رئيس التحرير
عصام كامل

أكذوبة المشروع الإسلامي


كنت في لقاء على قناة الحافظ السلفية منذ شهور، وكان اللقاء مخصصا للتعليق على إحدى المليونيات التي نظمتها القوى المدنية، واستضاف اللقاء أحد المحامين الإخوان وعضو مجلس نقابة المحامين جابر منصور، واللواء عادل القلا رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، وأخذ المحامي يدافع عن الرئيس مرسي مشيرا إلى أن الاختلاف معه يمثل هجوما على الإسلام والمشروع الإسلامي!! وبالطبع اختلفت معه، وأظن أن الكثيرين يختلفون معه.


والمشكلة أن الإخوان وكثيرا من المنتمين للتيارات المتأسلمة يسعون لإيهام الكثيرين وبالطبع هم خاطئون لأن الرئيس الحالي المنتمي للإخوان يمثل المشروع الإسلامي حتى يكتسب قداسة من أي معارضة أو نقد يتم توجيهه، والواضح أن المؤتمر الذي نظمته هذه التيارات المتأسلمة للتضامن مع المعارضة السورية منذ يومين وتحدث فيه عدد من "الشيوخ" وممثلي هذه التيارات ومنهم محمد عبد المقصود، والذي شهد هجوما على المعارضين والقوى السياسية والمدنية والثورية والمنظمة لاحتجاجات 30 يونيو القادم حيث يسير هذا المؤتمر في نفس الاتجاه حيث يصف المعارضين سياسيا بأنهم أنصار النظام السابق!! ودينيا بأنهم كفار وأهل الباطل.. لمجرد أنهم يختلفون مع الرئاسة وسياسات جماعة الإخوان.

وإذا حاولنا التمعن في مصطلح "المشروع الإسلامي" يجب أولا ألا ننسب مشروعا أو تجربة إنسانية إلى أحد الأديان، لأن العمل السياسي هو مجرد فعل بشري قد يكون صحيحا وقد يكون خاطئا أو كارثيا، والتنظيمات الإسلامية أو المتأسلمة لا تمثل الإسلام والرؤية الصحيحة والنهائية له، هي مجرد رؤية تستند إلى الإسلام، ومثلها كثير من التنظيمات المدنية والسياسية ويجب الفصل بين الدين والسياسة وإلا فسد الاثنان، ولذا يجب أن نرفض أن يسعى تيار بعينه إلى احتكار الإسلام ويسوق تمثيله الصحيح متعمدا للضحك على المواطنين حتى لو ارتكب كوارث على المستوى السياسي والاقتصادي.

وأظن أن محصلة العام الماضي وتجربة الشعب المصري التي أوضحت غياب الكفاءة والفشل الواضح لدى جماعة الإخوان وممثلها في مقعد الرئاسة أحد النتائج الإيجابية لكشف شعارات الإخوان وأنهم يمثلون مشروعا زائفا ناهيك أنهم لا يمتلكون مشروعا واضح المعالم من الأصل.

وإذا بحثنا في تفاصيل هذا المشروع المعجزة الذي يشير إليه المدافعون عن الإخوان والرئاسة بالحق أحيانا وبالباطل دائما لن نجد ثمة مشروع أساسا.

وخلال العام الماضي والذي تولى فيه د. مرسي مقاليد الرئاسة نجد أن مجمل السياسات على كل المستويات هي استكمال لسياسات النظام السابق، في مجال التموين وتوزيع الخبز وأنابيب الغاز والسولار بالكوبونات.

وتبنى النظام ما يسمى قانون الصكوك الذي يؤدي إلى تأجير وبيع كل المرافق الرسمية والبنوك وشركات التأمين وأسس الاقتصاد المصري.

كما لا يزال النظام يصدر الغاز المصري إلى إسرائيل ويستورده من قطر بسبب الاحتياجات المصرية الكبيرة له.

كما سعى لتسويق مشروع تطوير إقليم قناة السويس والذي قد يرهن هذه المنطقة الاستراتيجية لمقدرات وإرادات خارجية.

تبنى هذا المشروع منهج الإقصاء للقوى الأخرى، والاستفراد بالسلطة في سبيل استكمال منهج الأخونة لكل المؤسسات ومخطط التمكين، وفي سبيل ذلك واجه كل المؤسسات الأخرى مثل المؤسسة القضائية، والشرطة والجيش.. ويسعى إلى إجهاض صوت الإعلام الحر والمستقل، وكتم حرية الرأي والتعبير.. وسجن شباب النشطاء والمعارضة وقتل ميليشياته لهم في الشارع، ويعتدى أنصاره على أعضاء حملة تمرد في المحافظات ويقومون بحرق مقارهم.

أخرج دستورا مشوها لا يمت بصلة إلى المبادئ الدستورية السليمة، واعترض عليه الملايين من أبناء الشعب المصري ولم يشارك في وضعه القوى السياسية الأخرى.

على المستوى السياسي خسر النظام السياسي كل علاقاته مع الدول العربية الرئيسية ومنها السعودية والإمارات وسوريا وتظل العلاقات باردة مع العراق وليبيا وتونس ودول المغرب العربي.. كما فشل النظام بشكل كامل في التعامل مع أزمة بناء سد النهضة من قبل إثيوبيا، بل استضاف حوارا سياسيا فضح مصر أمام كل البلدان واستغلته إثيوبيا في دفاعها عن نفسها.

ووصل الأمر إلى إضعاف مكانة مصر في التعامل على المستوى الدبلوماسي من جانب قادة البلدان التي يزورها الرئيس.
خارجيا لا يزال النظام حريصا على علاقته الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية وهي التي طالما انتقد الإخوان النظام السابق بسببها.

ويستمر النظام السياسي في ترديد أكاذيب يحاول غيهام الآخرين بتصديقها، منها أن المعارضين من أنصار النظام السابق وهو أول العارفين أن ذلك غير صحيح، فمعارضو الرئيس هم أول من شارك في الثورة سواء على مستوى القيادات السياسية ومنهم البرادعي وحمدين صباحي ومحمد أبو الغار، وحتى كثير من الإعلاميين مثل إبراهيم عيسى وغيره.. بينما شارك فيها الإخوان متأخرين جدا، وخرجوا منها مبكرين للقفز على السلطة.
الجريدة الرسمية