رئيس التحرير
عصام كامل

«لغز السدود» في أفريقيا.. سباق صيني- غربي على بنائها.. 1.3 مليار أفريقي يستفيدون من كهربائها في 2030.. تحديات صعبة لسكان ما وراء خزانات السدود.. تراجع الأمطار يعرض القارة للعطش

سد النهضة بأثيوبيا
سد النهضة بأثيوبيا

تحذر التقارير والدراسات الصادرة عن المجلس العالمي للتغيرات المناخية التابع للأمم المتحدة من احتمالات نضوب مصادر مياه الأمطار في أفريقيا خلال الأعوام المقبلة.


وقال ريتشارد بيلفوس أستاذ الهيدرولوجيا في جامعة ويسكنسون الأمريكية للهندسة، إن دراسات مشتركة أجراها مع أساتذة وباحثي جامعة موزمبيق الوطنية، أكدت حدوث انخفاض نسبته 15% في معدلات هطول الأمطار في منطقة زيمبيزى الموزمبيقية وهو ما يهدد بشكل مباشر مستويات المياه النهرية في القارة ويهدد مشروعا لإنتاج الكهرباء من سد بقدرة 13 ألف ميجاوات يقام على نهر زيمبيزى.

ونبهت الدراسات والتقارير من تداعيات الإفراط في مشروعات بناء السدود في أفريقيا ودعت كذلك الأمين العام للأمم المتحدة بانكيمون إلى مراجعة مبادرته التي عنوانها "الكهرباء للجميع" والتي تهدف إلى تعظيم بناء سدود الكهرباء في أفريقيا بهدف إيصال الكهرباء لنحو 3. 1 مليار نسمة على أرض القارة بحلول العام 2030.

فإلى جانب فورة بناء السدود التي في إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا والكونغو شرعت غينيا في بناء سد على نهر النيجر باعتبارها دولة منبع بمساعدة من بلجيكا، وقد حذرت مؤسسة ويتلاند إنترناشيونال من مغبة هذا المشروع مؤكدة أنه يهدد وجود 5. 1 مليون من سكان منطقة دلتا نهر النيجر الصغرى التي تقع في غينيا.

وفى جنوب أفريقيا، بدأ العمل في إقامة سد على نهر باتوكا جورج لتوليد 1600 ميجاوات على مساقط مياه فيكتوريا على نهر زيمبابوى بجنوب القارة، وبعد أن عارض البنك الدولى الإسهام في تمويل هذا المشروع عاد وأيد إقامته وفقا لتقارير صحفية من جوهانسبرج، وفى موزمبيق وافق بنك الصين للتصدير والاستيراد على مساعدة موزمبيق في إقامة سد ينتج 1500 ميجاوات على مصب النهر وهو المشروع الذي يحمى الأراضى الموزمبيقية من أخطار الفيضانات العارمة ويقام على غرار سد كاهورا باسا المنشأ بمعرفة شركات بناء سدود برتغالية في منطقة دلتا نهر زامبيا.

كما بدأت سلسلة تحالفات تمويلية لإقامة السدود في منطقة جنوب أفريقيا في التشكل تضم البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى وبنك التنمية لجمهورية جنوب أفريقيا ومن بينها سد نهر إينجا - 3 في الكونغو الديمقراطية وفي الوقت ذاته تسعى بنوك صينية للانضمام إلى هذا التحالف.

وإلى جانب شركات تشييد ومقاولات صينية عملاقة تسعى للدخول بقوة في مشروعات بناء السدود في القارة، يقول الخبراء إن الصين تسعى بقوة لدعم قدرات البلدان الأفريقية على توليد الكهرباء لأن ذلك يخدم المصالح الصينية في مشروعات التعدين في القارة والتي تحتاج إلى كميات متعاظمة من الطاقة.

وكانت الصين قد انتهت لتوها من بناء سد مروة على النيل في السودان بقدرة 1250 ميجاوات نجم عنه تشريد 15 ألف عائلة من مناطق سكانهم في المنطقة الواقعة خلف السد والتي تحولت إلى حوض لتخزين المياه تشمل قطاعا مساحته 174 كيلومترا من وادى النيل الخصب وذلك بحسب ما ذكرته التقارير الإخبارية.

وتعمل الشركات الصينية حاليًا على الانتهاء من بناء سد بوى جورج في جمهورية غانا وإقامة حوض لتخزين المياه خلفه من شأنه -بحسب تإكيدات خبراء البيئة - إغراق ربع أراضى منتجع بوى الوطنى وهو محمية طبيعية.

وكانت كل تلك المشروعات مثيرة لمخاوف خبراء الاتحاد الدولي للكهرباء الهيدروليكية/ هايدرو باور أسوسيشن إنترناشونال، من الأضرار البيئية التي تترتب على مشروعات بناء السدود في أفريقيا، وكان ذلك باعثا لاجتماع هام دعا إليه الاتحاد وأقيم في منطقة سروكا الماليزية هذا الأسبوع انطلقت منه صيحات التحذير من مشروعات السدود في أفريقيا والتي تفتحت أمامها ينابيع التمويل الدولية من كل اتجاه لتنفيذها بلا ضابط.

ويؤكد خبراء الاتحاد الدولي للكهرباء الهيدروليكية أن سكان المناطق التي تقام عليها أحواض تخزين المياه خلف هذه السدود يواجهون تحديات صعبة عبروا عنها باحتجاجات شديدة قلما أصغت إليها وسائل الإعلام الدولية، فضلا عن إلحاق الدمار بملايين الهكتارات من المحميات الطبيعية ومناطق الغابات على نحو يخل بالتوازن البيئي الطبيعي بشكل غير قابل للإصلاح في هذه المناطق وهو ما نبه إليه أيضا مؤتمر عقد في مدينة بون الألمانية شارك فيه 500 من علماء المياه في العالم مطلع العام الجاري.
الجريدة الرسمية