رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط «ترامب» لقطع رأس التنين الصينى.. أمريكا تسعى لحصار بكين بـ«اتفاقيات الجيران» وشائعات «تصنيع كورونا»

فيتو

«اتهامات دولية وإستراتيجيات دفاعية».. سيناريوهان يحددان ما يدور داخل الغرف المغلقة سواء تلك الموجودة فى البيت الأبيض حيث يسكن الرئيس الأمريكى، أو الاجتماعات المستمرة التى يعقدها الحزب الصينى الحاكم.

 

لا سيما أن النظام فى بكين لا يزال يواجه اتهامات دولية على مستويات مختلفة بعد استشعار العالم خطورة تحكمها فى الاقتصاد الدولى ووقوفها وراء تطوير ونشر فيروس كورونا فى العالم والتسبب فى فقدان أرواح مئات الآلاف من الضحايا وفقدان الملايين لوظائفهم.

 

 

الصعود الصيني

 

فى المقابل تحاول الصين جاهدة عبر إستراتيجية دعائية إعلامية تحسين سمعتها من الأضرار الفادحة التى ألحقها بها الوباء وتفادى هز صور التنين الاقتصادى كقوة عظمى إنسانية. 

 

المثير فى الأمر هنا أنه رغم ما تقوم به الصين لتحسين صورتها، إلا أن نظريات المؤامرة والتقارير السلبية ضدها لا تزال مستمرة لتفخيخ الوضع داخليًا وضرب الصينى من خلال إقناع شعوب العالم بتورطها فى نشر فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، إضافة إلى تحريك المجتمع الدولى بشأن المسلمين وأحداث هونج كونج مما قد يشكل شرق آسيا لمنطقة صراع تنذر بوقوع حرب عالمية ثالثة.

 

تحرك أمريكي

 

من جانبها أوضحت الدكتورة نادية حلمى، أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية، أن «واشنطن تحاول تهدئة مخاوفها عبر التعاون العسكرى مع الهند (الجار الغربى) للصين، كذلك تعمل واشنطن على تقوية شبكة علاقاتها مع حلفائها الإقليميين المنافسين والمجاورين للصين، وهم: اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، من أجل الوقوف فى وجه هيمنة بكين على القارة الآسيوية». 

 

وأضافت أن هذه الخطوات الأمريكية دفعت وزارة الخارجية الصينية للرد على لسان المتحدث الرسمى باسمها (جينج تشونج) بأنه على الولايات المتحدة أن تدرك أن عدوها هو الفيروس وليس الصين، وعليها التركيز فى مكافحة انتشاره داخل حدودها بدلًا من إلقاء اللوم على الصين ومحاولة توريطها بأى شيء لإضعاف قوتها. 

 

التنين الصيني

 

فى حين أكد الكاتب الصحفى، رئيس وحدة الدراسات الصينية بمركز الحوار للدراسات، عماد الأزرق، أن الصين حققت خلال السنوات الأخيرة الكثير من النجاحات والإنجازات فى كافة المجالات وخاصة الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والعسكرية، الأمر الذى سبب قلقا بالغا للقوى الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التى تستشعر أن الصين باتت تمثل خطرا داهما عليهما وأنها الوحيدة القادرة على إزاحتها عن قمة النظام العالمى، أو على الأقل تغيير طبيعة النظام الدولى القائم على الأحادية القطبية ليصبح نظاما ثنائى القطبية أو متعدد القطبية. 

 

وتابع: وما يزيد من قلق الولايات المتحدة من تنامى الصين المضطرد، إدراكها أن الأخيرة تسير وفق مخططات مدروسة، وتعرف طريقها بدقة ودون عجلة من أمرها، وخاصة ما يتعلق بتحقيق الهدفين المئويين، والمتمثلين فى الهدف الأول الذى تسعى الصين لتحقيقه العام المقبل 2021 بمناسبة مئوية تأسيس الحزب الشيوعى الصينى والمتمثل فى إنجاز مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل.

 

والهدف الثانى والخاص بمئوية تأسيس جمهورية الصين الشعبية والمتمثل فى إنجاز بناء الصين دولة اشتراكية حديثة غنية قوية متحضرة ومتناغمة. 

 

دعم التوترات

 

ولفت «الأزرق» النظر إلى أن إصرار وحرص الصين على السير فى خططها وامتلاك الإرادة القوية لتحقيقها مهما كانت التحديات دفع أمريكا لإدراك ما تمثله الصين من خطورة وتهديد لدورها ووضعها على الساحة الدولية، لذلك سارعت بوضع الفخاخ والعراقيل وإثارة المشكلات والتحديات أمام الصين لتعطيل مسيرتها وإفشال خططها، سواء من الداخل الصينى عن طريق تسخين الوضع فى هونج كونج.

 

وكذا إثارة المشكلات فى إقليم شينج يانج الذى تقطنه أغلبية مسلمة من قومية الإيجور، وغيرهما أو من الخارج الصينى من خلال تحريض الفلبين على إثارة مشكلات بحر الصين الجنوبى، وإثارة المشكلات الحدودية مع الكثير من الدول حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. 

 

وأكمل: لم يقتصر الأمر على إثارة المشكلات السياسية والعرقية ذات الأبعاد الأمنية فقط، وإنما امتد الأمر للجوانب الاقتصادية والتكنولوجية أيضا من خلال الحرب التجارية التى شنتها واشنطن على بكين، وممارسة ضغوط شديدة على الحكومة الصينية للحصول على أعلى مكاسب ممكنة.

 

كذلك الأمر فيما يتعلق بالجيل الخامس للاتصالات من جانب شركة هواوى، ومؤخرا استغلال أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) لتشويه صورة بكين واستخدام الأزمة الطبية لتحقيق أغراض سياسية، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل نظرا لنجاح الصين الكبير فى التعامل مع الأزمة على عكس الدول الكبرى فى مقدمتها الولايات المتحدة نفسها، ما أكسبها تقدير واحترام العالم، كما أن الصين شرعت مباشرة فى تقديم خبراتها وإمكانياتها فى مساعدة دول العالم فى تجاوز الأزمة وتقديم حزم من المساعدات الاقتصادية. 

 

 

حرب عالمية ثالثة

 

وفيما يتعلق بما أثير حول مخطط العالم لتوريط الصين فى حرب عالمية ثالثة، اتفق الكاتب الصحفى عماد الأزرق والدكتورة نادية حلمى على نفس النقاط التى تؤكد أنه من الصعب جدًا جر الصين إلى حرب عالمية، أو إجبارها على دخول حرب لا تريدها، مسلطين الضوء على قول وزير الدفاع الصينى وى فنج خه: «لا نريد الحرب ولكننا لا نخشاها».

 

فعلى الرغم من امتلاك الصين لقدرات عسكرية هائلة، إلا أنها حددت أهدافها بدقة وتدرك طريقها جيدا وكيفية الوصول إليه وخيار الحرب لديها متأخر جدا ولا يمكن اللجوء إليه بسهولة لأنها تعلم جيدا مخاطرة أهدافها وأحلامها وترى أن الحرب ضد قيمها الثقافية والحضارية، وتعتز دائما بأن التاريخ الصينى لا يحتوى على حربا هجومية واحدة. 

 

أما بشأن التقارير السلبية التى يتم ترويجها ضد الصين للعمل على مقاطعة منتجاتها، فأكدت أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، والخبيرة فى الشئون السياسية الصينية، أن دول أوروبا لا تعتقد أبدًا تورط الصين فى مخطط لنشر الفيروس من مختبر أو معمل ووهان.

 

خاصة بعد أن أصدرت الاستخبارات الأمريكية تقريرًا مفصلا معتمدا على باحثين كبار ينفى التهمة عن الصين نظرًا لثقة أوروبا فى الاستخبارات الأمريكية أكثر من ثقتها فى البيت الأبيض.

 

وعلى الجانب الأخير فالعالم الآن لم يعد يثق فى سياسات واشنطن فى ظل قيادة ترامب خاصة مع تخلى واشنطن عن دورها كقيادة عالمية لصالح الصين وتعهداتها ومساعداتها للمجتمع الدولى وقت تفشى جائحة كورونا المستجد حول العالم، ومساعدة الصين دول القارة الأفريقية وإيطاليا والعالم بكافة الإمدادات والفرق الطبية لمحاصرة الوباء، فى الوقت الذى عمدت فيه الإدارة الأمريكية إلى تهميش دور المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة أو انسحابها وعدم دفع مخصصاتها المالية ضد منظمة الصحة العالمية كمحاولة ابتزاز أمريكية لممارسة ضغوط لمعاقبة الصين. 

 

كما أشارت إلى أن أزمة كورونا قد كشفت الكثير من الخبايا والعيوب والمتناقضات وعلى رأسها ضعف الدول الديمقراطية والمتقدمة فى السيطرة على الجائحة، وعدم استطاعة شعوبها تحمل فترات الحجر الصحى الطويلة، بينما فى الصين سارت الأمور بسهولة وبمرونة فدول أوروبا تحتاج إلى سلام وتعاون ولا تريد حربًا غير مضمونة العواقب الآن، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية عليها بعد الجائحة، فضلًا عن عدم ثقتها من الأساس بقرارات ترامب وسياساته الانتهازية ضد الصين تحقيقًا لمصلحته فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. 

 

حصار الصين

 

بدوره قال عماد الأزرق: لا أعتقد أن التقارير السلبية التى تصدرها الدوائر الغربية ضد الصين ستنجح فى إقناع العالم بتورط الصين فى كورونا وضرب اقتصادها من خلال مقاطعة منتجاتها وتحريك المجتمع الدولى بشأن المسلمين وإقليم هونج كونج، فالعالم لديه صورة تاريخية سلبية عن الولايات المتحدة والغرب وتاريخهم الاستعمارى واستنزافهم لثروات الدول والشعوب الأفريقية.

 

خاصة، وأزمة العنصرية الأخيرة بالولايات المتحدة التى أعادت إلى الأذهان سياسة الرجل الأبيض ضد الجنوب والشرق فى الوقت الذى تؤكد فيه الصين للعالم استعدادها للتعاون دون ضغوط سياسية أو اقتصادية وبما يحقق أولويات الخطط التنموية لهذه الدول، وفق مبادئ الفوز المشترك وتبادل المنافع الحاكمة للسياسة الخارجية الصينية.

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية