موازنة كورونا.. الصحة والتعليم يتصدران الاهتمام.. تسهيلات غير مسبوقة لعبور أزمة كوفيد 19.. ونواب: وفرنا 4 مليارات للقطاعات الحيوية
يتزامن اعتماد الموازنة الجديدة للدولة للعام 2020- 2021 مع أسوأ أزمة عالمية على الإطلاق وهي أزمة تفشي جائحة "كورونا" التي ضربت اقتصادات العالم بلا استثناء وأوقفت حركة الحياة في جميع أنحاء الأرض.
لذا.. فإن الموازنة الجديدة تواجه تحديات جسامًا وضاغطة للوفاء بمتطلبات العام المقبل، لا سيما في القطاعات الأكثر احتياجًا والتى تضررت من "كورونا"، أو التى تعاظم دورها مثل: الصحة والتعليم والبحث العلمى.
دعم الأكثر احتياجا
وبحسب تصريحات منسوبة إلى وزير المالية الدكتور محمد معيط، شدد على أن هناك توجيهات رئاسية بزيادة دعم الفئات والقطاعات الأكثر احتياجا، وكذلك العمل على تحسين مستوى معيشة المواطنين، من خلال مبادرات فعَّالة تُسهم في الارتقاء بجودة الخدمات العامة، وتعزيز دعائم الحماية الاجتماعية، على النحو الذي يضمن استفادة كل فئات المجتمع من عوائد التنمية خاصة الفئات الأولى بالرعاية، والطبقة المتوسطة.
أرقام الموازنة
وفى إطلالة سريعة على الأرقام الواردة بالموازنة، لما تحمله من دلالة، فإن إجمالى المصروفات بالموازنة الجديدة يبلغ نحو تريليون و710 مليارات جنيه، فيما يبلغ إجمالي الإيرادات نحو 1.3 تريليون جنيه.
ومن المقرر اعتماد 170 مليار جنيه لصناديق المعاشات في الموازنة الجديدة، والحفاظ على دعم الخبز والسلع التموينية بـ85 مليار جنيه، وتخصيص 19 مليار جنيه جنيه للصرف على برنامج تكافل وكرامة، واستمرار دعم الكهرباء وأنبوبة البوتوجاز والمواد البترولية والتأمين الصحي، وتخصيص 4 مليارات جنيه لدعم الإعفاءات الضريبية.
كما تشهد ميزانية القطاع الصحي أكبر زيادة في تاريخها حيث وصلت إلى 95.7 مليار جنيه بزيادة قدرها 23.4 مليار جنيه، كما تم تخصيص 335 مليار جنيه للأجور بزيادة قيمتها 34 مليار جنيه عن العام المالى الحالى، ووزيادة مخصصات دعم الإسكان الاجتماعى إلى 5.7 مليار جنيه بنسبة نمو 70%؛ وذلك لتوسيع قاعدة المستفيدين من وحدات الإسكان الاجتماعى، فيما تمت زيادة مخصصات التعليم بـ46.7 مليار جنيه، والبحث العلمي بـ7.8 مليار جنيه.
"فيتو" تناقش مع أهل الاختصاص من وزراء الاقتصاد السابقين والخبراء المعتبرين التحديات التي تواجه الموازنة الجديدة والأبعاد الاجتماعية التي يجب أن تراعيها، وتنويعات أخرى في هذا الملف..
الصحة والتعليم
ورغم الأولوية التي تحظى بها بعض القطاعات في الموازنة الجديدة، بزيادة عن العام الماضى، إلا أن لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان أعدت خطة مكونة من عدة سيناريوهات لتوفير الاحتياجات اللازمة للقطاعات المهمة ذات الأولوية خلال العام المالى الجديد، لاسيما قطاعى التعليم والصحة في ظل أزمة فيروس كورونا التي تتطلب اهتماما أكبر بقطاعى الصحة والتعليم في الموازنة العامة.
ورغم الزيادة التي حظى بها قطاع التعليم عن العام الماضى، بنحو ١٠ مليارات جنيه، إلا أن وزير التعليم طالب بتوفير ٢٢ مليار جنيه أخرى، لكن وزارة التخطيط لم تنجح سوى في تدبير نصف مليار فقط، بناء على توصية برلمانية قطاع الصحة أيضا حظي بزيادة عن العام الماضى، بنحو ٢٣ مليار جنيه، لكن كانت هناك مطالبات بتوفير مبلغ أكبر للقطاع الصحى لمواجهة كورونا، لتوصى لجان البرلمان بتوفير تلك المبالغ بقدر المستطاع، ولم يتم توفير سوى ٣ مليارات جنيه لمستشفيات الصحة والمستشفيات الجامعية.
22 مليار
من جانبه قال الدكتور سامى هاشم رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب: إن اللجنة أوصت وزارة التخطيط بتوفير مبلغ ٢٢ مليار إضافية لموازنة وزارة التعليم للعام المالى الجديد، حسب المتاح في الموازنة العامة، وذلك لتمكينها من القيام بدورها في الفترة المقبلة لاسيما في طل أزمة كورونا.
وأوضح أن اللجنة وافقت على الموازنة الجديدة لوزارة التعليم والبالغ قيمتها ١٠٩ مليار جنيه، بقيمة زيادة عن موازنة العام الماضى نحو ١٠ مليارات جنيه، وحول سياسة ترشيد النفقات في الموازنة، أكد الدكتور سامى هاشم رئيس لجنة التعليم، أن اللجنة أوصت بضرورة ترشيد نفقات الوزارة وفقا لسياسة الأولويات، بحيث يتم الانفاق على البنود الأهم فالمهم، وذلك لترشيد النفقات وتوفير الموارد للبنود المهمة.
وقال الدكتور محمد العمارى، رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب: إن المبالغ المخصصة للقطاع الصحى بمشروع الموازنة الجديدة تبلغ نحو ٩٥ مليار جنيه بزيادة عن العام الماضى بنحو ٢٣ مليار جنيه، وهو أمر جيدا جدا، يعكس اهتمام الدولة بقطاع الصحة في الموازنة الجديدة وذلك بسبب ما تمر به الدولة في الفترة الحالية من تحديات.
البنية التحتية للمستشفيات
وأضاف العمارى، أن هذه الزيادة سيكون لها مردود إيجابي في تطوير البنية التحتية للمستشفيات، وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة، لاسيما في ظل مواجهة البلاد لأزمة فيروس كورونا.
وكشف أن اللجنة أوصت بتلبية احتياجات ذلك القطاع الهام، الذي يمثل خط الدفاع الأول أمام فيروس كورونا، مشيرا إلى أن اجتماعات اللجنة لمناقشة الموازنة شهدت عدة مطالبات منها زيادة المبلغ المالي المخصص للرعاية الصحية، وتخصيص جزء من الموازنة لصالح المجالس الطبية المتخصصة، إضافة إلى زيادة المخصص لصالح العلاج على نفقة الدولة، لحين التوىسع في تطبيق التأمين الصحى في كافة أنحاء الجمهورية.
وأشار إلى أن الموازنة الجديدة شهدت تخصيص 10 مليارات جنيه للتأمين الصحي الشامل لتطوير المستشفيات وذلك بزيادة نحو 3 مليارات جنيه عن العام الحالي.
وقال الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: إن قطاعى التعليم والصحة أهم قطاعين تم الاهتمام بهما ومنحهما الأولوية في الموازنة الجديدة، لاسيما في ظل أزمة كورونا، حيث تتطلب الأزمة توفير مستلزمات طبية وخدمة صحية بشكل أكبر مما كان موجودا، وكذلك تتطلب الأزمة أساليب جديدة في التعامل مع التعليم وتوفير بيئة مناسبة للطلاب تساعد على حمايتهم من العدوى، بالإضافة إلى التطوير المستمر في شتى محاور العملية التعليمية.
وتابع:"راعينا في الموازنة الجديدة مخصصات الصحة والتعليم لمواجهة كورونا، كما أن الموازنة الحالية تم فتح اعتماد إضافي بها بمبلغ نحو ١٠ مليارات جنيه، للمساعدة في مواجهة الأزمة خلال الشهور الحالية المتبقية من مدة الموازنة الحالية، والتي كانت تتضمن أرقاما ومبالغ وفقا للحياة الطبيعية دون أزمات وباء مثل كورونا".
اعتماد إضافي
وحول مدى إمكانية فتح اعتماد إضافي في الموازنة الجديدة حال استمرار الأزمة، أوضح أن ذلك أمر متروك لما ستسفر عنه الأحداث وتطورات الأزمة خلال الفترة المقبلة، حيث إن إدارة أرقام الموازنة خلال السنة المالية من الممكن أن تتغير، فأرقام الموازنة بالطبع لها دستوريتها وإنما ترجمتها على أرض الواقع أمر يختلف عن إدارة الأرقام.
وأضاف:" لا يوجد ما يمنع من إضافة مبالغ جديدة للموازنة حال الحاجة إلى ذلك، من خلال فتح اعتماد إضافي بالموازنة الجديدة، من الحساب الاحتياطي بالموازنة العامة، حال كون المبلغ المطلوب يمكن تدبيره من احتياطي الموازنة.
أما حال أن يكون المبلغ المطلوب أكبر من الموجود بالاحتياطي فيمكن اللجوء إلى مصدر إضافي آخر مثل فرض ضرائب أو رسوم، وذلك بعد موافقة البرلمان، أو من خلال أذون وسندات سداد من الخزانة العامة".
ومن جانبه قال النائب ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان: إن اللجنة حاولت بقدر الإمكان تلبية توصيات اللجان النوعية بشأن الموازنة العامة، لاسيما لجنتى التعليم والصحة، حيث وافقت اللجنة على زيادة موازنة التعليم بقيمة نصف مليار جنيه ليصل إجمالي موازنة التعليم ١٠٩.٥ مليار.
وأضاف :" اللجنة وافقت على زيادة موازنة وزارة الصحة بقيمة مليار ونصف المليار جنيه، كما وافقت على زيادة موازنة المستشفيات الجامعية بقيمة مليار ونصف المليار جنيه أيضا، ونصف مليار للتعليم الجامعى، الزيادات في موازنة الصحة ستذهب لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية ودعم الأطباء.
الطب الوقائي
وأوصت اللجنة بإضافة مبلغ مليار جنيه بالباب الثانى بموازنة قطاع الطب الوقائى لشراء مستلزمات الوقاية والحماية الخاصة بالأطباء لوقايتهم من الإصابة بفيروس كورونا المُستجد، وأوصت بإضافة مبلغ 500 مليون جنيه لصالح مستشفيات وزارة الصحة والسكان، و1.5 مليار جنيه بالباب الثانى من موازنة المستشفيات الجامعية لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، و500 مليون جنيه لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، و500 مليون جنيه لحافز الجودة للمعلمين بالصفين الثالث والثانى الابتدائى".
التحديات
وحول مدى كفاية تلك الزيادات للتحديات التي تواجه هذين القطاعين في الفترة المقبلة، لاسيما وأن وزارتى التعليم والصحة طالبتا بمبالغ أكبر من تلك الزيادات بكثير، قال وكيل لجنة الخطة والموازنة، بالطبع تلك الزيادات ليست كافية، وانما هي المتاحة حاليا، ولكننا أعددنا عدة سيناريوهات للتعامل مع الأوضاع المقبلة في قطاعى التعليم والصحة حال حاجتهما لأى مبالغ أخرى.
وتابع عمر:"تهدف تلك السيناريوهات إلى توفير المبالغ المطلوبة للتعليم والصحة، من خلال إلغاء بعض البنود في الموازنة لصالح التعليم والصحة، وكذلك تتضمن تلك السيناريوهات توفير تلك المبالغ المطلوبة من بند الاحتياطي في الموازنة".
وحول أهم ملاحظات اللجنة على مشروع الموازنة المقدم من الحكومة، أوضح أن اللجنة لاحظت أن أغلب الجهات التي تقدمت بموازنتها لم تستطع استيفاء البيانات الخاصة بالأثر البيئي والاجتماعى والاقتصادي، رغم وجوبية وجود هذه البيانات في دراسات الجدوى للمشروعات.
كما لاحظت اللجنة وجود هيئة موازية لوزارة الاستثمار بإجمالي موازنة يقرب من ٢٠ مليون جنيه رغم عدم وجودها في الحقيقة بعد التغيير الوزاري الأخير الذي وافق عليه مجلس النواب بتاريخ ٢٢ ديسمبر ٢٠١٩.
وأوصت اللجنة بدراسة أسباب استمرار وجود هيئة موازية باسم وزارة الاستثمار واتخاذ اللازم حتى يتطابق الواقع مع الهيكل المؤسسى للدولة، وتابع: كما لاحظت اللجنة وجود هيئة موازنة باسم وزارة الدولة للآثار وأخرى باسم وزارة السياحة رغم أن التغيير الوزاري دمج الوزارتين لذا أوصت اللجنة باتخاذ اللازم لدمج الهيئتين لاتفاق الواقع مع الهيكل المؤسسى.
وأوضح النائب ياسر عمر شيبة وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن اللجنة أعدت دراسة وخطة عن خطوات تقشفية بالموازنة العامة الجديدة، من شأنها توفير مليارات الجنيهات حال تطبيقها، موضحا أن الموازنات السابقة كانت بها بنود غريبة مثل صرف الحوافز بشكل مبالغ فيه، مشيرا إلى أن اللجنة اكتشفت حصول أحد كبار الموظفين بالجهاز الإداري في أحد القطاعات، على ٧ ملايين جنيه تحت بند حوافز إضافية".
وتابع وكيل لجنة الخطة والموازنة:" هناك بنود أخرى غير مفهومة، وبنود المكافآت، والإحلال والتجديد للمكاتب وغيرها من البنود التي يمكن تخفيضها، ما يؤدى إلى توفير مليارات الجنيهات، وعلى الحكومة أن تبدأ بنفسها في سياسة التقشف، ولاسيما كبار الموظفين، قبل أن تبدأ في جمع أموال من صغار الموظفين.
نقلًا عن العدد الورقي..،