في ذكرى وقوعها.. كل ما تريد معرفته عن معركة "نسيب" بين الجيشين المصري والعثماني
تحل اليوم الأربعاء 24 يونيو، ذكرى وقوع معركة “نسيب” أو "نصيبين"، بين الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي حاكم مصر، والجيش العثماني بقيادة حافظ عثمان باشا، في مثل هذا اليوم من عام 1839م.
أسباب المعركة
وتعود أسباب اندلاع تلك المعركة إلى ما حققه الجيش المصري في حروب خاضها في سنوات قبل اندلاعها، بمنطقة الشام، حيث نجح في أن يكلل انتصاراته المتتالية على ولاة وجيش العثمانيين في سورية، على إجبار السلطان العثماني على التوقيع على اتفاق كوتاهية في مايو من عام 1833.
ونص الاتفاق على الاعتراف بنفوذ مصر على منطقة الشام، وأدنة في الأناضول، وتأييد سلطتها على كريت وجزيرة العرب، حيث أصبح إبراهيم باشا حاكما عاما لسورية وقائدا للجيش المصري.
الأمر الذي جعل السلطان العثماني يتحين الفرصة لينقض المعاهدة ويسترجع الأراضي التي افتقدها لصالح محمد علي باشا.
ووفقا لما ذكره المؤرخ عبد الرافعي في كتابه "عصر محمد علي"، فإن تركيا أخذت تعد المعدات وتبذل الوسائل لاسترجاع سورية وإقليم أدنة إلى حوزتها، فحشدت منذ عام 1934 جيشا في منطقة سيواس تأهبا للزحف على سورية عند سنوح الفرصة.
استعداد الطرفين
وفي أبريل من عام 1839م، أتمَّ حافظ باشا قائد الجيش العثماني على الحدود السورية استعداده للهجوم على الشام، وفور وصول تلك المعلومات إلى إبراهيم باشا، أرسل يسأل والده محمد علي عن ماذا لو هاجمت القوات العثمانية سورية، وفي نفس الوقت بدأ إبراهيم باشا في حشد قواته في مدينة حلب، حيث أرسل له والده بعدها مددا من الجنود والذخائر.
بداية الحرب
احتشد الحيش التركي في منطقة نصيبين وما حولها، وهي بلدة واقعة في الأراضي العثمانية، لكن على بعد ساعات من الحدود التركية السورية، وبدأ في الزحف حيث احتلت قواته ما حول مدينة عينتاب، واجتازت سرية من الجيش التركي نهر الساجور، وهو الحد الفاصل بين تركيا وسوريا، فتخطت بذلك الحدود المرسومة في اتفاقية كوتاهية.
وراسل إبراهيم باشا، محمد علي ليخبره بالتطورات التي وقعت، فأجابه محمد علي في منتصف يونيو عام 1839، بألا يكتفي بإرجاع الأتراك إلى الحدود، بل عليه حربهم وسحق جيشهم ما داموا لم يراعوا العهود والمواثيق.
أحداث المعركة
في ليلة 24 يونيو من عام 1839م، هاجم حافظ باشا الحيش المصري الذي كان قد تجمع قرب مدينة نصيبين في الليل، آملا أن ياخذهم على غرة ويوقع الفشل بين صفوفهم، لكنه ارتد بعد أن فتكت نيران المدافع المصرية بعدد كبير من جنوده.
وفي صباح يوم 24 يونيو، بدأت المعركة طبقا لخطة الهجوم التي رسمها إبراهيم باشا، لتدور أحداثها سجالا بين الطرفين، حتى تمكن سيطر إبراهيم باشا على معسكر الجيش العثماني، واستولى على مدافعه وجزء من خزينة الجيش، إضافة لأسر من 10 إلى 15 ألف أسير.
ووصل عدد القتلى من الجيش التركي إلى قرابة 5 آلاف قتيل، وفتحت هذه المعركة أبواب الأناضول مجددًا، وصار الطريق مفتوحا أمام إبراهيم باشا لدخول العاصمة العثمانية للمرة الثانية، ولكنه بسبب ضغوط الدول الأوروبية، اكتفى بالسيطرة على بعض تخوم سورية الشمالية من نسيب إلى أورفة والبيرة وعنتاب وانتهاءً بمرعش بوابة الأناضول.
أبيد الجيش التركي وتمت غنيمة أسلحته شبه كاملة، ووافق آلاف الأسرى على نقل ولائهم إلى الجيش المصري، فتم تسييرهم إلى مصر، وعلم الأسطول العثماني بهذا الأمر، فتوجه إلى الإسكندرية بمصر ليقوم قائد الأسطول بتسليم أسطوله كاملا إلى محمد علي ليكون تحت إمرته.
تدخل أوروبي وإجحاف بمصر
ولكن الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، كانت تأبى أن تقوم إمبراطورية قوية في الشرق بمصر تهدد طريق تجارة بريطانيا إلى مستعمراتها في الهند، فتجمعت الأساطيل الأوروبية، وتم إبرام معاهدة لندن 1840، والتي انتهت إلى نصوص مجحفة بمصر لتجريدها من الأراضي التي ضمتها كلها وحرمانها من ثمرة انتصارها.
وبالفعل انتهى الأمر إلى سحب القوات المصرية كاملة من الشام كله، وفرض قيود على الجيش المصري بأن لا يزيد حجمه عن 18 ألف مقاتل بعد ان كان يتعدى 300 ألف، ومراضاة محمد علي باشا بأن يكون حكمه لمصر والسودان فقط وراثيا، لكن يظل تابعا للدولة العثمانية.