المشكلة السورية.. والهروب إلى الأمام
لا أحد يختلف حول ضرورة دعم الشعب السورى في محنته وانتفاضته ضد النظام الحاكم والقمعى هناك، لكن السؤال هو: كيف؟ إن المشكلة السورية صعبة ومعقدة ومتشابكة، نظرا لدخول أطراف إقليمية ودولية فيها، فروسيا والصين وإيران وحزب الله اللبنانى يقفون داعمين ومساندين ماديا ومعنويا للنظام السورى القمعى، وتركيا ومصر والسعودية ودول الخليج يقفون ضده، أمريكا -كما العادة- موقفها مرتبط بمشروعها ومصالحها، فضلا عن مصالح الكيان الصهيونى.
أفهم أن يكون هناك حراك شعبى عام لمساندة ودعم الشعب السورى في محنته وانتفاضته، من منطلق إسلامى وعربى وأخلاقى وإنسانى، وأفهم أيضا أن تكون هناك دعوة واستنفار للشعب المصرى والشعوب العربية للتطوع والجهاد في سوريا ضد النظام الحاكم والباطش هناك، فهذا ليس من حق الشعوب فحسب، لكن من واجبها كذلك، لكن يجب ألا ننسى في غمرة العواطف المشتعلة والمشاعر المتأججة، أن هناك فارقا شديدا بين سلوك وتصرفات الشعوب ورغباتها وتطلعاتها، خاصة في هذه النوعية من القضايا، وبين سياسات الدول، فالأخيرة تخضع لحسابات دقيقة واعتبارات معينة لها حساسيتها الخاصة المرتبطة بالاستراتيجية والأمن القومى، فالذي يملك قرار إعلان الحرب هو مجلس الأمن القومى، لذا لم يكن من المناسب أبدا ولا الملائم مطلقا أن يحضر رئيس دولة لمؤتمر جماهيرى -للتجمعات والأحزاب الإسلامية فقط- للإعلان عن نصرة سوريا، وقد فوجئت كما فوجئ الكثيرون غيرى بأحد المحسوبين على التيار الإسلامى يقول في أحد المؤتمرات: إننا هنا في مصر نرسل بأسلحة للشعب السورى منذ عام!! فهل هذا معقول؟! لا أدرى باسم من يتكلم؟ وهل مسموح لأى أحد أن يتكلم في هذه القضية الخطيرة في مؤتمر عام؟
لقد دعا الدكتور مرسى، وهو في مؤتمر بالسعودية منذ أقل من عام إلى تشكيل لجنة رباعية تضم ممثلى مصر والسعودية وإيران وتركيا للتعامل مع المشكلة السورية، فأين هذه اللجنة؟ وما الذي وصلت إليه؟ هل نجحت.. تعثرت.. فشلت.. انتهت؟ لا أحد يعلم.. لقد كان هناك توجه عام مفاده ضرورة حل المشكلة السورية حلا سلميا، حيث إن التدخل العسكري يزيدها تفاقما وتعقيدا، فما الذي جرى؟ هل حدثت تطورات أدت إلى التدخل العسكري؟ وما هي الآثار والتداعيات التي سوف تترتب على ذلك؟ وهل من الممكن أن يؤدى تدفق السلاح إلى المعارضة السورية إلى إيقاف نزيف الدم هناك؟
نحن لدينا هنا في مصر مشكلات وأزمات يعانى منها المواطن المصرى بشكل مستمر ودائم، لدينا عدم استقرار سياسي، وانقسام مجتمعى حاد، وانفلات أمنى تمثل في أعمال القتل والخطف والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، كما لدينا أزمة اقتصادية خانقة، ناهينا عن أزمات الغاز والبنزين والسولار، وانقطاع الكهرباء، والارتفاع الجنونى في الأسعار وتدنى الأجور إلخ، ثم مشكلة سد النهضة الإثيوبى وطريقة التعامل الهزلية معها، فأين نحن من ذلك كله؟!!
هناك أسئلة مطروحة من قبل مواطنين عاديين من مثل: هل قصد بهذه النوعية من المؤتمرات التغطية على المشكلات والأزمات التي يعانيها المواطن المصرى؟ وهل ذلك مرتبط بحملة "تمرد" واقتراب يوم ٣٠ يونيو الجارى؟ ولماذا عقد هذه المؤتمرات في هذا التوقيت بالذات؟ وهل لذلك علاقة بإعلان الإدارة الأمريكية عن دعمها المعارضة السورية بالسلاح؟