"أبو رجيلة" الفلسطيني يروي مأساته بين "تجاعيد" الزمن و"رصاصات الموت" الإسرائيلية.. الاحتلال يدمر الأراضي الزراعية.. ينتهك كل الحقوق.. واتفاقية "مرسي" لم تكفل الأمن لسكان "غزة"
يقطف ثمار الفلفل بيديه التي امتلأت بتجاعيد الزمن، ويتحرك بحذر وترقب شديدين بين شجيرات الذرة المثمرة.
في أي لحظة يسمع صوت طلقات النار، وعليه حينها أن يستجمع قواه المنهكة ويهرب خارج أرضه، زحفًا أو ركضًا، قبل أن تصيبه رصاصات الموت التي يطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأراضي القريبة من السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وجنوب إسرائيل، بشكل شبه يومي.
كانت هذه أمنية المزارع الفلسطيني جبر
أبو رجيلة (54 عاما)، الذي لم ينعم منذ أسبوع بيوم خالٍ من طلقات الموت
الإسرائيلية، ينهي فيه جمع محصوله الذي أوشك على التلف.
وتطلق الدبابات الإسرائيلية والآليات
العسكرية المتمركزة على حدود قطاع غزة الشرقية، نيرانها الرشاشة بشكل شبه يومي
تجاه أراضي المواطنين الزراعية، ومنازلهم منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 ما
تسبب بقتل وإصابة العديد من الفلسطينيين، بالإضافة لإحداث أضرار مادية كبيرة في
ممتلكات ومنازل السكان المحليين.
ويقول
الجيش الإسرائيلي، أنه يطلق النار على مقاومين فلسطينيين يحاولون تنفيذ هجمات
عسكرية على قواته المتمركزة على الحدود، ولكن الفلسطينيون ينفون ذلك تماما ويؤكدون
أن الجنود الإسرائيليين يهدفون إلى تكبيد المزارعين خسائر فادحة وإرهابهم ليمتنعوا
من دخول أراضيهم القريبة من الحدود مع إسرائيل.
وهناك
على بعد 100 متر من السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، تحركت عقارب الساعة دورة
كاملة، أنهى خلالها المزارع "أبو رجيلة" قطف 10كيلو جرامات من
"الفلفل الأخضر" وجمعها في أكياس بلاستيكية ونقلها إلى عربته الصغيرة.
وما
كاد أن ينتهي المزارع من نقل محصوله حتى سُمع صوت بعيد لطلقات نارية، تبعه تحليق
لطائرة مروحية إسرائيلية على ارتفاع منخفض، واقتراب مركبة عسكرية بسرعة خاطفة من
السياج الفاصل.
كل
هذا كان كفيلًا باختتام يوم العمل بسرعة، فبعد دقائق ربما تنفجر الأمور ويبدأ
الجنود الإسرائيليون والمروحيات العسكرية، إطلاق دفعات من الرصاص تجاه كل الأراضي
الزراعية القريبة من الحدود، لذلك فضل المزارع الفلسطيني مغادرة أرضه والاكتفاء
بما حصده من الفلفل وترقب يوم جديد يحصد فيه حقل الذرة.
في
تلك الدقائق الهادئة التي قطف خلالها المزارع جزءًا من محصوله روى حكايته مع الأرض
والصراع الذي يدور كل لحظة في الأراضي الزراعية القريبة من الحدود مع إسرائيل.
ويقول:"
إن المنطقة الحدودية أصبحت بؤرة صراع بين الجيش الإسرائيلي والمزارعين الذين يسعون
للحصول على رزقهم، ولا يكاد يمر يوم إلا وتنهمر رصاصات القوات الإسرائيلية تجاه أراضينا
بكثافة في محاولة من الجنود الإسرائيليين لإرهابنا ومنعنا من الاقتراب من الحدود".
وأشار
إلى أن قيمة خسائره بلغت منذ تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2007 بعد
سيطرة حركة حماس عليه عسكريًا، "قرابة الـ70 ألف دولار أمريكي"، موضحًا
أنه "لم يتلق أي دولار كتعويض عما سببت له إسرائيل من خسائر".
وتقول
وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة، بغزة، أن "الجيش الإسرائيلي
اعتاد خلال الأعوام الستة الماضية، إحراق وإتلاف مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة
المحاذية للحدود الشرقية لقطاع غزة والتي تقدر مساحتها بـ35 ألف دونم ما يتسبب في خسائر
فادحة للمزارعين".