رئيس التحرير
عصام كامل

لمؤاخذة (خلي روحك رياضية)

فشلت في تأصيل هذه المقولة (خلي روحك رياضية) فلم أعرف قائلها أو متى قيلت لكننا شببنا عليها وطالما رددناها كمضاد لكلمة (عيب) أما مرادفاتها فكثيرة، منها التحلي بالصبر، وسعة الصدر، وعدم الإنفلات في القول أو الفعل، والتسامح، وقبول الهزيمة، فاليوم أنت المهزوم.. وغداً أنت المنتصر.

رسخ لهذه المقولة الراحل محمد لطيف وتبعه باقي المعلقين، لذلك ارتبطت (خلي روحك رياضية) في أذهان الجميع بما يدور في الملاعب من سلوكيات للاعبين والجماهير، وتجلت الروح الرياضية في ممارسات نجوم قطبي الكرة المصرية في السابق (الأهلي والزمالك) فإذا شعر نجوم الفريقين بإنفلات في المدرجات وسمعوا هتافات غير لائقة، توجهوا إلى الجماهير لتهدئتهم..

ومشاهد ارتداء محمود الخطيب فانلة نادي الزمالك وإرتداء حسن شحاته وفاروق جعفر فانلة النادي الأهلي ما زالت عالقة في الأذهان، مشاهد كانت تحمل رسالة مفادها أن الرياضة يحكمها إطار أخلاقي رغم شراسة المنافسة، نفس الأخلاقيات يمارسها اللاعب عندما يعتذر لزميله، أو يهم بمساعدته في الوقوف بعد السقوط على الأرض، أو الاستجابة لقرارات الحكام، أو مصافحة لاعبي الفريقين بعضهم لبعض قبل وبعد المباريات.

 اقرأ ايضا: عبيط القرية

اليوم.. تبدل الحال، وأصبحت الروح الرياضية مرادفاً لكلمة (عيب) وأصبح الشاهد على الانفلات الأخلاقي والضغينة وتبادل السباب هو ما تمارسه قلة من الرياضيين أو المنتسبين للساحة الرياضية مساءً وصباحاً على الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي.

اليوم.. لم تستطع الأسرة المصرية الجلوس أمام بعض البرامج الرياضية بسبب خدش الحياء الذي أصبح عادة، وصرنا نحن الكبار نتسلل إلى غرف مغلقة لنتابع وصلات السباب و(الردح) اليومية، لكن الطامة الكبرى أن ما نخشى على الصغار من متابعته على الشاشة قد يلاقيهم على مواقع التواصل الإجتماعي، لذلك أصبح من الطبيعي المطالبة بوضع لافتة (للكبار فقط) على برامج الرياضة التي لم تعد تستحي من قاذورات تلقيها في وجه المشاهد.

اليوم.. نشاهد نجوم الرياضة ورؤساء نوادي وأعضاء مجلس إدارة يحرضون الجماهير، ضاربين عرض الحائط بواقع غير مسبوق يستوجب التفافة الجميع لتنجو مصر من أعداء يهددون حدودها، ومغرضين يحرضون على سرقة مياه نيلها.

 

اقرأ ايضا: لا تظلموا الشعب

 

الروح الرياضية لم تعد رحابة صدر أو تسامح أو عفو وإعتذار، فقد حولها الكبار إلى خوض في الأعراض، وكشف ستر بيوت وقذف محصنات وسباب وبلطجة وتهديد وإتهامات بشذوذ جنسي، ثم نلوم الصغار على سلوك خاطئ، وننصب المشانق للاعب صدرت منه إيماءة جنسية، أو تحدث بطريقة غير لائقة مع زميل له، متناسين أن سلوك الصغار نتيجة طبيعية لإنفلات الكبار.

 

الرياضية في مصر تحتاج إلى إعادة صياغة، لإزالة الخلايا السرطانية التي تهدد إستمرارها، وتنذر بكارثة نحن في غنى عنها، فمن غير المعقول أن يستمر هذا الهراء على الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي دون عقاب لمتطاول أو مستهتر. الرياضة في مصر أصبحت برامج للمكايدات، وفشل في أغلب المسابقات.

besheerhassan7@gmail.com

 

الجريدة الرسمية