رئيس التحرير
عصام كامل

كتيبة تمرد


هم مجموعة تزيد قليلًا عن الثلاثين شابا وشابة أزعجهم الحال الذي آلت إليه بلادهم في ظل استبداد سياسي يندثر بالدين ويمزق الوطن ويفوق أركان الدولة المصرية ويلغى هويتها الأصيلة التي احتفظت بها عبر القرون العديدة، مع عجز وقلة حيلة قوى المعارضة.

لذلك فكروا في إحياء المواجهة الشعبية لاسترداد ثورتهم التي سرقت منهم مع سبق الإصرار والترصد، وتحقيق الحلم الذي ثاروا من أجله، وهو أن يظفروا بدولة وطنية ديمقراطية حديثة، يتوفر فيها العيش الكريم لكل أبنائها جميعًا، يتمتعون بالحرية والديمقراطية وتتحقق فيها العدالة الاجتماعية.

هكذا فكروا في العمل على جمع التوقيعات من المواطنين، ودعوتهم للتمرد على حكم يعطل تحقيق هذا الحلم العزيز والغالى، ورغم أنهم دشنوا حملتهم قبل ستة أسابيع مضت، إلا أن دعوتهم للمصريين لاقت استجابة هائلة وواسعة في شتى ربوع مصر، من أهلها البسطاء ومواطنيها العاديين قبل سياسييها ومثقفيها، والسبب أن دعوتهم جاءت في توقيت صحيح ليلبى حاجة حقيقية في المجتمع المصرى وتعبر عن رغبة حقيقية موجودة فيه، فالغضب من الحكم الإخوانى وصل إلى مدى كبير، وكل يوم يتزايد هذا الغضب، وصار اليوم الذي دعوا الناس للاحتشاد لوضع نهاية لهذا الحكم وهو يوم ٣٠ يونيو أشهر يوم الآن في حياة المصريين، الجميع ينتظره ويترقبه، الإخوان وأنصارهم ينتظروه بفزع ورعب سيجعلهم يتصرفون بحماقة وغشم، وباقى أبناء الشعب ينتظرونه بأمل الخلاص من كابوس فظيع يعيشون فيه ولإنقاذ بلادهم من كارثة تلوح في الأفق الآن تهددها.

أهم ما يميز هؤلاء الشباب هو الإخلاص والتواضع، فهم مخلصون بشدة للهدف الذي نذروا أنفسهم لتحقيقه وهو إنقاذ بلادهم، ويسابقون الزمن لجمع العدد الأكبر من التوقيعات وحشد المتظاهرين اليوم الموعود، يوم ٣٠ يونيو، لا يتصارعون على مقاعد القيادة حتى داخل حملتهم أو حركتهم ولا يتسابقون أمام كاميرات الفضائيات، وهم متواضعون لا يدعون أنهم يحتكرون المعرفة والوطنية والثورة وحدهم، ويرون أن الوطن يجب أن يكون لجميع أبنائه بدون إقصاء لأحد حتى الإخوان أيضا، الذين أذاقونا كأس الاستبداد المر في غضون عام واحد ملكوا فيه ناصية الحكم.

لقد وعى هؤلاء الشباب عددًا من الأخطاء والخطايا النخبوية التي أوقعت الوطن أسيرًا في قبضة الإخوان، ويحاولون الآن عدم تكرارها، لذلك هم لا يبحثون الآن فقط ماذا سيحدث يوم ٣٠ يونيو، ولكن أيضا ما يجب أن يحدث في الأيام الأخرى التي سوف تتلوه، سواء جاءنا هذا اليوم بالفرج السياسي أو تأجل هذا الفرج لموعد آخر لاحق، أي إنهم يستعدون لكل الاحتمالات وكل ما يعرفونه أمرا واحدا، هو أنهم لن يتوقفوا حتى يتحقق حلمهم وحلم كل المصريين، وهو الخلاف من الاستبداد والظلم الاجتماعى والتدهور الاقتصادى.

ما دامت مصر تحظى بمثل هذا الشباب لن تضيع أبدًا، سيتجاوز هذا البلد العظيم كل أزماتها وسينقذها الله من كل الكوارث ما ظهر منها وما بطن، بارك الله فيكم وحماكم من كل الشرور أيها الشباب المخلص لوطنه.
الجريدة الرسمية