رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى عيد الجلاء.. جهود المصريين للوصول للنصر المبين.. الفراعنة لم يستسلموا لمعاهدة ١٩٣٦.. والإنجليز رحلوا عن القلعة في ١٩٤٦

عيد الجلاء
عيد الجلاء

“قتلوا الشمس مرة وجبنا الشمس تاني، خللي البحار يملى عيونه من نور بلدي، خللي البحار يفرد صدوره لنسمة ولدي، ويشوف الضحكة في عين ولدي، الضحكة شوارع مرصوفة.. دانا ضحكة ابني موصوفة»، بهذه الكلمات وصف عبد الرحمن الأبنودي، حال شباب مصر ورجالها في أكثر من سبعين عامًا حتى تحقق الجلاء التام والكامل عن أرض مصر.

يعيد إحياء ذكرى "عيد الجلاء" في يوم 18 يونيو من كل عام، إلى الذاكرة صور خروج قوات الاحتلال البريطاني من مصر بعد احتلال استمر أكثر من 73 عاما، وكذلك صور نضال الشعب المصري وتضحياته التي تعيش في وجدان المصريين جيلا بعد جيل.

معركة الجلاء بدأت مع الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 وبعدها بثلاث سنوات بدأت مفاوضات دوملدورف في 1885 إلى 1887 في محاولات إنجليزية لخداع المصريين وإقناعهم بأن القوات البريطانية جاءت لمهمة ولن يطول بقاؤها.. لكن الإنجليز استمروا، لتبدأ بعد ذلك المقاومة المصرية طلبا للجلاء.

وقاد الزعيم مصطفي كامل المقاومة الوطنية ومعه محمد فريد.. وكانت دعوة مصطفى كامل هي الشرارة التي انطلقت منها ثورة 1919 والتي اندلعت عقب اعتقال سعد زغلول ورفاقه في شهر مارس 1919.

وجاءت ثورة ١٩١٩  ضد إعلان الحماية الإنجليزية علي مصر عام ١٩١٧، واستمرت الثورة لفترة حتى صدر تصريح 28 فبراير 1922.. وبرغم أن تصريح 28 فبراير أكد استقلال مصر واعتبارها دولة ملكية دستورية خاصة بعد صدور دستور 1923.

وكلما طالب المصريون باستكمال الجلاء البريطاني، كان الإنجليز يسيطرون أكثر، حتى كانت معاهدة 1936 التي سميت “معاهدة الصداقة والتحالف بين مصر وبريطانيا”، وتم توقيعها في 26 أغسطس عام 1936، وبمقتضاها تقرر انتقال القوات البريطانية المحتلة إلى مناطق محددة في سيناء ومنطقة القناة ومديرية الشرقية حتى حدود القاهرة والجيزة على أن تقوم الحكومة المصرية ببناء ثكنات هذه القوات.

وظلت الحركة الوطنية تقاوم واعتبرت المعاهدة كبتا للحريات، أهدرت الكثير من الدماء في سبيل ذلك، واستمرت المظاهرات الشعبية الضخمة مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 التي راح ضحيتها عدد من الشباب المصري في عام 1946 مطالبة بالجلاء، ورضخ الانجليز ورحلوا عن قلعة القاهرة في 4 يوليو 1946، لكن ذلك لم يشف غليل المصريين وظلوا يكافحون ويجاهدون ويطالبون بالجلاء التام تحت شعار «الجلاء التام أو الموت الزؤام».. وعادت المفاوضات من جديد إلا أن الإنجليز أصروا على بقائهم في مدن القناة وعدم مغادرة خط القناة مهما كان الثمن.

وقامت ثورة 23 يوليو 1952 ليرتبط الجيش مع الشعب في مقاومة المحتل، وفي 1954 بدأت المفاوضات المصرية الإنجليزية تحت ضغط هجمات الفدائيين على معسكرات الاحتلال وانتهت بعقد اتفاقية الجلاء في 29 أكتوبر 1954 التي بمقتضاها كان الجلاء عن مصر وانتهاء الوجود الإنجليزي تماما في خط القناة.

وشهد يوم 18 يونيو 1956 جلاء آخر جندي إنجليزي عن مصر، وقام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر برفع علم مصر خفاقا علي القاعدة البحرية في بورسعيد وسط فرحة المصريين العارمة التي حققت ثمار سنين من العطاء والجهاد.

نصت اتفاقية الجلاء على قرار بإصدار الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، والعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع عليه بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954.

مجلس الوزراء.. بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953، وعلى القانون الرقم 637 لسنة 1954 بالموافقة على الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع علية بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954، وبناء على ما عرضه وزير الخارجية قرر: مادة 1- يعمل اعتبار من 19 أكتوبر سنة 1954 بالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق علية، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا والموقع عليه بالقاهرة في 19 أكتوبر سنة 1954 والمرفق نصه لهذا القرار. مادة 2- على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار.

نص اتفاق 19 أكتوبر سنة 1954.. إن حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا، إذ ترغبان في إقامة العلاقات المصرية ـ الإنجليزية على أساس جديد من التفاهم المتبادل والصداقة الوطيدة، قد اتفقتا على ما يأتي: المادة 1:  تجلو قوات صاحبة الجلالة جلاء تاما عن الأراضي المصرية وفقاً للجدول المبين في الجزء (أ) من الملحق الرقم (1) خلال فترة عشرين شهرا من تاريخ التوقيع على الاتفاق الحالي. المادة 2 تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1936، وكذلك المحضر المتفق علية، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصر وجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى.

المادة 3: تبقى أجزاء من قاعدة قناة السويس الحالية. وهي المبينة في المرفق (أ) بالملحق الرقم (2) في حالة صالحة للاستعمال ومعدة للاستخدام فوراً وفق أحكام المادة الرابعة من الاتفاق الحالي.

وتحقيقاً لهذا الغرض يتم تنظيمها وفق أحكام الملحق الرقم (2).

وفي 18 يونيو 1953، تم إسقاط الملكية وإعلان الجمهورية بعد أحداث ثورة 23 يوليو 1952، وتزامن هذا الحدث مع جلاء القوات الاستعمارية البريطانية عن مصر في 18 يونيو 1956، بعد أن توصلت مصر وبريطانيا إلى اتفاق مبدئي بشأن جلاء القوات الانجليزية عن الأراضي المصرية.

الجريدة الرسمية