ضعوا العالم بين يديه
ليس الصغار صغاراً، إلا إذا أصررنا على أن يكونوا هكذا، من بين قائمة وسائط الإعلام الفرنسية، موقع موسوعى الطابع، مصور يقدم للأطفال المعلومات مشروحة مبسطة، اسمه "مفاتيح الأحداث للصغار".
لا حدود ولا حواجز تقف سدّاً أمام ضرورة تعرّف الطفل إلى عالمه، طريقة الشرح والتبسيط تجعل كل شىء فى متناوله، التربويون المتشددون فى العالم العربى سيصرخون فوراً: "هذا تدمير لذهن الطفل، ما هذا الجنون؟ أبعدوه عن عالم مشكلات الكبار".
فى كل يوم يظهر عنوان جديد، متبوعاً بعبارة: "مشروح للصغار". أقتطف بعضاً من مئات العناوين فى مجالات شتى: الحرب العالمية الأولى، ميدان التحرير، صناعة الألعاب النارية، ما جدوى الفلسفة؟ التكعيبية، دافنشى، سلفادور دالى، الحملة الانتخابية الرئاسية فى الولايات المتحدة، فلاديمير بوتين، حقوق الطفل، كنوز الإسلام، الطاقات المتجددة، تويتر، فيس بوك، كيف نحلل الصور الصحفية، الكون، بلدان الربيع العربى، ماذا يفعل جنود الغرب فى أفغانستان؟ توت عنخ آمون، بينما يغرق أطفال العرب فى شبر كرتون.
أهمية هذا الموقع، وليس الوحيد، هى أنه يشكل تفنيداً لجماعة الاعتقاد بأن الطفل لا يفهم، لا يدرك، لا يعقل، لا يستوعب هذه الأمور التى يجب تأجيلها إلى أن يكبر، والمأساة هى أنه عندما يتجاوز المراهقة يكتشف أن عالم الكبار كله خداع وإخفاء للحقائق وتزوير. ابن العالم يجب أن يدرك منذ نعومة الأظفار أنه ابن العالم، وأن هذه الأرض لها تاريخ ليس كله أنواراً، ولا كله ظلمات، فيه الجمال وفيه القبح، وفيه دعاة متعطشون إلى السلام، وآخرون ظامئون إلى الدماء، واليوم لدينا عالمان أحدهما مادى، والآخر شبكة عنكبوتية فيها كل ما فى العالم الواقعى الملموس من روائع وبدائع، وفيها أيضاً كل ما فى العالم المادى من أخطار ومروّعات، وعلى الطفل أن يتدرب على حماية نفسه من السلبيات فى المدينة وعلى الشبكة.
لزوم ما يلزم: لكى ينشأ الصغير عالمىّ النظرة، أممىّ الفكر، يجب أن نضع العالم بين يديه، مع تأصيل الهوية فى كيانه.
نقلاً عن الخليج الإمارتية.