في ذكرى انطلاق أولى رحلاته.. كيف وصف ابن بطوطة النيل والأهرامات؟
تحل اليوم السبت الموافق 12 يونيو الجاري، ذكرى انطلاق ابن بطوطة في أول رحلة له حول العالم من مسقط رأسه بمدينة طنجة في المغرب، متجهًا إلى مكة لأداء فريضة الحج، حيث كان ذلك عام 1325 م.
واستغرقت رحلات ابن بطوطة حول العالم قرابة التسعة وعشرين عاما ونصف العام، حيث زار كل بلاد العالم المعروفة في عصره، وطاف فيها بقارتي آسيا وإفريقيا وجزء من قارة أوروبا.
وفي رحلاته تلك، مر ابن بطوطة على مصر وزار أعلام مدنها وآثارها ومعالمها، حيث دون رحلته لمصر ضمن كتابه الذي جاء بعنوان "رحلة ابن بطوطة.. تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، حيث ذكر فيه مدن مصر ومساجدها ونيلها وأهراماتها وعادات أهلها والمشهور عنهم.
ومما ذكره ابن بطوطة في كتابه عن نهر النيل: "ونيل مصر يفضل أنهار الأرض عذوبة مذاق واتساع قطر وعظم منفعة، والمدن والقرى بضفتيه منتظمة، ليس في المعمور مثلها، ولا يعلم نهر يزرع عليه ما يزرع على النيل، وليس في الأرض نهر يسمى بحرا غيره، قال تعالى (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم) فسماه يما وهو البحر".
وعن عجائب نهر النيل يصف ابن بطوطة قائلا: "ومجرى النيل من الجنوب إلى الشمال خلافا لجميع الأنهار، ومن عجائبه ان ابتداء زيادته في شدة الحر عند نقص الأنهار وجفوفها، وابتداء نقصه حين زيادة الأنهار وفيضها، ونهر السند مثله في ذلك".
ويتابع: "وأول ابتداء زيادته في حزيران وهو يونية فإذا بلغت زيادته ستة عشر ذراعا تم خراج السلطان، فإن زاد ذراعا كان الخصب في العام والصلاح التام، فإن بلغ ثمانية عشر ذراعا أضر بالضياع، وأعقب الوباء، وإن نقص ذراعا عن ستة عشر نقص خراج السلطان وإن نقص ذراعين استسقى الناس وكان الضرر الشديد".
أما ما ذكره ابن بطوطة عن الأهرامات خلال رحلته ومروره بمصر فيقول :" هي من العجائب المذكورة على مر الدهور، وللناس فيها كلام كثير، وخوض في شأنها وأولية بنائها، ويزعمون أن العلوم التي ظهرت قبل الطوفان، أخذت من هرمس الأول الساكن بصعيد مصر الأعلي، ويسمى أخنوخ وهو إدريس عليه السلام، وأنه أول من تكلم في الحركات الفلكية، والجواهر العلوية وأول من بنى الهياكل، ومجد الله تعالى فيها، وأنه أنذر الناس بالطوفان، وخاف ذهاب العلم، ودروس الصنائع فبنى الأهرام والبرابي، وصور فيها جميع الصنائع والآلات ورسم العلوم فيها لتبقى مخلدة".
وتابع: "والأهرام بناء بالحجر الصلد المنحوت متناهي السمو مستدير متسع الأسفل، ضيق الأعلى كالشكل المخروط، ولا أبواب لها، ولا تعرف كيفية بنائها".
ويضيف: "ومما يذكر في شأنها أن ملكا من ملوك مصر قبل الطوفان، رأى رؤيا هالته، وأوجبت عنده أنه بنى تلك الأهرام بالجانب الغربي من النيل لتكون مستودعا للعلوم وجثث الملوك، وأنه سأل المنجمين، هل يفتح منها موضع، فأخبروه أنها تفتح من الجانب الشمالي، وعينوا له الموضع الذي تفتح منه، ومبلغ الإنفاق في فتحه واشتد في البناء فاتمه في ستين سنة، وكتب عليها في ستين سنة فليهدمها من يريد ذلك في ستمائة سنة، فإن الهدم أيسر من البناء".
الرحالة ابن بطوطة