كيف يعد الإنسان نفسه للصبر على البلاء والمكاره؟
الحياة مليئة بكثير الآلام والمتاعب وأحيانا تزيد عليها المحن والابتلاءات بالوباء أو الأزمات الاقتصادية ، وقد أمرنا القرآن الكريم والسنة بالصبر على المكاره فكيف يوطن المسلم نفسه على تحمل الابتلاءات بالصبر والجلد ؟ يجيب الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق ــ رحمه الله ــ فيقول :
من الآيات التى قررت هذه الحقيقة قوله تعالى :"ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص فى الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .
والمعنى ولنصيبكم ايها المؤمنون بشئ من الخوف والجوع والنقص فى الانفس والاموال وبشر ايها الرسول الكريم الصابرين على هذه المصائب بالأجر الجزيل ، وهم الذين اذا نزلت بهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون يوم القيامة فيجازينا على صبرنا وعلى رضائنا بقضائه وقدره .
وقد قسم العلماء الصبر الى ثلاثة انواع وكل نوع له مجالات واسعة :فهناك الصبر على طاعة الله تعالى وأساسه أداء التكاليف الشرعية باتقان واحسان ومداومة واخلاص ولا شك ان هذا الاداء الجامع لكل الوان الفضل يحتاج الى جهد وتعب ومشقة وصبر على اداء هذه الطاعات ، وصدق الله إذ يقول (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) ...أى واستعينوا ايها الناس على ترك ماتحبون من شهوات الدنيا بفضيلة الصبر وبفضيلة الصلاة التى تنهاكم عن الفحشاء والمنكر ، وإن الصلاة لشاقة الا على الخاشعين الخاضعين لأوامر الله تعالى.
وهناك صبر على المعاصى بالحرص الدائم على الابتعاد عنها ، ولا شك ان ذلك يكلف الانسان ما يكلفه من صبر وتحمل ومعاناة لاسيما فى زمن كثرت فيه المغريات وصارت فيه الشهوات المحرمة قريبة المنال ، وفى الحديث الشريف حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات .
وهناك صبر على المصائب التى تصيب الانسان فى نفسه او ولده او ماله او غيرذلك من النوازل التى تحزن وتؤلم .
وبعض الناس يتوهم ان الصبر معناه الخنوع والاستسلام للواقع الذليل والرضا بالهوان والسكوت على معالجة الامور ، وهذا التوهم لا أساس له من النقل الصحيح او من العقل السليم لان الصبر الجميل الذى مدحه الله تعالى هو الذى يحمل صاحبه على بذل أقصى الجهد لاعتناق الفضائل واجتناب الرذائل ، وعلى السعى فى الارض بالطرق الشريفة لتحصيل المنافع التى احلها الله وللتعاون مع الغير على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان .
اقرا ايضا:
أمين "البحوث الإسلامية": "الصبر" خلق عظيم يحفظ الحقوق ويرتقي بالإنسان | فيديو
والصبر الجميل هو الذى يدفع صاحبه لتخطى العقبات وتحمل التبعات من اجل نشر الامان والسلام والرخاء ،ومن هنا قال الحكماء "الصبر هو تعويد النفس الهجوم على المكاره ".