موعدنا على رأس الساعة
يحاول المجتمع السياسى المصرى (المدنى والديمقراطى) التنامى والتطور واستكمال مشروع الدولة المدنية الحديثة بمؤسساتها المتعارف عليها عالميا، باعتبارها أعمدة الدولة العصرية، وسط مقاومة شرسة من أطياف وأيديولوجيات دينية فاشية، خاصة بعد وصول أحد مكوناتها وأطيافها إلى سدة الحكم.
ورغم حالات التعافى التى ميزت الحياة السياسية بعد ثورة يناير –غير المكتملة– ورغم محاولات الخروج من غرف الإنعاش، إلا أنه ما زالت هناك متاريس أيديولوجية تحول دون ذلك النهوض والتعافى، متاريس تغذيها أسوار الفاشية الدينية، سواء الحاكمة أو الحامية لنظام الحكم.
فبعد المذابح المتتالية التى تمارسها بعض جماعات الإسلام السياسى سواء المعنوية أو المادية عبر خطاباتها السياسية المزيفة، تأتى الدعوات على أيدى جماعات ألفت البغضاء للانقضاض على كيان الدولة والمجتمع، مهددة باستخدام العنف والإرهاب الذى مارسوه وأَلِفوه واعتادوا عليه.
هذا السلوك وهذه الرغبة العارمة فى الانقضاض على دولة القانون والمؤسسات وسيادة الشرعية القانونية والأخلاقية للمجتمع تؤكد أن شعبية الأيديولوجية التى تمزج الخطاب الديمقراطى والشرعية الدستورية -عبر صناديق الانتخاب العرجاء- مع جرعة كبيرة من الفاشية والنزعة التقليدية لدى طوائف حلقات الذكر من التيارات الدينية المختلفة وأحبائهم وتحالفاتهم، ما هى إلا نتاج لتلاعب نوع من الساسة الماكرين الذين يستغلون البسطاء من ذوى القناعات الجاهزة؛ لتجذير ظواهر انقسامية فى المجتمع ساعد ويساعد على تأجيجها رجالات وجماعات كانوا يتشدقون بالدين، متجاوزين المبدأ الهام من مبادئ إرساء العقل فى الحضارات الراقية رغم أنهم يدعون أنهم يعبرون عن الإسلام وهو أول من صاغ دولة متحضرة متسامحة، ومتجاوزين مبدأ المواطنة والتسامح، ومتجاوزين عن عمد أهمية الوطن الجامع الشامل لكل المواطنين.
مكتفين فقط برفع الشعارات المظلمة وتسييد لغة العنف والقتل، كل ذلك فى غياب رشد نظام الحكم الذى لم يراعِ أبعاد كافة الملفات الشائكة المطروحة التى تنفجر فى المجتمع، وبدأ المجتمع بكامله بل والدولة نفسها فى حالة فوضى عامة، وصار المناخ كله فرصة لبث أفكار الانقلابيين على مكتسبات هذه الأمة منذ ما يقرب من قرنين، وكذلك الفوضويين الذين يدوسون بلا رحمة على منجزات مصر المدنية، هل مصر بحاجة إلى الفوضى والانقسام؟ الإجابة قد تبدو نعم لأن نظام الحكم غير قادر وغير مؤهل، وغير كفؤ للتفاعل مع التحديات الهائلة التى تواجه الأمة الآن، ولذلك موعدنا على رأس الساعة (30 يونيو)، وللحديث بقية..
Email: sabrisaid_2020@hotmail.com