رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي على رأس قواته يربك حسابات الجميع برسائل الحدود الغربية.. شرعية الدفاع عن الأرض تسمح لمصر بالتدخل.. والخطوط الحمراء لا يمكن تجاوزها

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

لا صوت يعلو داخل ليبيا فوق صوت الرصاص ميليشيات مأجورة تسعى لإحداث الفوضى مدعومة بغطاء سياسي من حكومة فايز السراج وتمويل من تركيا وقطر وجيش وطني يواصل الليل بالنهار للدفاع عن أراضيه وطرد المعتدين لتبقى ليبيا حرة مستقلة وبين هؤلاء وهؤلاء لم تقف مصر مكتوفة الأيدي وهي تراقب عن كثب تطورات الأوضاع في الداخل الليبي.

 

مصر تكشر عن أنيابها

كشرت مصر أخيرًا عن أنيابها وبعثت برسالة قوية للخارج قبل الداخل بأن أمنها القومي "خط أحمر" وأن قواتها جاهزة في أي وقت لتنفيذ مهام داخل أو خارج الحدود لحماية أمنها القومي من خفافيش الظلام ومن يعاونهم.

«حالة حرب» هو الوصف والمعنى الدقيق لما يحدث في الداخل الليبي هذه الأيام بين طرفين ، الأول يسعى لعودة الأمان والسيطرة والحياة إلى الدولة الليبية ذات الاستقلالية والإرادة بإرادة شعبية حقيقية واختيار ليبي دون تدخل من أي قوة خارجية وإنهاء حالة الصراع والقضاء على الميليشيات التي تهدد استقرار ليبيا وجيرانها وهو ما تسعى له الدولة المصرية.

أما الطرف الآخر فهو يعتمد على إثارة الفوضى في الدول ويحرض على الخراب والاستعمار وتحقيق مكاسب إستراتيجية لنفسه ومن يعاونه حتى ولو على حساب الشعوب وأمنها واستقرارها وهذا الطرف تقوده تركيا وأعوانها.

رسائل قوية

ومن هنا جاءت رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته القوية التي ألقاها أثناء تفقده لعناصر القوات المسلحة بالمنطقة الغربية العسكرية بسيدى برانى قوية وحاسمة وكانت محددة وواضحة وتحمل أهدافًا ورؤية ثاقبة للقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي وضع خطًا أحمر للتعامل في الملف الليبي باعتباره واحدًا من أهم ملفات الأمن القومي المصري.

وكانت الرسائل سببًا في تحرك العديد من المؤسسات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن حيث جاءت رسائل الرئيس «إن أي تدخل مباشر من الدولة المصرية في الأزمة الليبية باتت تتوفر له الشرعية الدولية سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس) أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي «مجلس النواب الليبي وأن مصر تدعم استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية باعتباره جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي».

الرئيس وضع خطًا أحمر خلال كلمته للوضع الليبى الآن عندما حذر من تجاوز خط (سرت - الجفرة) شرقي الأراضي الليبية ، معتبرًا تجاوزه (خط أحمر).

وأكدت مصادر مطلعة أن سرت تبعد ألف كيلو متر تقريبًا عن الحدود المصرية، وتتوسط المسافة بين عاصمة البلاد طرابلس وبنغازي على الساحل الليبي وبالسيطرة عليها يسهل الطريق للسيطرة على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا، التي تضم أكبر مخزون للنفط.

وفى جنوب سرت توجد قاعدة الجفرة الجوية المهمة ولا يفصلها عنها سوى طريق مفتوح لا يتجاوز 300 كيلو متر وهى من أكبر القواعد الجوية الليبية وتستوعب أحدث الأسلحة كما تشكّل غرفة عمليات رئيسية لقوات الجيش الوطني الليبي وتبعد بنحو 650 كيلو مترا جنوبي شرق طرابلس وهي محور ربط بين الشرق والغرب والجنوب ويعني السيطرة على قاعدة الجفرة تقريبًا السيطرة على نصف ليبيا لذلك حذر الرئيس من هذه الأمر.

الدور التركي

من جانبه قال المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي: إنه سبق وطلب دعم مصر وأنها دعمت على مدى 7 سنوات المسار السياسي في ليبيا ، مشيرًا إلى أن تركيا تتدخل في ليبيا وتريد احتلالها. 

وأضاف: "لن نترك ليبيا للأتراك ونراهن على الموقف العربي لوقف التدخل التركي ، ومصر سعت منذ بداية الأزمة للدفع باتجاه الحل السياسي وتحقيق التوافق الليبي الليبي لأن القاهرة تدرك حقيقة وأسباب الأزمة وتأثيرها الخطير على أمنها القومي وأمن مواطنيها". 

وحتى كتابة هذه السطور أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي أنه يحث جميع أطراف الأزمة الليبية على الالتزام بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات على الفور وأنه يجب البناء على التقدم الذي تم إحرازه من خلال محادثات الأمم المتحدة 5 + 5 ومبادرة القاهرة وعملية برلين.

وأوضح المجلس أن الولايات المتحدة تعارض بشدة التصعيد العسكري في ليبيا من جميع الأطراف.

سيناريوهات متوقعة 

وقيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة في الفترة القادمة داخل ليبيا يقول أحمد عليبة رئيس وحدة التسلح بالمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية: إن تركيا لا تستطيع التدخل في مواجهة مع مصر وأنها لا تملك الشرعية لتواجدها داخل ليبيا ، مشيرًا إلى أن البرلمان الليبي والقبائل طالبوا من مصر دعمهم ومساندتهم وتواجد مصر في ليبيا له شرعية معلنة.

مشيرًا إلى أن تركيا تتحرك في ليبيا من الباطن وتبحث عن فرض أمر واقع ولكنها في النهاية لن تكون لاعبًا أساسيًا ومسألة تجاوز الخط الأحمر سيمثل خطورة على مصر ومن حقها الدفاع عن أمنها القومي ، ورسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحة ومهمة التي أعلنها أثناء تفقده عناصر القوات المسلحة بالمنطقة الغربية بسيدى برانى ، فكان يقف على رأس قواته ويستطيع في أي لحظة أن يعطي إشارة لتحرك قواته لحماية الأمن القومي المصري في الداخل والخارج خاصة وأنه يملك شرعية التواجد في ليبيا من خلال القبائل والبرلمان الليبي.

ميليشيات تركيا

وأضاف: "تركيا ستلعب في الفترة المقبلة على تحريك المرتزقة والميليشيات التي تدفع لها الأموال خاصة وأن تركيا لم تعلق حتى الآن على كلمة الرئيس السيسي في الوقت الذي لاقت فيه صدى واهتمامًا دوليًا كبيرًا.

إرباك أردوغان

كما أن رسائل الرئيس أحدثت إرباكًا وستكون هناك مناورات من خلال الميليشيات ولا بد من الإشارة إلى أن كلمة الرئيس كانت لها شق سياسي واضح وهو كمثابة عرض لحكومة الوفاق أن مصر تمد يدها وعليها أن تختار وتتحمل قرارها فلجنة 5+5 تعمل على وقف إطلاق النار.

وعلى كل طرف أن يتحمل قراره لأن الرئيس السيسي عندما أعلن جاهزية قواته لأي مهام خارجية فهو يملك القرار في أي وقت لأن هذه المسألة أمن قومي مصري ، كما أن مصر تتحدث في حماية مجالها الحيوي وأمنها القومي ومصالحها الاقتصادية ووضعت واجبها الدبلوماسي والسياسي والرسالة التي وجهها الرئيس كانت للجميع وليست تركيا فقط بأن الأمن القومي المصري خط أحمر. 

الدور القطري

وأشار عليبة إلى أن قطر تقوم على دعم المشروع العسكري التركي في ليبيا وأيضًا تدعم نقل المرتزقة إلى داخل ليبيا وتدعم تحركات أردوغان لأنها دولة داعمة للإرهاب والميليشيات ، مؤكدًا على أن تركيا لديها قاعدة عسكرية في قطر وأن تنظيم القاعدة وداعش والإخوان الإرهابية لهم دور كبير في إحداث الفوضى في ليبيا.

وعندما دخلت تركيا إلى منطقة صرمان أطلقت سراح الإرهابيين من داعش والتنظيمات الأخرى بعد أن كانوا في السجون.

 وأوضح عليبة أن الميليشيات المتواجدة في ليبيا الآن أصبحت تسيطر على المؤسسات الليبية وأن حكومة الوفاق هي أيضًا عبارة عن مجموعة من الميليشيات ، مشيرًا إلى أن مصر قادرة على محاربة أي قوى تعتدي على حقوقها أو تثير الفوضى أو تنتهك أمنها القومي. 

من جانبه قال اللواء أركان حرب محمد الغبارى ، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا: إن تركيا لن تصعد أو تدخل في مواجهة مباشرة مع مصر ولكنها ستقوم باستخدام الميليشيات والمرتزقة في أي تحركات ، مشيرًا إلى أن مسرح العمليات فى ليبيا دولي وإقليمي والحرب مرفوضة وأكثر دولتين تعتمدان على البترول من ليبيا هما إيطاليا وفرنسا وهما عضوان في حلف الناتو مع قبرص واليونان ، وبالتالى لن يقبلا بقيام الحرب وستكون فقط التحركات التركية من خلال المرتزقة.

وأضاف الغبارى أن الرئيس السيسي حدد الخط الأحمر وأن أي تعدٍ لخط سرت والجفرة هو تعدٍ على الأمن القومي المصري ، موضحًا أن مصر مستعدة لتدريب الشباب الليبي لمساندة الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر وأن الردع الذي تستخدمه مصر هو ردع معنوي قوي هدفه إيصال رسائل قوية للعدو بمكانة وقوة الدولة المصرية في تأمين حدودها.  

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية