رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا مهد العنصرية.. بدأت بتجارة الرقيق.. اضطهاد السود كشف عن وجهها القبيح ودفاعها عن الحريات تضليل.. ولوثر كينج بداية التحرر 

جورج فلويد
جورج فلويد

تؤثر العنصرية على كل جوانب الحياة الأمريكية بدءًا من السياسة والاقتصاد وبدءًا من الفوارق الصحية مرورًا بمجموعة الآليات والممارسات الخفية والمؤسسية التي تبدو غير عرقية ولكنها تشكل النظام العنصري لأمريكا ثم حقبة أوباما التي وصفها الكثيرون بأنها كانت "جزءًا من العنصرية الجديدة وفترة عمى الألوان والتبريرات الادعائية".

 

جورج فلويد

وأخيرا وليس آخر مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة فخرج المتظاهرون للشوارع للاحتجاج على مقتل فلويد وأضرموا النيران في سيارات الشرطة وأطلق ضباط الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود وعمت الفوضى بلاد العم سام.

الرقيق الأسود

تطورت النزعة العنصرية الأمريكية التي بدأت بتجارة الرقيق الأسود ثم مرت بالكثير من التطورات ولعلها بلغت أوجها عام 1954 حينما أعلنت المحكمة العليا أن الفصل العنصري بين المدارس العامة غير قانوني لكن قوبل ذلك القرار باعتراض السكان البيض ولأول مرة تدخل وقتئذ الرئيس دوايت دي أيزنهاور وأرسل الحرس الوطني جوًا لفرض الدمج المدرسي ودخل الطلاب السود تحت حراسة مدججة بالسلاح وهي المرة الأولى التي وفرت فيها القوات الحماية للأمريكيين السود ضد العنف العنصري.

وحدث الكثير من المناوشات العنصرية حتى هدأت الأمور في سبتمبر 1962 وبدأ الأمريكيون قبول الأفارقة بأعداد صغيرة في الكليات والجامعات دون وقوع حوادث.

وعلى الرغم من من الكلمات الملهمة للثوري مارتن لوثر كينج جونيور في نصب لنكولن التذكاري خلال المسيرة التاريخية في واشنطن في أغسطس 1963 إلا أن العنف ضد السود استمر وفي منتصف سبتمبر من نفس العام قام البيض بقصف الكنيسة في شارع 16 في برمنهام خلال عظة الأحد ما أدى لوفاة 4 فتيات أمريكيات من أصل أفريقي في الانفجار وكان تفجير الكنيسة هو الثالث خلال 11 يومًا بعدما أمرت الحكومة الفيدرالية بدمج النظام المدرسي في ألاباما.

مارتن لوثر كينج

وتم اعتقال مارتن لوثر كينج وأثناء وجوده في السجن كتب رسالة إلى الوزراء البيض يبرر قراره بعدم إلغاء المظاهرات في مواجهة استمرار إراقة الدماء على أيدي الشرطة وفي رسالته صور "كينج" الأطفال الذين تعرضوا للهجوم من قبل كلاب الشرطة ما أرسل صدمة حول العالم وساعد على بناء دعم حاسم لحركة الحقوق المدنية للسود.

وفي 28 أغسطس 1963 شارك 250 ألف شخص في أكبر مسيرة بالعاصمة واشنطن وكان آخر ظهور لـ"مارتن لوثر كينج" بمؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية وقال: "لدى حلم أن أطفالي الأربعة الصغار سيعيشون ذات يوم في أمة حيث لن يتم الحكم عليهم من خلال لون بشرتهم ولكن من خلال محتوى شخصياتهم".

بعد واقعة "الميسيسيبي" في يونيو 1964 وتخفيف الحكم بالسجن على المدانين في قضية مقتل 3 من المواطنين الأمريكيين السود.. في فبراير عام 1965 أطلق جندي النار على متظاهر أمريكي من أصل أفريقي وانطلقت مسيرة من 600 متظاهر وتعرضوا لهجوم من قبل عناصر الشرطة الذين استخدموا السياط والعصي والغاز المسيل للدموع في مشهد وحشي أثار غضب العديد من الأمريكيين.

في أغسطس عام 1965 وبعد سنوات من المعاناة أقر الكونجرس قانون حقوق التصويت للتغلب على الحواجز التي تمنع السود من ممارسة حق التصويت في الانتخابات وهذا القانون قلل لبعض الوقت حدة التوترات بين الناخبين السود والبيض.

وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي عاد الأمريكيون السود مرة أخرى للاعتراض وأعلنوا بوضوح أن المساواة الحقيقية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا تزال بعيدة المنال وظهر على السطح مصطلح "القوة السوداء" التي كانت شكلًا من أشكال تعريف الذات والدفاع عن النفس للأمريكيين الأفارقة.

وتحول لقب "القوة السوداء" إلى حركة ودعتهم إلى التوقف عن التطلع إلى مؤسسات أمريكا البيضاء التي يُعتقد أنها عنصرية بطبيعتها وأعلنت حماية السود من الوحشية البيضاء وحثهم الأمريكيين الأفارقة على تسليح أنفسهم وتلا ذلك اشتباكات مع الشرطة في عدة ولايات.

الإسكان العادل

وفي عام 1968 تم إقرار قانون "الإسكان العادل" الذي يمثل آخر إنجاز تشريعي كبير لعصر الحقوق المدنية للأمريكيين السود وفي يوم تصويت مجلس الشيوخ اغتيل مارتن لوثر كينج فازداد الضغط لتمرير مشروع القانون وأقر مجلس النواب قانون الإسكان العادل.

وفي 4 أبريل 1968 أصيب العالم بالحزن بعدما قتل ناشط الحقوق المدنية والفائز بجائزة نوبل مارتن مارتن لوثر كينج جونيور بالرصاص عندما كان يدعم إضراب عمال الصرف الصحي وفتحت وفاة كينج شرخًا كبيرًا بين الأمريكيين البيض والسود وفي أكثر من 100 مدينة كان هناك عدة أيام من أعمال الشغب والحرق والنهب.

وفي محاولة لتهدئة الرأي العام الأسود الأمريكي تم القبض على القاتل وحكم عليه بالسجن لمدة 99 سنة ولكن استمر الكثيرون في الاعتقاد بأن المحاكمة السريعة كانت تستر على مؤامرة أكبر ما أدى إلى تطرف العديد من النشطاء الأمريكيين الأفارقة المعتدلين مما غذى نمو حركة "القوة السوداء" وحزب "النمر الأسود".

بحلول أوائل السبعينيات ظهرت العديد من الحركات النسوية الأمريكية من أصل أفريقي وفي عام 1978 دعا الرئيس جون كينيدي إلى توظيف المزيد من الأمريكيين الأفارقة.

وفي عام 1986 ظهرت المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري وأطلقت برنامجها الحواري المشترك وفي مارس 1991 أطلق 4 ضباط شرطة النار على رجل أمريكي من أصل أفريقي بعدما اعتدوا عليه بالضرب وطالب الكثيرون بإقالة رئيس شرطة لوس أنجلوس ومحاكمة الضباط لكن في في أبريل 1992 وجدت هيئة المحلفين أن الضباط غير مذنبين وأثار الحكم غضب الأمريكيين خاصة من أصل أفريقي وقتلت الشرطة 55 شخصا خلال أعمال الشغب وقدرت الخسائر بنحو مليار دولار.

وفي تطور في سير الأحداث تولى كولين بأول رئيس هيئة الأركان المشتركة من 1989 إلى 1993 كأول أمريكي من أصل أفريقي يشغل هذا المنصب وبعد تقاعده من الجيش في عام 1993 بدأ اسمه يطفو على السطح كمرشح رئاسي محتمل وسرعان ما أصبح لاعبا بارزا في الحزب الجمهوري.

وفي عام 2001 عين جورج دبليو بوش أول وزير للخارجية جاعلًا منه أول أمريكي من أصل أفريقي يشغل منصب الدبلوماسي الأمريكي الأعلى وسعى بأول إلى بناء دعم دولي للغزو الأمريكي المثير للجدل للعراق في عام 2003 وألقى خطابًا بالأمم المتحدة بشأن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل واستقال بعد إعادة انتخاب بوش عام 2004.

وفي تعيين آخر خلفت كوندوليزا رايس مستشارة بوش الخارجية للسياسة الخارجية والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي بأول لتصبح أول امرأة أمريكية أفريقية تعمل وزيرة للخارجية وتصدّر بأول عناوين الصحف خلال الحملة الرئاسية لعام 2008 عندما انفصل عن الحزب الجمهوري لتأييد باراك أوباما.

أوباما

وفي 20 يناير 2009 تم تنصيب باراك أوباما كرئيس 44 للولايات المتحدة وهو أول أمريكي من أصل أفريقي يشغل هذا المنصب رافعا شعار "نعم نستطيع".

في 2012 ظهر مصطلح "الحياة السوداء مهمة" ردًا على تبرئة جورج زيمرمان رجل فلوريدا الذي أطلق النار وقتل أحد المواطنين من أصل أفريقي ما أثار احتجاجات وطنية واستمرت سلسلة من الوفيات بين الأمريكيين السود على أيدي ضباط الشرطة في إثارة الغضب والاحتجاجات.

وفي 25 سبتمبر 2016 ظهرت مرة أخرى حركة Black Lives Matter عندما ركع لاعبو سان فرانسيسكو خلال النشيد الوطني قبل المباراة ضد سياتل سي هوكس للفت الانتباه إلى الأعمال الوحشية الأخيرة للشرطة.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية