رئيس التحرير
عصام كامل

عم عباس.. رحلة الـ 80 عامًا في صناعة الكليم.. زوجته وأحفاده عصاه التي يتوكأ عليها.. ويكشف فرق الأسعار بين الحاضر والماضي

عم عباس حسن عبدالله
عم عباس حسن عبدالله

طوال عدد كبير من السنوات لا يتذكرها عم عباس على وجه التحديد اعتاد العجوز الثمانيني الاستيقاظ في تمام السادسة صباحًا هناك حيث يعيش أعلى ضفاف التلة الجبلية بقرية الجبلاو التابعة لمدينة قنا ممسكًا بعصا خشبية يتوكأ عليها يدخل غرفته الخاصة المكونة من 4 جدران ويعلو سقفها البوص وألواح الخشب القديمة.

 

ينزل إلى أسفل الأرض يضع قدمه على نوله الخشبي يحرك بأنامله وجسده النحيل محركاته وتتداخل الألوان بين عدد من السدوة تصل إلى 350 خيطًا ليصنع منها أجمل الأشكال الخاصة بصناعة الكليم (النول الصعيدي) تساعده في ذلك زوجته ورفيقة دربه بالإضافة إلى أحفاده الصغار الذين يختارون الألوان والخيوط وينظمون كرات الأقمشة التي يصنع منها الكليم الذي يفترش ساحات المشايخ ودوار العمد ودور المناسبات للأفراح أو العزاء.

البداية

لا يهتم عم عباس حسن عبد الله وشهرته "عباس التاجر" كثيرًا بديانة من يعملن معه من الفتيات ويرفض التفرقة بينهن تتعلم على يده المسيحية والمسلمة ويرفض التفرقة والتصنيف قائلًا: "كلا نحيا تحت سماء واحدة والدين للديان".

يسترجع عم عباس بداياته مع صناعة الكليم قائلًا: "تعلمت العمل على النول بعد أن أنهيت دراستي الابتدائية في عام 1950 والتحقت بمركز التدريب المهني بجوار المحطة ، كان به ثلاثة أقسام "السجاد والكليم والنسيج وخزران".

وأضاف: "تعلمت على يد أحد أبناء مدينة نجع حمادي حتى وصلت إلى درجة الاحتراف وكنت أجلس على النول عند قيام ثورة يوليو وحتى يومنا هذا أعمل بتلك الحرفة وأعلم الفتيات والسيدات وحتى الشباب الذي يرغب في ذلك".

وأشار إلى أنه كان يشتري الكرات والخيوط من شارع كلوت بك درب البسبوس من أحد التجار هناك، وكانت البضائع تصل إليه عن طريق البريد "البوسطة" لكن كان في ذلك عناء كبير وهو ما جعله يفكر في عملها بشكل يدوي.

وتابع: "بدأت العمل وشراء "بكرات الخيط" من شخص يدعي فوزي بشارة من نقادة وكنت أصنعه بيدي وتصل عدات السدوة إلى 350 خيطًا بها وكنت أعمل على النول بمفردي بل وأقوم بتصنيعه لأي شخص يرغب في ذلك دون أي مساعدة من أحد لكن عقب ضعف البصر أطلب مساعدة زوجتي وأحفادي الصغار للتمييز بين الألوان أو مناولة خيط أو كرات القماش".

الأسعار

الأسعار اختلفت كثيرًا عن السابق وفقًا لعم عباس: "هذا الكليم كنت أقوم بتصنيعه وبيعه بنحو 10 قروش وهو ما يعني أن الـ10 كليمات بجنيه واحد أما اليوم فقد وصل سعر الكليم إلى 30 جنيهًا ولكن للسيدة المعيلة لها سعر مختلف فالست اللي عاوز تسترزق وتأكل بالحلال ببيعه لها بـ25 وهي تبيعه زي ما هي عاوزة".

وأوضح أن الطلب تراجع كثيرا على الكليم: "كنت أعمل ليل نهار وسط تزايد الطلب عليه ولكن في الفترات السابقة اختلف الوضع كثيرًا ولكن هناك البعض الذي يعشق هذا النوع وهذا الفن من التراث الصعيدي الأصيل خاصة أن سعره بالمقارنة بالأسعار للمنتجات الأخرى مناسب".

وعند سؤاله عن عمل أبنائه بالمهنة ابتسم وقال: "أبدًا محدش منهم وافق يشتغل معايا كلهم اتعلموا وأكبر أبنائي مواليد 1963 والآخر 1966 وعددهم سبعة أبناء ومنهم مهندس ومدرس والفتيات تعلمن وتزوجن".

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية