رئيس التحرير
عصام كامل

ثانوية عامة لوزارة تعليم لا تعلم


عدت إلى الوطن وقررت أن أحصل على إجازة من الكتابة عن الأحداث في سوريا هذا الأسبوع بعد أن تلقيت اتصالاً عن امتحانات الثانوية العامة ومفارقتها.


المفارقة الأولى تتعلق بامتحان اللغة العربية، والتي ظن ممتحن اللغة العربية طلاب الثانوية العامة كالذمخشري، أو يضع أسئلة مسابقة من سيربح المليون. الامتحان تضمن سؤالاً عن مضاد كلمة "الصبا"، وكان على الطلاب الغلابة أن يختاروا الإجابة الصحية من بين أربعة إجابات هي: الحرور- القر- الدبور- الصر". مثل هذه الأسئلة التقعيرية حتى – وإن ثبت أنها – من داخل المنهج لا تتيح للطالب فكرة الـتأمل في الكلمة ومعناها ومحاولة إيجاد عكسها وهي ترتبط بالضرورة بحفظ الطالب أو الطالبة لمضاد الكلمة. ولا أعرف ماذا سيستفيد طالب الثانوية العامة عندما يتم سؤاله عن مرادف كلمة مثل "مثعنجرا"، فيشمّر ذهنه ويشحذ قلمه للبحث عن الإجابة الصحيحة، فيجد أمامه اختيارات ثلاثة مثل: "مسحنفرا"، و "هزجا"، و"متغنجرا"، فيصاب الطالب بالإحباط، وتصيبه رياح "الدبور".

المفارقتان الثانية والثالثة تتعلقان بامتحاني الدين والتربية الوطنية، فهما مادتي "سقوط ونجاح". فما معنى أن يرسب طالب في الدين؟ وهل يمكن أن نطلق على من يرسب في الدين أنه طالب ماعندوش دين مثلاً، أم طالب "موش متديّن"؟ ولماذا يتم امتحان الطالب في دينه؟، وما دخل الممتحن في دين الطالب؟.

والحاصل أنه لا يرسب طالب في مادة الدين لأن الدين كمادة دراسية ليست مضافة على مجموع الدرجات، أم أن وزارة التربية والتعليم لازالت في تيهها. أغلب الظن أن الحديث عن إلغاء امتحان الطالب في دينه يصاحبه ويلاصقه اتهام بالعلمانية، أو بكره الدين (إسلامي ومسيحي).

التعليم الحديث يربط أهداف التعليم بمخرجات التعلم، فإذا كان الهدف من تدريس مادة الدين هو زيادة "وعي" و"معرفة" الطالب بدينه، فإن ذلك يمكن أن يتحقق بتدريس المادة دون ضرورة وجود امتحان لها. الأمر نفسه ينطبق على مادة "التربية القومية" التي تم تحديثها وتطويرها فتم تغيير اسمها إلى "التربية الوطنية"، فهل رسوب الطالب في مادة التربية الوطنية تعني أن الطالب غير وطنى؟ وهل يمكن زيادة معرفة الطالب ومعلوماته عن وطنه من خلال مادة مهملة ينجح فيها جميع الطلاب؟ وهل يمكن أن يكشف لنا وزير التربية والتعليم بإحصائية عن عدد الطلاب الراسبين في مادتي الدين والتربية الوطنية؟ وحتى لا يهب مؤيدي الأخوان ومريديهم، فإن امتحاني "الدين" و"التربية القومية" هما إرث قديم لا يتعلق بالإخوان المسلمين ولا بالتيارات السلفية.

وهل عجزت وزارة التربية والتعليم عبر العقود في إيجاد وسائل تعليمية لزيادة معرفة الطالب بدينه ووطنه؟ أم أن الوزرات رسبت في امتحان تحديث نظام التعليم وتطويره وركزت جل همها على الاختيار بين أن يتم إجراء امتحان الثانوية العامة في عام واحد أو عامين؟
والغريب أن وزراة التربية والتعليم لم تتعلم من ثورة 25 يناير التي جعلت من طفل الابتدائية يتحدث عن السياسة والانتخابات البرلمانية، فوزارة التربية والتعليم كانت مشغولة بقضية إلغاء الشهادة الابتدائية أم التمسك بها.

هناك وسائل تعليمية حديثة ومتعددة لتحفيز الطلاب على اكتساب مزيد من المعلومات والمعرفة عن دينهم ووطنهم، مثل المسابقات الإلكترونية، وحلقات النقاش الحية والإلكترونية، فضلاً عن شبكات التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تسهم بشكل فعّال في تحقيق أهداف التعليم. من المؤسف أن وزارة التربية والتعليم لا تعلم، موش كدة؟ (مع الاعتذار من العربية الفصحي).

الجريدة الرسمية