم بروتوكول باريس الموقع في إبريل 1994 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل الجوانب المالية والاقتصادية.
ونص بروتوكول باريس على تشكيل سلطة نقد فلسطينية تعمل كمستشار مالي واقتصادي للسلطة الفلسطينية دون أن تتمتع بصلاحيات البنك المركزي.
وألزم البروتوكول الجانب الفلسطيني بالسماح للبنوك الإسرائيلية بالعمل في الأراضي الفلسطينية دون أن يعطي البنوك الفلسطينية الحق في المعاملة بالمثل.
ونص البروتوكول أيضا على اعتماد الشيكل الإسرائيلي كأحد العملات الرئيسية، إضافة للدولار الأمريكي والدينار الأردني في السوق الفلسطيني.
ويصطف الشيكل بفئاته النقدية والمعدنية المختلفة في محال الصرافة كأول وأكثر عملة يستخدمها أهالي غزة في معاملتهم اليومية كشراء السلع من المحال التجارية وتنفيذ المهام اليومية التي تتطلب النقود.
ويأتي الدولار الأمريكي والدينار الأردني في المركز الثاني من حيث التداول وحركة البيع والشراء، كما يؤكد "حرز الله" والذي أضاف:" الصفقات التجارية والأعمال المالية الكبرى يتم التعامل بها بالدولار الأمريكي أو الدينار الأردني."
وفي غزة يؤكد حرز الله أن ثمة عملات أجنبية أخرى موجودة في غزة منها اليورو، لافتا إلى أن أهم من يستخدمها هم الوفود الأجنبية التي تزور القطاع.
واستدرك بالقول:" والتجار ورجال الأعمال يهتمون بالعملة الأوربية أيضا"
وهناك الجنيه المصري في غزة الذي قال حرز الله إنّ استخدامه زاد في الأيام الأخيرة مع حكم الارتباط الوثيق مع مصر.
وأضاف:" الأنفاق والتجارة بين المصريين والغزيين، سفر الطلبة للدراسة في مصر، عوامل كثيرة أدت إلى انتعاش حركة الجنيه المصري في غزة."
وهناك عملات كالريـال السعودي والدرهم القطري وعملات عربية وأجنبية تأتي مع القادمين للقطاع لزيارة ذويهم وهي ما يصفها بالعملات المجمّدة التي يتم ترحيلها بعد فترة مؤقتة.
وتحدد البورصة العالمية أسعار قيمة شراء وبيع العملات، فيما يحدد سوق العملة قيمة التداول داخل قطاع غزة.
ومن أسباب انتشار هذه العملات في القطاع هو غياب العملة الوطنية، كما يؤكد أستاذ المحاسبة في الجامعة الإسلامية "بغزة" "سالم حلس" أن عدم وجود عملة وطنية تدفع بوجود عملات رئيسية أخرى؛ وهذه العملات يحدد طبيعة التعامل معها متطلبات كل شخص ومدى احتياجاته اليومية، فالاستخدام السريع الآني يتطلب عملة سهلة كالشيكل، أما العقارات والتبادل التجاري فيحتاج إلى العملات الصعبة وفى مقدمتها الدولار.
ولفت حلس إلى أن معدلات التضخم المرتفعة في الشيكل وأسعاره المتذبذبة، وفي كثير من الأحيان ندرة السيولة بسبب الحصار دفع أهالي القطاع لاستخدام العملة الأجنبية.
وشدد حلس، على أهمية تحرر الاقتصاد الفلسطيني وإنهاء ارتباطه بالاقتصاد الإسرائيلي والعمل على إصدار عملة فلسطينية تحقق الاستقلالية للقرار السياسي والمالي.