كتائب السد.. ميليشيات إلكترونية إثيوبية تنشر شائعات مضللة.. وتحاول زرع الفتنة بين القاهرة والخرطوم.. واستفزاز الجماهير الهدف
فيما يبدو أنها خطة متكاملة للحرب النفسية ضد مصر استخدمت فيها التهديدات بالحرب واصلت إثيوبيا محاولات إظهار الأمور على غير حقيقتها في ملف مفاوضات سد النهضة مستخدمة البيانات المضللة عن حقيقة ما دار في المفاوضات تارة والتصريحات العدائية تارة أخرى.
ميليشيات إلكترونية
البداية كانت مع مواقع التواصل الاجتماعي التي يعلم الجميع أنها لعبت خلال السنوات الأخيرة دور المؤثر في عدد من القضايا الدولية والمحلية منذ ظهورها وتوغلها في عمق المجتمعات في العالم.
وتحاول عدد من الحسابات الإلكترونية الإثيوبية على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا فتح جبهة جديدة للنزاع في قضية سد النهضة من خلال إنشاء صفحات وحسابات باللغة العربية تتحدث عن القضية بشكل يوحي بفرض إثيوبيا الأمر الواقع على السودان ومصر ويساعد على دفع الحسابات والصفحات الإثيوبية الناطقة باللغة العربية خلال الفترة الأخيرة التصريحات الرسمية الإثيوبية التي تعطي لهم طرف الخيط لنشر معلومات غير حقيقية لاستفزاز المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأهمها ما قاله أحد المسئولين العسكريين في الجيش الإثيوبي حول اعتماد مصر لسياسة العداء والتلويح بالقوة ضد بلاده مؤكدًا في حديث لصحيفة محلية استعداد بلاده للدفاع عن نفسها ضد مصر حتى النهاية ، وهو التصريح الذي سبقه وتلاه ترويج الحسابات الإثيوبية لأخبار وصور حول قدرات الجيش الإثيوبي وما يمتلكه من منظومات دفاع جوي وصواريخ موجهة لا أحد يعلم عن حقيقتها شيئًا ، وإن كانت موجودة فعلًا أم محض دعاية وخيال.
وفي عدد من المجموعات المغلقة التي تجمع عددا من المواطنين في دول حوض النيل من ضمنها مصر والسودان وإثيوبيا بدأت عدد من الحسابات تروج لافتقاد مصر لأوراق الضغط في القضية وأن إثيوبيا ستدفع الوضع إلى حيث تريد وهي نغمة يعاونها فيها بعض الحسابات بأسماء مواطنين سودانيين يحاولون الترويج إلى تحالف إثيوبي سوداني على مواقع التواصل الاجتماعي لتأييد ملء سد النهضة دون اتفاق مسبق.
ومن أبرز تلك الحسابات التي تروج لتلك الأفكار وتحاول الوقيعة بين الشعبين المصري والسوداني وإظهار السودان في موقف العداء لمصر حساب يدعى Aym Aym وهو لشخص إثيوبي يتواجد على كافة المجموعات التي تناقش قضية سد النهضة وعلى حسابات عدد من الخبراء المصريين المعنيين بقضايا أفريقيا والمياه.
ويظل هذا الحساب مثالًا على المحاولات الإثيوبية للترويج لعدد من الأفكار الهدامة للعلاقات المصرية السودانية ومحاولة تعزيز فكرة أن نهر النيل حبشي والسد على أرض إثيوبية ولن يكون هناك قرار لأحد في ملء وتشغيل السد إلا لإثيوبيا ويتم ترويج كل ذلك باللغة العربية في جميع المجموعات والحسابات التي تضم مصريين وسودانيين.
بداية النشاط
وبدأ النشاط الإثيوبي باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي يزداد مؤخرًا مع وصول قضية سد النهضة إلى مراحل مفصلية وتحرك مصر الدبلوماسي النشط في أفريقيا والعالم العربي ، ومؤخرًا لدى مجلس الأمن ورفض القاهرة العودة إلى المفاوضات بالأسلوب الإثيوبي المتبع خلال السنوات التسعة الماضية الذي يعتمد على إضاعة الوقت ومحاولة فرض الواقع.
كما تأسس مؤخرًا عدد من الصفحات للحديث عن إثيوبيا باللغة العربية منها إثيوبيا ، إثيوبيا بالعربي ، Etheopiana- Arabic وجميعها تسعى في الفترة الحالية للترويج إلى قوة الجيش الإثيوبي والدفع إلى الترويج أن مصر تعتدي على الحقوق الإثيوبية في التنمية واستغلال مواردها الوطنية ، كما تعمل تلك الحسابات حاليا على بث الفتنة بين مصر ودولة جنوب السودان من خلال الترويج على أوسع نطاق لخبر لم ينسب إلى أي مصدر نشره أحد المواقع الإلكترونية المحسوبة على المعارضة في جنوب السودان حول تخصيص قاعدة عسكرية لمصر في جنوب السودان على قرب من موقع سد النهضة وهو ما نفته خارجية جنوب السودان مؤخرًا.
وشهد أيضًا احتفاء وترويج من الحسابات والصفحات الإثيوبية الناطقة باللغة العربية في محاولة لادعاء دعم جنوب السودان لإثيوبيا وحقها في استغلال الموارد ودخلت الكتائب الإلكترونية الإثيوبية مؤخرًا في الترويج لمسألة غرق مدينة حلفا السودانية بسبب ملء السد العالي والتحدث عن حقوق النوبيين في محاولة لإثارة مشاعر السودانيين ضد مصر في ظل بدء تغير الموقف السوداني في قضية سد النهضة وبحثه عن مصالحه بشكل بعيد عن المصالح الإثيوبية ولا سيما الخطاب الأخير الذي وجهه السودان إلى مجلس الأمن يرفض فيه أي تحركات أحادية في ملف سد النهضة إيماء للحديث الإثيوبي المستمر عن ملء السد دون اتفاق.
زرع الفتنة
ومن جانبه كتب الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أن الصفحات الإثيوبية باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي مكلفة بعدة مهمات واضحة وهي الدفاع عن السد الإثيوبي والهجوم على مصر والتشويش المستمر ودق الأسافين في العلاقات المصرية السودانية بترديد معلومات مغلوطة واختلاقها في كثير من الأحيان.
وأضاف أن الكتائب الإلكترونية الإثيوبية تستهدف إشعال المعارك الكلامية واستدراج رواد السوشيال ميديا من السودان ومصر إلى التورط في ملاسنات حادة لتعميق الفجوة بين البلدين ونقلها إلى المستوى الشعبي المصري الذي ما زال يحمل مشاعر طيبة وودية تجاه الأشقاء في السودان.
عناصر إخوانية
وكشف رسلان أن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الصفحات يديرها ويدير المحتوى المتضمن فيها عناصر إخوانية سودانية ومصرية تحت إشراف مكتب الجزيرة لشئون القرن الأفريقي ومقره في أديس أبابا.
ومن جانبه قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضي والمياه بجامعة القاهرة إن الكتائب الإلكترونية الإثيوبية تحاول الترويج لمعلومات غير صحيحة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب سلوكهم المستمر في السخرية من الآراء والحقائق التي نطرحها على حساباتنا الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وهي وسيلتهم الوحيدة للمواجهة لأنهم لا يملكون الحجة للرد ويتضررون من الحقائق التي نكشفها دائمًا وهم يشعرون خلال الفترة الأخيرة بأن مصر لن تقبل بأي تصرفات أحادية من جانب إثيوبيا وهو ما جعل لهجتهم أكثر توترًا وخوفًا.
وكشف أن إثيوبيا دولة ضعيفة وفقيرة وهشة مقارنة بمصر وتحاول أن تعوض تلك النقائص من خلال لجان إلكترونية على فيس بوك تردد مع بعض السودانيين نغمة أنه يمكنهم ضرب السد العالي ، وهي أفكار تدلل على الجهل لأنهم ليس لديهم أي قدرات عسكرية تؤهلهم لأعمال عسكرية كبيرة.
والدليل هزيمتهم على مدار ١٥ سنة من الإريتريين واستقلالهم عنهم وخسارتهم لتواجدهم في الصومال إلى جانب أنهم لا يعلمون أن السد العالي ليس سدًا خرسانيًا ضعيفًا مثل سد النهضة ولكنه سد ركامي من حجارة الجبال ومؤمن ضد القنابل النووية وليس صواريخ ضعيفة وبالتالي فأفكارهم التي يروجونها لا تحمل أي منطق أو عقل.
مفاوضات سد النهضة
تجدر الإشارة إلى أن جولة المفاوضات التي تم استئنافها في 10 يونيو الجاري شهدت استجابة من مصر للمبادرة السودانية للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد رفض مصري سوداني مشترك لعرض إثيوبي لكيفية ملء وتشغيل سد النهضة نظرًا لمخالفة هذا المقترح لكل الثوابت التي تم الاتفاق عليها خلال سنوات التفاوض الماضية وفق بيان المتحدث الرسمي باسم وزارة الري المصرية.
وقال الدكتور محمد نصر علام وزير الموارد المائية والري الأسبق: إن عدم التزام إثيوبيا بما تم الاتفاق والتفاوض عليه مسبقًا من كيفية التشغيل وتمرير التصرفات الطبيعية للنهر من السد واقتطاع جزء منه لإثيوبيا عندما تحتاجه وعدم صرف أي كميات من المخزون في سنوات الجفاف فوق تصرفات النهر في سنوات الجفاف لا يمكن لمصر أن تقبله أو أن تتعايش معه في كل الأحوال.
وأكد أن المقترح الإثيوبي الجديد المرفوض من مصر والسودان يهدد مصر بالتعرض لموجات جفاف تدمر الأخضر واليابس مثلما كان الحال قبل بناء السد العالي كما أن تداعياته سلبية على مياه الشرب والصناعة والملاحة وغيرها ولا تستطيع مصر تحملها أو التعايش معها.
نقلًا عن العدد الورقي...