رئيس التحرير
عصام كامل

"الرئيس ليس أحمق"


"لكل داء دواء يستطب به.. إلا الحماقة أعيت من يداويها".. ويوصف الإنسان بأنه أحمق إذا فسد رأيه وقل عقله، والأحمق يضرك من حيث يريد أن ينفعك، وإذا غضب المرء وتصرف تصرف الطائش فيقال إنه أحمق لأتفه الأسباب، ويقال "عبروا إلى الحماقة أي صاروا إلى التهديد والوعيد والشتائم والسباب".


ما سبق لاعلاقة له بما هو آت، إذ أنه مجرد بحث يسير في معني كلمة تتردد على ألسنة الناس خلال اليومين الماضيين، فأردت بما كتبته أن أسهل على الناس المعني الحقيقي لكلمة الأحمق، ولا علاقة لذلك بتصرف الريس مرسى المفاجئ وموقفه الأكثر دهشة من سوريا، ففى الوقت الذي كان مساعده للشئون الخارجية الدكتور عصام الحداد يقول لصحفيين ووكالات أنباء إن مصر ضد تسليح المعارضة، جاء الريس مرسي بعكس ما قاله مساعده الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحي من أعلى جبل المقطم.

ولا علاقة لمعنى كلمة الحماقة بالتهديد الذي أطلقه محمد مرسى ضد متظاهري وثوار ٣٠ يونيو الجاري، ولاعلاقة له أيضا بالتهديد والوعيد والسباب الذي أطلقه العلامة الشيخ عاصم عبد الماجد المناضل العتيد والمقاتل الشرس دفاعا عن الإسلام ضد كفرة قريش من الليبراليين والناصريين والشباب الذين خلعوا انتماءاتهم على أبواب تمرد؛ الزلزال الذي هز عرش مرسي ورفاقه ومجاهديه ومناضليه في صحارى سيناء ووديانها.

ولا أتصور أننى متهور إلى حد ربط معنى كلمة الحماقة بالموقف الرئاسى من قضية سوريا، الذي حاول الرئيس أن يخلط بينه وبين الموقف الشعبى المصرى، ولا أعتقد أنى أملك من الشجاعة أن أقول إن حديث مرسي باسم الشعب في قضية يعلم هو وحواريوه جيدا أنها جاءت بأوامر من واشنطن خاصة أن موقف مرسى جاء بعيد لحظات من إعلان أمريكا تسليح المعارضة السورية وبين المعنى الدقيق لكلمة أحمق.

ولا أظن أننى أحمق إلى حد الإساءة إلى رئيس هو أكثر المسيئين إلى نفسه وجماعته بعد أن ضحي بالأمن القومي المصري المرتبط باستقرار سوريا من أجل خاطر عيون أمريكا الزرقاء، وأعلن أنه ضد التدخل الأجنبى في سوريا قاصدا حزب الله، بينما أعلن في ذات الوقت الجهاد ضد سوريا داعما للتدخل الأمريكي السافر في شئون سوريا ومحفزا أصدقاءه من حضوره الكريم من أهله وعشيرته، متصورا أن مصر مطية يركبها هو والمرشد.

وقد أكون دقيقا إنْ قلت إنّ الحماقة التي أعيت من يداويها لا تنطبق على سيادة الرئيس، الذي تصور أن إعلانه الحرب على الجبهة العربية الوحيدة الباقية صمودا وتحديا ضد الكيان الصهيونى هو موقف يمكنه اتخاذه دون الرجوع إلى الشعب، الذي أتصور أنه قال كلمته في التعليقات المتسارعة التي أعقبت قرار مرسى الفضيحة بأن قالت الجماهير إن مرسى يعبر عن نفسه فقط لا غير، ولأنه لا يعبر إلا عن نفسه فإن خلعه بات على مقربة من نهايات الشهر الفضيل الذي نحيا أيامه الآن.

ولا أكون مبالغا إنْ قلت إن الحماقة أبعد ما تكون عن رئيس أراد مصالحة السلفيين بإعلانه الحرب على سوريا واهما إياهم بأن هذا يعني الحرب على إيران الشيعية التي كان يعاير نظام مبارك بسبب ابتعاده عنها، وقد فعل ما فعل قبيل ٣٠ يونيو ليضمن ولاء كارهي إيران.. باع الأمن القومي لينال حماية عبد الماجد ورفاقه من مناضلي القتال ضد الشرطة المصرية وباع علاقته بإيران التي تفاخر بأنه أول رئيس يزورها وتفاخر بأنه يوطد علاقته بها ضد الرغبة الأمريكية وتفاخر بها أتباعه إن كان له أتباع، بأنه يخطط لبناء المثلث المصري الإيرانى التركى.. فجأة كسر أضلاع المثلث تقربا من واشنطن والسلفيين في ضربة واحدة وباعد بينه وبين مصر وأهلها الطيبين الذين ضحوا من أجل التراب العربى وعلى وجه الخصوص التراب السوري الطاهر.

أما تهديد الثوار واتهامهم بأنهم فلول ومخربون وتوعدهم بما أسماه الحسم فإنه لا يعد حمقا وإنما مجرد هزار من رئيس ثورى مع أبنائه الثوار.. ومن أجل ما سبق فإني أدفع عن الريس صفة الحماقة خاصة أن الجيش المصري العظيم رفض فكرة الجهاد في سوريا وأعلن صراحة أنه على مرسى ورفاقه أن يجاهدوا كما يشاءون بعيدا عن جيش مصر الذي كان وسيظل درعا واقيا للأمة العربية كلها وسوريا في القلب منها.
الجريدة الرسمية